خبر إرث عرفات- معاريف

الساعة 01:40 م|05 يوليو 2012

ترجمة خاصة

إرث عرفات- معاريف

بقلم: شاي غولدن

(المضمون: الى قائمة الافعال التي لا تغتفر ويكتبها الواحد عن الاخر من الشعبين، الاسرائيلي والفلسطيني، اضيف فعل آخر، لعله لن يكون ممكنا التكفير عنه أو شطبه من كتب التاريخ: تصفية زعيم شعب كامل - المصدر).

سياسة التصفية مستحبة لدى حكومات اسرائيل منذ بضعة عقود. دُرج على الاشارة الى أمر رئيسة الوزراء في حينه غولدا مائير للموساد الاسرائيلي بوجوب العثور والتصفية كل من شارك في قتل الرياضيين الاسرائيليين الأحد عشر في ميونخ، بأنه النقطة التي تقرر فيها في البلاد اختيار تكتيك التخلص من اعدائها – سواء كخطوة وقائية أم كخطوة ثأرية – كتكتيك مركزي في نشاطها الامني والاستخباري. هذه الطريقة القتالية بلغت ذروتها في فترة الانتفاضة الثانية، التي صفي في اثنائها أكثر من أربعمائة فلسطيني من نشطاء الارهاب على ايدي الجيش والمخابرات الاسرائيلية (الاعداد الدقيقة موضع خلاف). ولكن بقدر ما هو معروف، لم تحاول اسرائيل ابدا تصفية رئيس دولة عدو، سواء انطلاقا من عُرف الحذر في عضويتها في اسرة الشعوب، التي بالتأكيد ما كانت لترى بعين الايجاب هذا الأمر؛ أم انطلاقا من التخوف من احداث اشتعال اقليمي واسع؛ أم بسبب المصاعب العملياتية الكبيرة التي ينطوي عليها مثل هذا العمل. وحسب تقديرات محافل استخبارية أجنبية، نشرت في العالم، فقد تدربت اسرائيل على حملة تصفية صدام حسين، ولكن الخلل التنفيذي الجسيم الذي عرف باسم "مصيبة تساليم" أحبط تنفيذ الحملة. ولو كانت الحملة انطلقت على الدرب ونسبت الى الجيش الاسرائيلي، لكان هذا كفيلا بان يكون درسا مشوقا جدا لاسرائيل ولدول أخرى في العالم حول التصدي لاثار عمل جسيم بهذا القدر في منطقة عنيفة وقابلة للانفجار. عندما توفي، كان ياسر عرفات رئيسا لكيان فلسطيني غير ذي سيادة، يعوزه اعتراف دولي في المؤسسات القانونية والدبلوماسية، ولكنه يستقبل في العالم بأسره بل وفي إسرائيل كزعيم الشعب الفلسطين.

تحقيق شبكة "الجزيرة" التلفزيونية، الذي يقضي بان عرفات سمم بمادة البولونيوم 210 الاشعاعية، وفي أعقاب ذلك أعلنت السلطة الفلسطينية أمس عن عزمها استخراج رفاة عرفات من القبر لغرض اجراء فحص جنائي، يوجه تلقائيا إصبع اتهام نحو اسرائيل. واذا ما تأكد بالفعل أن عرفات سمم ولم يمت في ظروف طبيعية، فستوجه التهمة نحو اسرائيل، مهما كان رد القدس على هذا الادعاء. المشتبه الفوري، الطبيعي، وفي الغالب ايضا المذنب – في كل تصفية في الشرق الاوسط هي اسرائيل.

وبالتأكيد اسرائيل التي جثمت تحت عبء الحرب العنيفة مع الفلسطينيين والتي رئيس وزراؤها في حينه ارئيل شارون وصف عرفات بـ "الارهابي" مرات عديدة. وستكون الفعلة منسوبة لاسرائيل في كل الاحوال ومن الافضل الاعتياد على هذه الحقيقة والاستعداد لنتائجها.

اذا كانت اسرائيل صفت عرفات في العام 2004 حقا، فسيتعين عليها أن تتحمل نتائج فعلتها في العام 2012 وفي الاعوام التالية ايضا.

ضرر محتمل فوري هو اشعال جولة عنف اخرى في المستقبل القريب على خلفية هياج فلسطيني وطني. خطر آخر يبدو للعيان هو اعتبار المس برئيس وزراء اسرائيلي كهدف عملياتي مركزي للمنظمات الفلسطينية. مثل هذا المس كفيل بان يلقى مفعولا شرعيا في الخطاب الدولي – اذا ما وقع لا سمح الله – على خلفية تصفية عرفات. وحتى لو لم تبدأ جولة عنف وحتى لو نجحت حكومة اسرائيل في الدفاع عن حياة كبار رجالاتها من عمليات ثأر، فلا يزال السور عاليا بين الشعبين، سور يقزم فرص حل النزاع، وسيعلو بعدة صفوف اخرى.

الى قائمة الافعال التي لا تغتفر ويكتبها الواحد عن الاخر من الشعبين، الاسرائيلي والفلسطيني، اضيف فعل آخر، لعله لن يكون ممكنا التكفير عنه أو شطبه من كتب التاريخ: تصفية زعيم شعب كامل. يمكن أن يكون في تصفية عرفات قد صفى منفذوها أيضا فرص السلام مع شعبه وحكموا على الاسرائيليين والفلسطينيين لسنوات جيل آخر من سفك الدماء. والاحساس في أن هذه بالضبط كانت نيتهم لا ينبغي أن يعتبر مدحوضا.