خبر العدالة الاجتماعية هي المساواة في العبء -معاريف

الساعة 08:48 ص|08 يوليو 2012

العدالة الاجتماعية هي المساواة في العبء -معاريف

بقلم: شاي غولدن

        (المضمون: المسألة الجوهرية الحقيقية هي ان اسرائيل وصلت الى اقصىى نقطة في قدرتها على الأداء تحت منظومة الاشتراطات والاضطرارات التي فرضتها على نفسها. هذا خط الحسم، وهو لا يرتبط بالتجنيد أو بالعمولات للبنوك - المصدر).

        تمرين بالعبرية للمبتدئين: جِدوا كلمتين مرادفتين لعبارة "مساواة في العبء". ما رأيكم في "رائحة انتخابات"؟ لا، هذا ليس دقيقا. مشكلة اقتسام العبء غير المتساوي لا تتعلق بالانتخابات، وإن كانت رائحتها التي تقترب تحث وتثير حماسة النقاش في المسألة. وبالتالي، ماذا عن "العدالة للجميع"؟ ما هو المقصود بـ "العدالة" ومن هو "الجميع" الاسرائيلي هذا؟ اسرائيل هي جملة واسعة من القطاعات والقطاعات الفرعية، الجماعات ذات المصلحة ومنظومة قيم متداخلة. لا يوجد شيء هو "شعب" اسرائيلي، لا يوجد شيء كهذا هو "الجميع" الاسرائيلي. توجد دولة اسرائيل. وبالنسبة لموضوع "العدالة" فهل المقصود العدالة في الجانب الاخلاقي، القانوني، التاريخي؟ وبالتالي، هنا ايضا، أنباء سيئة: اسرائيل ليست دولة عادلة. مبناها الذي يقوم على أساس نزاعات داخلية غير قابلة للحل، لا يسمح بخلق فكرة قيم مشتركة، رواية متفق عليها وبالتأكيد ليس تعريفا جماعيا "للعدالة".

        بحق الجحيم، حتى الدستور لم ننجح في صياغته هنا على مدى 64 سنة من الوجود. اذا ما هي العبارة الأكثر صوابا؟ "العدالة الاجتماعية". المساواة في العبء تساوي العدالة الاجتماعية. كلاهما غامضان بالضبط بذات القدر؛ كلاهما عموميان، شاملان، سطحيان في تركيبتهما المنطقية وفي معانيهما العملية، وأكثر من ذلك، كلاهما ينعدم كل أمل فيهما.

        لا يوجد ولن يوجد "عدالة اجتماعية". ذلك لأن "العدالة الاجتماعية" معناها المساواة في العبء، وكذا تقاسم متساوٍ للمقدرات، وكذا ايضا اخلاق واحدة ومنظومة قوانين واحدة لليهود، للعرب وللاصوليين. اذا أرادت الطبقة الوسطى الاسرائيلية، التي غمرت الشوارع في السنة الماضية وبدأت تنقط احتجاجها في هذا الصيف ايضا، أو لا – "المساواة" هي الكلمة الأقل اسرائيلية في الجوار. لا توجد ولا ينبغي ان توجد مساواة في موضوع الخدمة العسكرية، طالما لا توجد مساواة في الحقوق ومساواة في الفرص بين القطاع العربي وذاك اليهودي. لا توجد ولا ينبغي ان توجد مساواة في موضوع عبء الاحتياط، طالما لا توجد مساواة في موضوع تقاسم الميزانيات التي تفرزها الدولة لتمويل طلاب الدين، وكذا المستوطنين وقطاعات مفضلة اخرى، نجحت في خلق كتلة ضغط سياسية في صالحها.

        المفارقة الكبرى في مظاهرة ليلة أمس، هي انه بدلا من ان تكون استمرارا لاحتجاج الصيف، انقطعت عنه. الناطقون المركزيون بلسان الاحتجاج غابوا عنها وملأوا أفواههم بالماء في هذه المسألة. أفلا يجدون صلة واضحة بين العبء في الخدمة العسكرية وبين الحِمل الاقتصادي الذي يثقل ظهورهم؟ الصلة مباشرة وواضحة، ولا يزال يُخيل وكأن ممثلي الطبقة الوسطى الذين خرجوا أمس للتظاهر لا يفهمون ما الذي ستنفعهم به دافني ليف، بذات القدر الذي لا تفهم فيه دافني ليف كيف ان الدعوة لتجنيد العرب والاصوليين للخدمة المدنية ستجدي الاحتجاج الاجتماعي.

        للناظر الحيادي يُخيل ان في اسرائيل يوجد، الواحد الى جانب الآخر، عدة مجتمعات. اذا كان تميز القطاعات عن التيار المركزي مقبول من الجميع، الامر الذي ليس مفهوما هو لماذا تنقسم الطبقة الوسطى الاسرائيلية في داخلها في هذه الساعات. فهي تنقسم لأن الصرختين لا تستندان الى حجة مناسبة كافية. كلتاهما تصدران من الصدر من مكان أليم ومن ضائقة حقيقية، ولكن ليس من مكان ايديولوجي أو فلسفي حقيقي. الحلول الحقيقية للضائقتين لم ينجح أحد في ان يطرحها. وهذه ايضا لا تلوح في الأفق. السبيل الى اصلاح المجتمع في اسرائيل يمر عبر تغيير التعريفات الأساسية وسُلم الأولويات الوطنية.

        لمن تُخصص الاموال، لماذا وكم؟ طالما تعيل الاغلبية التي تدفع الضرائب جماعات الأقلية الآخذة في الازدياد، وطالما تواصل اسرائيل ادارة سياسة عسكرية امنية شوهاء كهذه، فلن تقوم قائمة للطبقة الوسطى في اسرائيل. تريدون تغييرا؟ طالبوا سياسييكم بالعودة الى طاولة الرسم لتغيير القيم الأساس الوطنية من الأقصى الى الأقصى.

        اذا واصلتم الايمان بامكانية وجود ميزانية دفاع مبالغ فيها بهذا القدر، الى جانب تمويل فضائحي للمستوطنين والاصوليين، الى جانب "حل انعدام العدالة الاجتماعية" التي تعاني منها الطبقة الوسطى، فانكم مخطئون. اسرائيل هي التي تحتاج الى اعادة تفعيل وبالتالي، على أي حال، فان مسائل مثل "التجنيد للجميع" ستكون أطيافا ينبغي التصدي لها في النسيج العمومي لاسرائيل الجديدة، ولكن بالتأكيد ليست مسألة جوهرية.

        المسألة الجوهرية الحقيقية هي ان اسرائيل وصلت الى اقصىى نقطة في قدرتها على الأداء تحت منظومة الاشتراطات والاضطرارات التي فرضتها على نفسها. هذا خط الحسم، وهو لا يرتبط بالتجنيد أو بالعمولات للبنوك. يرتبط بشيء ما مشوش جدا من الأساس. تشويش أساسي يهدد وجود الدولة كوطن لمواطنيها، أكثر بكثير من رفاه اولئك كأفراد.