خبر السنوات الاربعة الضائعة-يديعوت

الساعة 08:10 ص|11 يوليو 2012

بقلم: سيما كدمون

 (المضمون: اولمرت يقصد عاليا: حزب وسط جديد برئاسته، وليمت الحاسدون - المصدر).

        كيف يُعوَض انسان عن سير حياته الذي حُرف عن مساره الطبيعي وتغير بحيث لم يعد أحد يمكنه ان يتعرف عليه؟.

        كيف يُعوَض هو وعائلته عن الأسى، عن الكرب، عن الاضرار الصحية والمالية عندما يتبين أنه بريء؟ كيف يُعوض رئيس وزراء منتخب، اضطر الى اخلاء كرسيه في ذروة ولايته، وفي النهاية يتبين ان ليست ضده أدلة تعلل خطوة متطرفة كهذه؟ كيف تُعوض دولة أُنزلت عن مسارها، اضطرت الى اجتياز انتخابات وتغيير للسلطة وخطوات سياسية توقفت وخطط أوقفت – وعن الاضرار المعنوية وغيرها التي نبعت من هذا التغيير وتدفع ثمنها حتى اليوم. وها هو يتبين بأن هذه كانت اربع سنوات ضاعت هباءا.

        خطأ لا يطاق

        تعالوا نغلق هذه الزاوية منذ الآن: اهود اولمرت لم يخرج بريئا من كل الاتهامات ضده. فقد أُدين بمخالفة خرق الثقة في قضية مركز الاستثمارات. هذه مخالفة شديدة، لم يسبق ان أُدين بها من قبل رئيس وزراء. ولكن واضح تماما انه لو كانت لدى النيابة العامة أدلة للادانة في هذا الملف وحده، لما كانت لائحة اتهام على الاطلاق، فما بالك ان هذه الادانة خُففت في قرار المحكمة بصفتها "عدم سلامة اجرائية"؛ اولمرت لم يُتهم بأخذ رشاوى. كانت هناك ايضا مغلفات، ولكن المحكمة لم تتمكن من ان تقرر ان هذه الاموال ليست اموالا سياسية.

        ولكن على شيء واحد لا جدال: القضاة الثلاثة القدامى، المقدرين والمجربين – وعلى رأسهم رئيسة المحكمة المركزية في القدس – حسموا في هذه الملفات. ويخيل لي انه رغم شروحاته المنفعلة، المشوشة بعض الشيء، للنائب العام للدولة، فقد حكم الجمهور أمس على اولمرت كبريء وأدان النيابة العامة. هذا ما يحصل عندما تُبنى توقعات لهزة ارضية، وعندما يُطلق الوعد بالكشف عن قضايا ستهز البلاد. الاحساس لدى الجمهور هو ان رئيس وزراء نُحي عن منصبه إن لم يكن من جانب النيابة العامة، فبواسطتها؛ إن لم يكن بنية مبيتة، فانطلاقا من انعدام المهنية، الخطأ الذي لا يطاق في التفكر، والتحليل غير السليم للأدلة التي لديها.

        يكافح في سبيل حياته

        ظهر اولمرت أمس في المحكمة منتصب القامة ومبتسما، رُبت على كتفه وتلقى العناق، ولكن شيئا لم ينجح في اخفاء النحافة، الوجه الشاحب، الهزيل، العينين اللتين روتا عن سنوات القلق، الضغط، عدم النوم.

        أنا أكافح هنا في سبيل حياتي، قال اولمرت في بداية محاكمته. السنوات الاربعة التي مرت منذئذ بادية عليه جيدا. كم تحقيرا، شرا، شماتة وسوء نية التقاها اولمرت في هذه السنوات. قانونيون، سياسيون، صحفيون بل حتى اصدقاء – من لم يغرس فيه أسنانه.

        أمس كل واحد رأى في قرار المحكمة ما أراد ان يراه. كان هناك من أراد ان يرى فقط تبرئته من التهمتين الكبيرتين، ريشون تورز وتالنسكي، وكان هناك من رأى فقط الادانة في ملف مركز الاستثمارات. هكذا هو الحال عندنا: كل شيء يُختبر عبر المنشور السياسي، وإن لم يكن السياسي – فالشخصي.

        هزة كبيرة مرت أمس على مواطني اسرائيل. من لا يتذكر ذاك اليوم الذي دخل فيه المحققون الى مكتب رئيس الوزراء وأخذوا من هناك المواد. يوم الاستقلال التالي له، حين مُنع اولمرت عن المشاركة في الاحتفالات. الشائعات التي دارت. ماذا لم يُقل عنه، عن رئيس الوزراء. أي أساطير خرجت من هناك. وكان الاحساس هو الهزة. وان من هذا الحدث لم يعد بوسع اولمرت ان يخرج.

        وعندها جاء القرار في الشهادة المبكرة لتالنسكي، الذي تسميه المحكمة اليوم بالهاذي والمشوش، الشهادة الوحيدة التي اعتمدت عليها النيابة العامة. اقوال لادور، الذي شرح في حينه الحاحية الشهادة في ان تالنسكي يخشى مما قد يفعله له اولمرت، وانه يخاف الضرر الجسدي الحقيقي – لا تزال تعطي صداها.

        إنزال المقصلة

        كلمة لادور أمس، الذي وعد بأن يأخذ المسؤولية الشخصية في موضوع اولمرت، كانت محرجة. فبعد الشروحات المشوشة والمطولة جاءت ابتسامات غريبة، ليست في زمانها ولا في مكانها. لعله ببساطة مل المؤتمر الصحفي الذي شرح فيه النواب العامون أو المستشارون القانونيون لماذا تحولت وعودهم من لائحة اتهام الى صفقة قانونية، من ادانة الى تبرئة.

        خلافا لما يعتقده لادور، فان الجمهور ليس غبيا، ووسائل الاعلام لا يمكنها ا تُطعم قراءها ومشاهديها ما لا تؤمن به هي نفسها؛ وان النيابة العامة، مثلما يدعي لادور، تصرفت على نحو سليم طوال الطريق دون أي خطأ أو ندم، وأن هذه هي مجرد اختلافات في المناهج بين النيابة العامة والمحكمة.

        ولكن في شيء واحد فقط كان لادور محقا: ليست النيابة العامة هي التي أطاحت باولمرت. ليست هي وحدها. للساحة السياسية كان وزن ثقيل في رحيل رئيس الوزراء. مشوق ان نعرف ما الذي يفكر به اهود باراك عن قرار المحكمة. هو، الذي فضلا عن إنزال المقصلة، فعل كل ما هو ممكن لابعاد اولمرت عن منصبه في تظاهر بسلطة القانون. أو تسيبي لفني، التي نظافة يديها ونزعتها للحق حسمت مصير رئيس حزبها.

        ماذا سيكون الآن؟ كل شيء منوط باولمرت. مركز الخريطة يتوق لزعيم. الجمهور يريد بديلا. والآن يجب ان نرى اذا ما وكيف سيجتاز اولمرت الادانة. هل ستكون اعمال خدمة، هل سيكون عار. وهولي لاند. كيف سيجتاز اولمرت هذه القضية.

        الاحساس هو انه اذا اجتازهما، فانه يعود بقوة. على الرغم من أنف كل من أراد ان يراه في الخارج، محمول على موجات العطف لتبرئته، بدعم كثير من مقترعي كديما، اولئك الذين غادروا الليكود أو العمل.

        ولكن شيئا واحدا شبه مؤكد: ليس الى هناك يقصد اولمرت. ليس الى كديما. ليس الى العراك مع موفاز، ليس الى الانتخابات التمهيدية على مكانه أو مكان اعضاء الكتلة.

        اولمرت يقصد عاليا: حزب وسط جديد برئاسته، وليمت الحاسدون.