خبر تفتح في حالة الطواريء .. معاريف

الساعة 12:02 م|17 أغسطس 2012

بقلم: ساره ليفوفتش - دار

(المضمون: ست قواعد تخزينية أمريكية تحوي معدات بقيمة مليار دولار توجد في اسرائيل لحالة الطواريء، لا تستخدم الا بإذن من امريكا، ولكنها تؤخذ بالحسبان اسرائيليا عند التخطيط لاي عمل لانها عند حاجتها الماسة فان اسرائيل ستستخدمها حتى دون إذن امريكي - المصدر).

حين تقرع طبول الحرب في أرجاء الشرق الاوسط، فان التعاون مع الحليف الاهم لاسرائيل يلقى معنى أهم من أي وقت مضى. الجيش الاسرائيلي هو بالطبع جيش قوي، ومستقل، ولكن في حالة مواجهة واسعة، حتى لاسرائيل كقوة عظمى اقليمية قد تنتهي الذخيرة. ست قواعد امريكية سرية تنتشر في كل أرجاء البلاد. وهي مليئة، حسب منشورات أجنبية، بالذخيرة، القنابل الذكية، الصواريخ، المركبات من أنواع مختلفة ومستشفى عسكري مع 500 سرير. اذا اضطرت اسرائيل بالفعل الى العمل في ايران، سواء لوحدها أم بالتعاون مع الولايات المتحدة، فثمة احتمال معقول عال لان تضطر الى الخلفية الاستراتيجية في شكل تلك القواعد المليئة بكل ما لذ وطاب.

القواعد، التي حسب منشورات أجنبية توجد في هرتسيليا بيتوح، في مطار بن غوريون وفي قواعد سلاح الجو عوفدا نبطيم، مليئة بالمعدات الغالية بمبلغ يفوق مليار دولار. "هذه المخازن لا تشكل الاعتبار المركزي لمن يقرر الخروج الى حرب، ولكن هذا بالتأكيد يوجد في منظومة الاعتبارات"، يقول دافيد عبري، الذي كان قائدا لسلاح الجو مع بدء المفاوضات مع الامريكيين على اقامة المخازن وفي وقت لاحق المدير العام لوزارة الدفاع والسفير الاسرائيلي في الولايات المتحدة.

لعشر سنوات استمرت المفاوضات بين اسرائيل والولايات المتحدة على اقامة مخازن الطواريء في اسرائيل. فقد طالب الاسرائيليون في مخازن كبرى مليئة بمعدات ثقيلة وبدبابات، اما الامريكيون فوافقوا في البداية على أن يخزنوا فيها فقط معدات طبية. في بداية التسعينيات بدأت الولايات المتحدة باقامة المخازن، بعضها، حسب منشورات اجنبية، مبنية في أقبية تحت أرضية. وتعرف محافل اسرائيلية رفيعة المستوى، مثل الامريكية  ايضا قواعد الطواريء جيدا واهميتها الكبيرة بالنسبة لمنظومة القتال الاسرائيلية. في بيان خاص صدر قبل ثلاثة اسابيع ذكر البيت الابيض وجودها مرة اخرى. فقد جاء في البيان بان "القوات الاسرائيلية تتمتع بقدرة وصول الى مخازن الطواريء الامريكية". ويقول وزير الدفاع ايهود باراك في أحاديث علنية في وزارة الدفاع انه عند الطواريء ستسمح الولايات المتحدة لاسرائيل باستخدام المعدات من مخازن الطواريء.

"حقيقة أنه توجد لنا مخازن كهذه بالتأكيد تحسن احساسنا"، يقول داني ياتوم، الذي كان رئيس شعبة التخطيط في هيئة الاركان في الفترة التي بدأت فيها الولايات المتحدة تبني المخازن في اسرائيل. "كنت مع المخازن. احساسي كان بان هذه فكرة جيدة. هذه المخازن تعطينا الاحساس بان لدينا معدات أكثر مما لدينا حقا. الاحتياطي عندنا لم يكن في اي مرة من المراة كافيا، الحرب التي تطول قد تؤدي الى نقص في القذائف، في القنابل وفي معدات اخرى، ولكن الاحتياطي دوما يقلص في ميزانية الدفاع. وعندما يكون السؤال هو هل ملء المخازن أم تحويل الاموال للتدريب أم لشراء الطائرات الصغيرة بدون طيار أم الدبابات، بشكل عام المخزون يوجد في المكان الاخير. المخازن الامريكية تسهل لتخطيط الاعمال العسكرية لانه في كل عملية يمكن ان تحتسب ايضا المعدات الامريكية. بشكل رسمي محظور علينا استخدام هذا الا بإذن امريكي. ولكن بالتأكيد يحتمل أن تمر في رأس احد ما الفكرة في أنه اذا ما احتجنا لهذه المعدات احتياجا شديدا، والامريكيون لم يأذنوا لنا بالوصول الى مخازن الطواريء، فاننا سنأخذ هذا في كل الاحوال".

في كتاب "اسماء سرية" الذي صدر في 2005، فصل الباحث العسكري وليم أركين، رجل الاستخبارات السابق، مكان قسم من القواعد الامريكية في اسرائيل. وكتب أركين بان هذه المواقع لا تظهر في الخرائط ومكانها الدقيق سري. بعضها يوجد، حسب الكتاب، في مطار بن غوريون، في نباطيم، في قاعدة عوفدا وفي هرتسيليا بتوح.  وترقم المواقع برقم 51، 53، 54، 55 و 56. بعضها مخازن تحت الارض، بعضها مبنية كبركسات مفتوحة. موقع 51، حسب أركين، يضم ذخيرة ومعدات في مخازن تحت أرضية. موقع 53 يوجد في قواعد سلاح الجو الاسرائيلي، موقع 54 هو مستشفى عسكري للطواريء قرب تل ابيب مع 500 سري، موقعا 55 و 56 هما مخزنا ذخيرة.

"اسرائيل بالتأكيد يمكنها أن تعتمد على مخازن الطواريء"، يقول هذا الاسبوع أركين لملحق "معاريف". "اسرائيل يمكنها ايضا ان تعتمد على أن تعمل الولايات المتحدة كما عملت في الماضي. المصلحة الامريكية هي ان يكون لخطوات اسرائيلية من طرف واحد أثرا سياسيا بالحد الادنى. اذا هاجمت ايران اسرائيل، ستوصي الولايات المتحدة بالتجلد، أما اذا هاجمت اسرائيل دون اطلاع الولايات المتحدة، فالادارة الحالية ستحاول منع التصعيد".

قبل ثماني سنوات كشفت "هتسوفيه" وجود قاعدة اخرى في حدود السامرة، قرب مدينة العاد، القاعدة، حسب "هتسوفيه" بنتها شركة المانية بتمويل أمريكي غربي الخط الاخضر. ويذكر ياتوم جيدا أعمال البنية التحتية التي نفذها الامريكيون. "سلاح الهندسة الامريكي بنى القواعد. معظم المقاولين كانوا امريكيين. كان هناك أيضا بعض الاسرائيليين الذين شاركوا في الاعمال، ولكن الفحوصات الامريكية كانت متشددة جدا، بحيث أن الاسرائيليين اسفوا على أنهم لم يأخذوا المشروع على عاتقهم".

طول نفس

        في اطار الاتفاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل، الاولى تمول صيانة القواعد والحراسة عليها. الجنود الاسرائيليون وشركات الحراسة الاسرائيلية يحرسون المنشآت بواسطة وسائل حراسة متطورة. ويشرف ضابط امريكيون من مقر "يوكم" في المانيا على الصيانة.

        وحسب موقع "يوكم"، يوجد 150 جندي امريكي في اسرائيل "في مهمات مختلفة". وبزعم الموقع ليس في اسرائيل قواعد امريكية، ولكن التعاون بين اسرائيل والولايات المتحدة يتضمن معدات عسكرية في اطار اتفاق WRS : مخازن احتياط عسكرية. وبالمناسبة، في فحص عادي اجري قبل خمس سنوات اشتكى المراقبون الامريكيو باهمال في الحراسة. على بعض الابواب لم تكن أقفال رقمية، في بعض المنشآت لم تكن كاميرات حراسة وغيرها من المعدات.

        فكرة اقامة مخازن طواريء امريكية في اسرائيل وضعها ارئيل شارون حين كان وزيرا للدفاع في بداية الثمانينيات. للولايات المتحدة توجد مخازن مشابهة في اوروبا، في السعودية وفي اماكن اخرى. واقترح شارون اقامة مخزون طواريء من الدبابات، حاملات الطائرات، الذخيرة والمعدات الطبية، بحيث تكون قريبة وفي متناول اليد للجيش الامريكي في حالة مواجهة في الخليج الفارسي. اضافة الى ذلك، قال، في ساعة الطواريء يمكن لاسرائيل أن تستخدم معدات الطوارىء الامريكية. في محادثاته مع الامريكيين شدد شارون على ان اسرائيل تطلب مخازن طواريء ولكنها ترفض مرابطة جنود امريكيين على اراضيها خشية "الاثر النفسي المضعف والاحساس بالتعلق غير السليم بعنصر اجنبي لحماية الدولة". ورأى شارون في القواعد ايضا فرصة اقتصادية. فقد اقترح ان تمول الولايات المتحدة كلفة الصيانة وتشتري جزءا من الذخيرة في اسرائيل. رئيس الوزراء مناحيم بيغن أيد الفكرة واعتقد بانه سيكون في قواعد الطواريء عمليا اعلان التزام امريكي حقيقي بامن اسرائيل.

        في حزب العمل عارضوا اقامة مخازن الطواريء بدعوى أن الامر قد يدفع اسرائيل الى أن تدافع عن الولايات المتحدة بشكل غير مباشر. دولة اسرائيل ملتزمة بالدفاع عن حدود الدولة فقط وليس عن مصالح امريكية، كما ادعت المعارضة. نواب من العمل خافوا من أن تكون قواعد الطواريء في اسرائيل هدفا لهجوم سوفييتي. الامريكيون ايضا لم يتحمسوا للفكرة. وزير الدفاع في تلك الفترة الكسندر هيغ، رفض التعهد وان كان أعرب عن اهتمام ببعض من الاقتراحات الاسرائيلية. فقد خشي الامريكيون من أن تمس مثل هذه القواعد بالعلاقات الامريكية مع العالم العربي. بالمقابل، فهموا الاهمية اللوجستية للقواعد بالذات في اسرائيل.

        خبير امريكي زار اسرائيل في بداية الثمانينيات قال لـ "نيويورك تايمز" ان ليس فقط اسرائيل أكثر تطورا من الدول العربية في المواضيع التكنولوجية، بل انه يمكنها ايضا أن تعرض خدمات صيانة وطب جيدة وزهيدة اكثر من تلك الامريكية. بحث للبنتاغون نشر في "نيويورك تايمز" في تشرين الاول 1981، وجد أن معدات عسكرية يمكن أن تصل من اسرائيل الى غرب اوروبا والخليج الفارسي بسرعة. فحسب البحث يمكن للولايات المتحدة أن تنقل من اسرائيل الى السعودية 70 الف طن من المعدات في غضون 11 يوما. نقل مشابه من ميناء راس بناس في مصر سيستغرق عشرة أيام. ثمانية ايام من عُمان، اسبوعين من الصومال، 22 يوما من كينيا، 27 يوما من دييغو غارسيا على شاطيء المحيط الهندي و 77 يوما من الولايات المتحدة. المسافات الى اوروبا اقصر، ولكن هنا ايضا لاسرائيل ميزة هامة. نقل المعدات من اسرائيل الى ميونخ يستغرق 11 يوما، من مصر 12 يوما، من عُمان ومن الصومال 20 يوما، اما من الولايات المتحدة فـ 24 يوما.