خبر دولة الرفاهة في تل الاولبانه -هآرتس

الساعة 10:04 ص|04 يوليو 2012

دولة الرفاهة في تل الاولبانه -هآرتس

بقلم: يوفال ألبشن

          (المضمون: نمت دولة الرفاهة الاجتماعية وراء الخط الاخضر في المستوطنات في حين ذوت وضعفت في داخل اسرائيل وينبغي تغيير هذا الوضع - المصدر).

          ان قيادة اليمين هي التي جعلت البيوت الخمسة في تل الاولبانه رمزا للاستيطان في يهودا والسامرة، إن لم تكن جعلتها رمزا لمشروع الاستيطان الصهيوني كله. وكان الهدف الواضح تحويل الاخلاء من صراع عادي على ممتلكات بين مالك ارض ومستولين عليها في الظاهر الى صراع يتصل بجذور الصهيونية كلها. وكانوا على حق غير متعمدين ذلك. فقد أصبحت البيوت الخمسة – رقم 2008، و2010 و2012 و2013 و2014 – مثالا ممتازا لما يجري في سائر المستوطنات. وتستطيع نظرة الى ما يحدث فيها ان تعلمنا شيئا ما عن قوة الجذب – التي تُزاد على القوة العقائدية – التي جاءت بمجموعات سكانية كثيرة الى المناطق ومكّنت من ازهار المشروع الاستيطاني.

          سكنت في البيوت الخمسة ثلاثون عائلة مع 82 ولدا. ويوجد بين البالغين الستين 19 شخصا من المُربين (ولا سيما المعلمين والحاضنات في رياض الاطفال)؛ و17 من الآباء المتدينين وطلاب الجامعات (ولهم جميعا اولاد بخلاف أكثر طلاب الجامعات في اسرائيل)؛ و3 جنود؛ وعاملان في الحواسيب؛ ومدققا حسابات؛ وعاملان في الدعاوة؛ وحاخام؛ وطباخ في الاولبانه؛ ومراقب للطعام الحلال؛ وعيادة تعمل؛ وكهربائي؛ وصحفي؛ وعاملة اجتماعية؛ وامرأة اعمال؛ وموسيقية وفيزيائية. وتُبين طبيعة الاعمال ان أكثر رواتب سكان البيوت تأتي من الدولة على صورة أجور أو على صورة مخصصات ودعم. وهذا مؤكد اذا أخذنا في الحسبان عدد الاولاد والسن الصغيرة نسبيا لجزء غير قليل من الآباء. ونقول بلغة وليام بيفريج والد دولة الرفاهة الحديثة ان هذا مثال على وسط اقتصادي يشتغل اشتغالا كاملا في مسؤولية عامة.

          لم تتحمل الدولة مسؤولية عما يحدث في تل الاولبانه في مجال العمل فقط – بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ فدعم خدمات التربية هناك أكبر كثيرا من خدمات التربية في القدس مثلا وكذلك دعم السكن ايضا، لأنه أين يمكن زوجين من طلاب الجامعات في دولة اسرائيل ذوي أولاد ان يحلما باستئجار شقة تشبه الشقق في حي الاولبانه؟.

          ان الشقق الخمس في تل الاولبانه هي اذا مثال ممتاز على دولة الرفاهة التي تُبنى وراء الخط الاخضر وأزهرت هناك. وقد وقف قبل أكثر من عشر سنين على الصلة المتبادلة بين مشروع الاستيطان وبين تحطيم دولة الرفاهة الاسرائيلية، البروفيسور داني غوتفاين بقوله ان الامتيازات التي عرضتها ارض المستوطنات في المجالات الاجتماعية (العمل والتربية والصحة والسكن والبنى التحتية) كانت تشبه "جهاز تعويض" من اليمين للفئات السكانية الفقيرة وللطبقة الوسطى المنخفضة من المس الذي أحدثه بدولة الرفاهة في اسرائيل، "وهي التي حثت القدر الأكبر من حركة الهجرة الى المناطق".

          لا يجوز في رأي غوتفاين ان تطمس المشايعة الفكرية من المستوطنين لمشروع الاستيطان على الباعث الاقتصادي على الهجرة الى المناطق وحقيقة "ان المستوطنات فتحت أمام الطبقات الدنيا احتمال التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي زادت أهميته كلما عمّقت خصخصة دولة الرفاهة عدم المساواة في اسرائيل".

          ان ما حدث للمُجلين عن غوش قطيف (الذين سكن عدد منهم في البيت رقم 2014) يدل على مبلغ صدق غوتفاين. فكثيرون من المُجلين عن غوش قطيف بالانفصال جربوا وما زالوا يجربون، زيادة على الازمة العقائدية الصعبة، ازمات اقتصادية واجتماعية أصعب من ان تُحتمل. وتحقق هناك كثير من الظواهر التي نعرفها في مجتمعات تكون في مرحلة ما بعد الرفاهة (مثل اوروبا الشرقية في مطلع تسعينيات القرن الماضي): فهناك البطالة والكآبة وانتقاض عُرى العائلات؛ والعنف والفتيان المقطوعون المُشفون على خطر وغيرهم.

          ان عار علاج المُجلين عن غوش قطيف وفهم الدعم المالي الذي يتلقاه سكان البيوت الخمسة في تل الاولبانه يوجبان على كل من يؤيد اجلاءهم المطلق (لا نقل بيوتهم الى حي آخر في بيت إيل فقط) ان يفهم المعنى الشعوري والاقتصادي المقرون بضياع شبكة الأمن الاقتصادي والاجتماعي لدولة الرفاهة التي تعمل في المناطق. ومن الواجب مع التوازي مع الاخلاء المادي البدء في نسج شبكة الأمن في اسرائيل من جديد كي نستطيع ان نستوعب الأخوة العائدين الى البيت كما ينبغي من اجل مصلحتهم لكن من اجل مصلحتنا في الأساس.