خبر ما يعرفانه-يديعوت

الساعة 08:22 ص|05 أغسطس 2012

ما يعرفانه-يديعوت

بقلم: اليكس فيشمان

        (المضمون: قد يكون السبيل لاثارة الخوف في ايران هو السماح لمحافل الامن بعرض نتنياهو وباراك كمغامرين - المصدر).

        عدد المشاركين في السر في اسرائيل في التخطيط العملياتي للهجوم في ايران – اذا كان ثمة تخطيط كهذا – هو عدد محصور جدا. فليس كل اعضاء هيئة الاركان وليس كل وزراء الحكومة مشاركين في السر، لا في القرار ولا في الاستعدادات. كما ان العصبة القديمة من رؤساء جهاز الامن في الماضي، بما في ذلك رؤساء شعبة الاستخبارات والموساد، لا تشارك في سر المعلومات والتخطيطات الواقعية.

        وعليه، عندما يلمح رئيس الموساد الأسبق، افرايم هليفي، بأن الاسابيع الـ 12 القريبة القادمة هي اسابيع حرجة للشرق الاوسط – بما في ذلك في موضوع معالجة النووي الايراني- فمع ان هذا تقدير موزون وفهيم للوضع من رجل مهني مجرب، ولكن ليس على أساس الاطلاع على "المادة الحقيقية القاسية". أي انه لا يُشرك في المعلومات الاستخبارية، المخططات، الاعتبارات السياسية الحقيقية والاعتبارات العسكرية، صحيح حتى آب 2012.

        وبالفعل، بعد ظهوره في الاعلام الامريكي والذي ألمح فيه بأنه في الاسابيع الـ 12 القريبة القادمة ليس مجديا للايرانيين ان يناموا بهدوء، غير هليفي النبرة. فقد فهم بأن الرسالة استوعبت ليس فقط في ايران وفي الولايات المتحدة بل وفي اسرائيل ايضا. المواطنون الاسرائيليون أخذوه على محمل الجد، فزعوا، وبدأوا ينظفون الملاجيء ويتساءلون ماذا سيفعلون في شهري ايلول – تشرين الاول. وعندها خفف هليفي نبرة اقواله وأوضح، هذه المرة في القناة 2، بأنه قصد الوضع العام، الاقليمي، الذي يمكنه ان يؤدي الى تدهور حيال ايران، بما في ذلك ما يجري في سوريا. اسرائيل لن تهاجم وحدها دون الامريكيين، كما أكد في تقديره. وبشكل عام، برأيه النووي في ايران ليس تهديدا وجوديا على اسرائيل.

        وبينما يجر اخطار هليفي وراءه اصداء جماهيرية، ظهر رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق اهارون زئيفي فركش في نشرة يوم الجمعة في القناة 2 وأعلن: اسرائيل، بتقديره، توشك على الهجوم على ايران في غضون اسابيع أو أشهر. وعلى فرض ان الحديث يدور عن صدفة وليس عن حملة منسقة ومغطاة اعلاميا، فان أمامنا رجلي أمن جديين ومصداقين يعرضان تقديرهما استنادا الى ما يفهمانه بأنه "اقتراب نافذة الفرص للهجوم في ايران". ولا بد أنهما يحللان الوضع استنادا الى معرفتهما الشخصية، ولكن يجدر بالذكر بأن ليس كل العناصر التي خلقت نافذة الفرص في زمنهما صحيحة اليوم. الخطط العسكرية، القدرات والتكنولوجيات اجتازت منذئذ عددا من التطورات. يحتمل ان تكون رغبتهما في تحذير الشعب من حرب زائدة تستند الى معطيات غير كاملة أو غير مُحدثة.

من جهة اخرى، من غير المستبعد ان يكون قادة الامن قلقين من الاحساس المتبقي في الولايات المتحدة وفي ايران بأن استعدادات اسرائيل للعمل في درك أسفل. ولا يوجد سبيل أفضل لاثارة احساس الخوف في الطرف الآخر من جلب سلسلة رجال مهنيين يعرضون باراك ونتنياهو كثنائي مغامر محب للقتال. هذا يكفي لضعضعة ثقة الايرانيين ولايقاظ الامريكيين من مغبة الدخول في حالة عدم اكتراث نووي. واذا كان الامر كذلك، فيُطرح السؤال: عندما انتقد كبار رجالات جهاز الامن، ولا سيما مئير دغان، النية بالهجوم، ادعى نتنياهو وباراك بأن الانشغال الاعلامي في الموضوع جسيم وخطير. مشوق ان نعرف اذا كانا سيهاجمان الآن ايضا تصريحات هليفي وفركش؟.

الحرب التي تدور رحاها اليوم من فوق ومن تحت السطح بين اسرائيل وايران تتضمن سلسلة من العناصر العسكرية والاستخبارية، وتلحق ضحايا في الأرواح ايضا. بالتوازي، تجري حرب نفسية على الرأي العام. ينبغي الخروج من نقطة الانطلاق بأن الادارة الامريكية ايضا تلعب لعبة داهية من التلاعبات. كل طرف يحاول تنويم الطرف الآخر، من خلال رسائل غامضة، تضليل وما شابه، لاخفاء النوايا، المواعيد والتشديدات على الضربة العسكرية. عندما سمع الايرانيون هليفي وفركش لا بد يكون مر على عقلهم الفكر بأن أحدا ما يلعب معهم لعبة المقلوب على المقلوب، ولعلهم محقون.