خبر الدجاج ضد اليورانيوم ..بقلم: تسفي برئيل ..هآرتس

الساعة 08:35 ص|03 أغسطس 2012

في موقع المصور الايراني أراش أشورينيا، تظهر صور رائعة لوجبات طعام الدجاج فيها عنصر أساس. شقف الدجاج مع السباغيتي، الدجاج بالصلصة والدجاج مع البازلاء. ولكن الصور المثيرة للشهية لا تأتي للترويج لمبيعات الدجاج في ايران. في أسفل الصفحة تظهر كلمات تقول: "عندي صور رائعة كهذه اخرى، ولكني لا أنشرها كي لا أمس بالامن القومي".

رسامة الكاريكاتور الايرانية مايا نستاني، التي تسكن في فرنسا، نشرت كاريكاتورا ظهر فيه طفل يشاهد فيلم تعرية تظهر فيه صورة دجاجة. أبوه الغاضب يسارع الى تغطية شاشة الحاسوب ويوبخ الطفل: "كم مرة قلت لك ألا تشاهد الافلام التي يوجد فيها دجاج؟".

عن ازمة الدجاج في ايران، الذي يصل سعر الكيلو 5 دولار، كتب غير قليل في الاسابيع الاخيرة. الكثير من السخرية نزل على رأس قائد شرطة ايران، اسماعيل احمدي مقدم، الذي طلب وقف بث الافلام التي يُرى فيها المواطنون يأكلون الدجاج، منعا لوضع يرى فيه الايرانيون أمام ناظريهم الفوارق الطبقية، "وأحد ما قد يأخذ سكينا كي يقطع لنفسه نصيبا من هذه الوفرة".

سارع محللون في الغرب الى ان يروا في ازمة الدجاج دليلا قاطعا على ان العقوبات تنجح وان ايران تغرق عميقا في وحلها الاقتصادي. ولكن اسعار الدجاج بدأت تصعد قبل وقت طويل من فرض العقوبات الاخيرة. ارتفاعات الاسعار التي صعدت اسعار المواد الأساس بأكثر من 60 في المائة في السنة الماضية تنبع أساسا من الغاء قسم كبير من الدعم الحكومي الذي قدمته الحكومة ومن السياسة الاقتصادية غير المتوازنة.

وشرح رئيس البرلمان، علي لاريجاني، أحد أشد المنتقدين لاحمدي نجاد، الاسبوع الماضي بأن العقوبات "مسؤولية فقط عن 20 في المائة من مشاكل ايران الاقتصادية. كل ما تبقى هو نتيجة السياسة الاقتصادية الفاشلة".

صحيح ان سعر الغذاء للطيور، وهو المسبب الأساس في السعر العالي، ينبع من ان ايران تستورد معظم الغذاء للطيور وعندما يرتفع سعر الدولار هكذا يرتفع سعر الاستيراد، إلا انه لا يزال لدى ايران احتياطات من العملة الصعبة بحجم أكثر من 100 مليار دولار بحيث ان الاستخدام العاقل لها كفيل بأن يجعل عبء العقوبات أكثر احتمالا.

"العدو زق اصابعه في الشريان الرئيس"

لا خلاف في ان العقوبات ضاغطة. فلاول مرة يصرح علنا وزير الصناعة الايراني مهدي جزنفري بأن "العقوبات هدامة. العدو زق اصابعه في شرايين الاقتصاد الايراني الرئيسة". محافظ البنك المركزي الايراني، محمد بهماني هو الآخر حذر من ان العقوبات قد تعيد ايران عشرات السنين الى الوراء.

اذا كان حتى اسابيع قليلة مضت لم يكن ممكنا سماع مثل هذه التصريحات، حين يكلف نفسه الزعيم الاعلى علي خامنئي والرئيس احمدي نجاد على حد سواء العناء كل الوقت للاستخفاف بالعقوبات، فان خامنئي هو الآن قلق ايضا. فقد استدعى الى جلسة خاصة قادة الاقتصاد ووزراء الاقتصاد للبحث في الازمة الاقتصادية. وبعد اللقاء الذي انعقد يوم الاربعاء الماضي، قررت الحكومة اتخاذ سلسلة اجراءات، مثل التقليص في الميزانية، تجميد استمرار الغاء الدعم الحكومي للمنتجات الأساس وربط اسعار منتجات الاستيراد بسعر الدولار الرسمي (الذي هو أقل بنحو 40 في المائة من سعره في السوق الحرة).

في البرلمان الايراني يطالبون بتنحية وزيري الصناعة والتجارة لأن سياستهما الفاشلة أدت الى ارتفاع غير منضبط للاسعار وارتفاع شديد في معدل التضخم المالي الذي قد يصل هذه السنة الى 70 في المائة (يبلغ اليوم رسميا 20 في المائة). ولكن التضخم المالي ايضا لا يمكنه ان يكون دليلا مطلقا على تأثير العقوبات.

وهكذا مثلا يُعد سببا هاما لارتفاع التضخم المالي سعر الشقق للشراء وللايجار. فحسب استطلاع أجرته وزارة التنمية البلدية في ايران، يوجد أكثر من 1.7 مليون شقة فارغة في أرجاء الدولة. وأصحاب الشقق لا يسارعون الى بيعها، بانتظار ارتفاع الاسعار، ولا يتنازلون عن ايجار عال للشقة.

الضرر الأساس الذي تلحقه العقوبات هو بالذات بالطبقات الضعيفة وبالطبقة الوسطىى، وليس بالعشريات العليا أو بأصحاب القرار في الحكومة أو بالحرس الثوري. ومع ان الطبقات الضعيفة تتظاهر هنا وهناك، ولكن اذا اعتقد أحد ما بأن ازمة الدجاج ستؤدي الى تغيير في السياسة النووية، يجمل به ان ينصت الى تصريح خامنئي الذي جاء فيه ان "ايران لن تغير اعتباراتها بالنسبة لسياستها. العكس هو الصحيح، سنواصل سياستنا بتصميم أشد".