خبر الأردن : خالد مشعل وسيط لصالح الدولة مع الأخوان

الساعة 08:05 ص|17 أغسطس 2012

القدس العربي

الرسالة اليتيمة التي كانت تصل للرئيس السياسي لحركة حماس خالد مشعل عندما كان في دمشق ويسعى لأي تواصل من أي نوع مع عمان تلك التي تطالبه حصريا بعدم التدخل في الشؤون الأردنية الداخلية.
مرارا وتكرارا سمع مشعل قبل التحولات الأخيرة في المنطقة هذه الإسطوانة التي تعتبر تدخلاته المفترضة في الشأن الداخلي الأردني هي المانع الطبيعي لعلاقات دافئة من أي وزن بين الحركة وحكومة عمان.
مؤخرا فقط إختلف الأمر تماما فقد تحول مشعل من زعيم لفصيل فلسطيني محظور عليه التدخل في الساحة الداخلية إلى 'صديق سياسي' يمكن أن يطلب منه وعدة مرات التدخل مع حلفائه في الحركة الإسلامية لإقناعهم بالمشاركة في الإنتخابات المقبلة وفقا للأجندة التي حددتها الحكومة الأردنية.
مشعل نفسه لم يخف هذا الأمر عندما إلتقى نخبة من الصحافيين في العاصمة الأردنية في جلسة خاصة أطلق عليها إسم 'لقاء أصدقاء' عندما إستفسرت منه 'القدس العربي'.
وقتها ألمح مشعل إلى أن الجانب الأردني طلب منه التدخل في شأن داخلي هذه المرة فالمعركة مع التيار الإسلامي المعارض على قانون الإنتخابات إشتعلت بعدما تعهد المراقب العام للأخوان المسلمين الشيخ همام سعيد علنا بمقاطعة الإنتخابات قبل أن يكشف نائبه الشيخ زكي بني إرشيد عن نوايا تشكيل جبهة وطنية عريضة لمقاطعة الإنتخابات ثم يعلن رئيس الحكومة فايز الطراونه تهديدا مبطنا يعتبر فيه التحريض على المقاطعة مخالفة دستورية قد يقول لاحقا أنها تستوجب العقوبة أو المحاكمة.
وعندما كشف مشعل نفسه النقاب عن المعلومة المتعلقة بوساطته المطلوبة أردنيا أثار الأمر عاصفة من الجدل والخلافات حتى داخل البيت الأخواني قبل أن تصدر تلميحات من مقربين لمشعل تشير إلى أن الدولة الأردنية طالبته بالتدخل لإقناع الأخوان المسلمين بتخفيف لهجتهم والمشاركة في الإنتخابات المقبلة فيما طالبه أصدقاء في الحركة الإسلامية بأن يقنع مؤسسة القصر الملكي بتغيير قانون الإنتخاب حتى يتسنى للجميع للمشاركة.
أحد الصحافيين الفضوليين سأل مشعل: هل قمت بالوساطة؟.. أجاب الرجل: تحدثت للطرفين فنقلت للقصر وجهة نظر الأخوة في تنظيم الأخوان المسلمين الأردني ونصحتهم بالإستجابة لمؤسسة القصر وعدم مقاطعة الإنتخابات.
الأهم من هذه الواقعة عمليا أنها تكشف في بعض تجلياتها صعوبة تنفيذ سيناريو إجراء إنتخابات فعلا في ظل مقاطعة الأخوان المسلمين فقد نصح الملك عبد الله الثاني نفسه الإسلاميين بالمشاركة في الوجبة المقبلة من الإنتخابات وتغيير القانون من داخل التجربة وليس من خارجها.
لكن الحاجة الملحة وفي التحليل السياسي لتحريك ملف مشاركة الإسلاميين تطلب الإستعانة بمشعل وحركة حماس مما يعني ضمنيا التضحية بمبدأ أمني أردني طالما حكم العلاقة بحماس وهو منعها من التدخل في الشئون الداخلية، الأمر الذي يظهر عمليا مستوى الأزمة التي تعيشها البلاد على حد تعبير وزير البلاط الأسبق مروان المعشر.
وفي الواقع لم يقف الأمر عند هذا الحد فاليوم يتهم حزب الأخوان المسلمين السلطة بالإستعانة بأطراف 'خارجية' لإجراء إنتخابات عامة مخالفة لإرادة الشعب.
حصل ذلك وفقا لمضمون البيان الأخير لحزب جبهة العمل الإسلامي الذي تحول الحزب فيه من طرف متهم رسميا بالإستعانة بأجندات خارجية إلى طرف يتهم الحكومة عمليا بالتخطيط للإستعانة بفصائل فلسطينية نافذة في أوساط المخيمات وتفترض مراكز نفوذ في السلطة أنها مؤثرة في أوساط الأردنيين من أصل فلسطيني.
البيان عمليا وما يتبعه من نشاطات يربطها نشطاء الحراك بما سمي كتيبة إعلامية تروج للإنتخابات مع قانون الصوت الواحد تضمن تحذير الحكومة من أنها تلعب بنار الأصول والمنابت وهي تستعين بهذه الفصائل في إطار المعركة اللوجستية الفاصلة بين مؤسسة الحكومة ومؤسسة الأخوان المسلمين وهي معركة التسجيل للإنتخابات.
بوضوح تريد الحكومة أن تصل لرقم يشير إلى تسجيل مليوني مواطن على الأقل لأنفسهم في سجلات الناخبين حتى تتمكن من إضفاء شرعية على إنتخابات يفترض أن تجري قبل نهاية عام 2012 بدون مشاركة الإسلاميين مما يعني أن الدعوة للمقاطعة عبثية.
وبوضوح أكبر تسعى المعارضة الإسلامية لحرمان الحكومة من الوصول إلى هذا الرقم مع أن أوساط لا صلة لها بالإسلاميين إعترفت بأن البلاد تشهد ظاهرة 'عزوف' عن إستلام البطاقة الإنتخابية قد لا تكون مرتبطة بدعوة المقاطعة الحزبية.
لذلك قال الوزير الأسبق للبلاط مروان المعشر في مقال صحافي نشره قبل أيام: الجميع في أزمة اليوم ولابد من حل السيناريو الثالث.
حتى تنجح السلطات الرسمية في معركة 'التسجيل' إستعانت فيما يبدو ببعض أحزاب الوسط وكتاب الأعمدة والأهم شخصيات من حركة فتح يقال انها بدأت تتحرك في أوساط الناخبين بالمخيمات لدفعهم للمشاركة على أمل هزيمة برنامج المقاطعة الأخواني ميدانيا.
طبعا الحكومة تنفي رسميا هذا الأمر خصوصا وان حركة فتح حظر عليها لعقود التدخل في شؤون الداخل الأردنية.
لكن مراقبين ونشطاء متعددين رصدوا تحركات لمسؤولين في فتح في شعبة الساحة الأردنية ولشخصيات سياسية مقربة من حركة فتح بالإتجاه المساند لتحريض الناس على التسجيل للإنتخابات حتى أن بعض الإجتماعات عقدت مع مخاتير ووجهاء بغطاء داعم من مؤسسات رسمية إفترضت أصلا بأن إيقاع 'صوت الثقل الفلسطيني' في الأردن يمكن أن تؤثر به حركة فتح.
ويؤكد الناشط السياسي المعروف في مخيم البقعة أكبر مخيمات اللاجئين في الأردن خالد عرار لـ'القدس العربي' بأن شخصيات فتحاوية عملت وتعمل حاليا على دعم خيار المشاركة في الإنتخابات.
يعني ذلك أن خصوم الأمس في صفوف الفصائل الفلسطينية تحولوا إلى أصدقاء اليوم في الساحة الأردنية بهدف واحد ويتيم هو التصدي لمقاطعة الأخوان المسلمين وإسقاطها شعبيا في منطق إستند أصلا لحسابات خاطئة تماما عنوانها بأن حركة فتح ورموزها ومخاتيرها مؤثرون فعلا في الوسط الفلسطيني وأن الصوت الفلسطيني في الإنتخابات الأردنية مكرس بالعادة للأخوان المسلمين وهما فرضيتان لا يمكن وفقا لعرار الإيمان بصلابتهما اليوم.