خبر مكانك سِر .. هآرتس

الساعة 08:20 ص|19 يوليو 2012

بقلم: أري شبيط

(المضمون: ربما استطاع نتنياهو إقرار المؤسسة الاسرائيلية في الحاضر لكنه لن يستطيع فعل ذلك في المستقبل لأنه لا يستطيع ان يواجه الناخبين بأي انجاز اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي - المصدر).

ماذا كان عندنا اذا؟ كان عندنا في البدء برنامج عمل سياسي. فقد تبنى بنيامين نتنياهو بعد توليه رئاسة الوزراء بشهرين ونصف فكرة تقسيم البلاد الى دولتين قوميتين – يهودية وفلسطينية، لكن لم يحدث شيء على الارض بسبب عدم فعله وسذاجة الامريكيين وعناد الفلسطينيين.

وأصبح عندنا عشرات آلاف آخرون من المستوطنين وأحياء اخرى لا حاجة اليها وبؤر استيطانية اخرى غير قانونية. ان خطيب بار ايلان قد التزم في الحقيقة بالتقدم الى السلام لكنه لم ينجح في ان يخطو خطوة واحدة الى الأمام. وإن الجامعة في اريئيل واللااحتلال المنسوب الى ادموند ليفي هما آخر مسمارين في تابوت الأمل السياسي الواهن الذي أثاره نتنياهو زمنا ما.

جاء بعد ذلك برنامج عمل اجتماعي. وقد استمع نتنياهو بعد بضعة اسابيع من بدء الاحتجاج الكبير في صيف 2011 لصراخ المليون وانشأ لجنة تريختنبرغ. وكان تعيين استاذ الاقتصاد وفريق خبرائه ذا أهمية رمزية وعملية وعبر عن فهم رئيس وزراء محافظ عليه ان يخرج من صندوق الليبرالية الجديدة الذي عاش فيه أكثر حياته.

لكن تبين في الخريف الماضي ان رئيس الوزراء غير قادر في الحقيقة على الخروج من الصندوق، وقد دفع الى الأمام في الحقيقة بعدد من الاصلاحات التي أوصى تريختنبرغ بها. وقاد عددا من الاجراءات لا يُعلم أهي اجتماعية أو غوغائية. لكنه لم يواجه مشكلة السكن ولم يضائل عدم التساوي. ولم يُبين نتنياهو رؤيا اقتصادية اجتماعية شاملة لدولة اسرائيل ولم يصغ صفقة اسرائيلية جديدة، ولم ينجح في ان يجعل اقتصادنا اقتصاد نمو عاليا ومجتمعنا مجتمعا عادلا.

جاء بعد ذلك برنامج عمل مضاد للحريديين. فقد ألزم حكم المحكمة العليا المتعلق بقانون طال الحكومة بأن تُعرف من جديد العلاقات بين التيار المركزي في المجتمع الاسرائيلي وبين الأقليات التي لا تخدم في الجيش والتي لا تنتج بصورة كافية. وجعل تحالف واسع من القوى – الموضوعية وغير الموضوعية – الموضوع القديم وهو التساوي في العبء، جعله موضوعا ساخنا حارا.

وحينما أدرك نتنياهو أنه بدأ يشتعل تحت نوافذه حريق كبير، بادر الى تبني مباديء بلاسنر والتزم باحداث تغيير تاريخي، لكنه تراجع عن ذلك في غضون ايام معدودة. وقد جعله الخوف من هجوم حريدي مضاد ومن اضاعة قواعد تأييده التقليدية، يضعف ويُجمجم. وهكذا أضاع نتنياهو الأمل الكبير الكامن في حكومة الوحدة العلمانية. وهكذا خسر الفرصة لمرة واحدة ان يقوم هنا باصلاح تاريخي حقيقي.

كتب محرر صحيفة "هآرتس" ألوف بن منذ وقت قريب يقول ان سر بقاء نتنياهو في ولايته الثانية ينبع من أنه يشرب لخصومه برامج عملهم. فقد أفشل تسيبي لفني بخطبة بار ايلان، وأفشل دافني ليف بتريختنبرغ، ويحاول ان يُفشل جنود الخدمة الاحتياطية الساذجين بموشيه يعلون ويوحنان بلاسنر.

ونتنياهو الجديد على العكس التام من نتنياهو القديم يمتنع عن مواجهات عقائدية وجها لوجه ويُكيف نفسه مع الأمزجة المتقلبة. وهو يتبنى مرة بعد اخرى أفكار خصومه من غير ان ينفذها ومن غير ان يمضي معها الى النهاية. وهكذا ينجح في ايجاد استقرار للحكم وينجح في الحفاظ على صورة رسمية وهكذا يبقى.

لكن الآن وقد بدأت الكنيست الثامنة عشرة الانتقاض، بدأ ما كان يعمل في مصلحة نتنياهو يعمل ضده. اجل انه طمس على برنامج العمل الوطني وعفى عليه، وعرض عددا من عروض العمل في ظاهر الامر وأنه سيحدث تغيير حقيقي بعد قليل، لكن ما الذي بقي في نهاية الامر؟ وبماذا سيواجه ناخبيه؟ ان الزعيم الذي لا يوجد في جعبته انجاز سياسي أو عمل اجتماعي أو اصلاح داخلي هو زعيم في وقت مستعار. قد يبدو حاضره صلبا لكن مستقبله يغطيه الضباب الكثيف من عدم الارتياح وعدم الأمل.