خبر ساعة مُهيجي الحرب -هآرتس

الساعة 08:18 ص|12 أغسطس 2012

ساعة مُهيجي الحرب -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

        (المضمون: أخذ يقوى صوت المحرضين والمُهيجين على حرب ايران في داخل اسرائيل برغم أخطار هذه الحرب وعدم امكانية نجاحها في وقف المشروع الذري الايراني - المصدر).

        تبدأ كل حرب – ونحن نقود الى واحدة اخرى بسرعة مخيفة – مع مُهيجيها. وليست بواعثهم ومناصبهم واحدة لكن صورة عملهم ثابتة معلومة مسبقا. فهم يؤيدون الحرب، كل حرب (أو كل عمل عنيف آخر)، في كل فرصة. وهم في البداية يؤججون نسبة الآخر الى الشيطانية ويبذرون الخوف والشعور بالمطاردة وتكون المحرقة الاولى والمحرقة الثانية في الخلف دائما. ويبدأون بعد ذلك حملة وعظ تقول انه لا خيار وانه يجب ان نفعل شيئا ما، ويقرعون طبول الحرب ويحثون على الخروج اليها، وحينما تنشب في نهاية الامر تأتي مرحلة النفير والتهييج ايضا، ويطلبون التشديد والضرب والتوسيع والتعميق والقصف والتفجير وغير ذلك، وحينما تتبين أبعاد الفشل، يصبحون بمرة واحدة أوائل المطالبين بالتحقيق والعزل والخلع واستنتاج النتائج. وهم وحدهم لا يتحملون أبدا مسؤولية، أعني المُهيجين، ولا يستقيلون ولا يندمون الى أن تحين الحرب التالية. هذا ما كان عشية حربي لبنان وما كان قبل "الرصاص المصبوب" وهذا ما يحدث الآن ايضا.

        صحيح ان عددهم هذه المرة أقل من المعتاد، فما يزال معسكر معارضي الهجوم على ايران لا يُستهان بقوته، لكن أخذ صوت المُهيجين يقوى في الايام الأخيرة، وقد يكون هذا برهانا آخر على ان الحرب قريبة. أول أمس مثلا انضم الى الجوقة ايضا "منتدى الجمعة" وهو مجلة الأخبار الوحيدة التي بُثت في ليل السبت في التلفاز الاسرائيلي. ان تجنيد هذا المنتدى نفسه للهجوم على ايران قد يصبح خطوة تكسر التعادل. وفي قائمة التفصيلات كالعادة الخليط الخطير من الشعور بالمطاردة والايمان بالقوة والفظاظة التي تبلغ هذه المرة أبعادا لم يسبق لها مثيل. وهم يغسلون الأدمغة بقولهم ان الذرة الايرانية محرقة مؤكدة حتى لو كان ألف خبير موحدين على رأي ان القصف يستطيع ان يؤخرها تأخيرا ما فقط، لكن شيئا لا يصد المُهيجين على الحرب. أتأخير قصير؟ ان الشيء الأساسي هو ان نهاجم. ويقولون ان اسرائيل قوة من القوى العظمى ويجب عليها وهي قادرة على حماية نفسها وحدها: ففي لحظة تكون اسرائيل دولة عشية ابادة وفي لحظة اخرى بعدها تصبح قوة من القوى العظمى. فليكن. انهم لا يحاولون حتى تسوية التناقض.

        ان الذرة الايرانية ستحفز دولا اخرى في المنطقة الى التسلح بسلاح ذري وكأنه لا توجد دولة اخرى في المنطقة ليست هي ايران خصوصا بدأت السباق الذري. ان القنبلة الذرية الايرانية، بخلاف كل قنبلة ذرية اخرى في العالم، مُعدة للاستعمال لا للردع لأن الايرانيين كما تعلمون هم منتحرون شيعة. واذا لم تكف كل هذه الادعاءات الداحضة فانه تُستل الورقة الغالبة وهي انه يجب تبديل النظام في ايران والهجوم على المنشآت الذرية سيدفع به الى الأمام. صحيح ان مشكلة اسرائيل الحقيقية هي النظام في ايران لا القنبلة التي يملكها، لكن ماذا نفعل واسرائيل لا تستطيع ان تغير هذا الى الأبد.

        هذه هي الفظاظة الاسرائيلية القديمة السيئة، فبعد ان أرادت اسرائيل تبديل نظم الحكم في نصف الدول العربية تتجه الآن الى فعل ذلك في ايران ايضا. في لبنان أردنا ذات مرة انشاء دولة درزية وأردنا بعد ذلك ان نتوج النصارى ملوكا بحرب واحدة وان نقضي على حزب الله بحرب اخرى. وأردنا في غزة ازالة حماس من الحكم بالقوة، بالقوة يقينا، غير ان ذلك لم ينجح نجاحا حسنا، وقد كانت "الرصاص المصبوب" التي كانت ترمي الى اسقاط سلطة حماس زيادة على قوة المنظمة، كما أصبح حسن نصر الله مدينا دينا كبيرا لاسرائيل عن حرب لبنان الثانية التي كان انجازها الوحيد تعزيز قوته. ويعِد المُهيجون الآن قائلين "سنسقط" آيات الله.

        اعترفوا بأنه يوجد هنا قدر لا يُستهان به من الفظاظة المرضية. فأزعر الحي الذي يعتقد ان كل مشكلة يجب ان تُحل بالقوة يؤمن ايضا بحقه وقدرته على تبديل نظم الحكم وكأنها جوارب، في لبنان أول أمس وفي غزة أمس وفي ايران غدا. بيد ان أكثر الخبراء يُبينون ان القصف الاسرائيلي سيحطم المعارضة الايرانية ويوحد الشعب تحت سلطة نظامه مع تعزيز الباعث على التسلح بسلاح ذري مع زيادة الشرعية هذه المرة بعد الهجوم الاسرائيلي.

        يعلم المُهيجون كل ذلك. ان عددا منهم هازلون وعددا خلاصيون وعددا يُسمعون أصوات سيدهم وعددا صادقون في اعتقادهم، وهم يريدون حربا فقط، حربا اخرى.