خبر ثمر حامض- يديعوت

الساعة 08:14 ص|02 يوليو 2012

ثمر حامض- يديعوت

بقلم: دانيال فريدمان

تم التوقيع على اتفاق السلام مع مصر في آذار 1979 في فترة الولاية الاولى لمناحيم بيغن لرئاسة الوزراء، وقد أحرزت مصر بهذا الاتفاق، بقيادة أنور السادات، كل الأهداف التي نصبتها لنفسها قبل حرب يوم الغفران.

كان ثمن الاتفاق باهظا جدا: فقد أخلت اسرائيل سيناء وطائفة من المستوطنات آمنت بأنها مستوطنات دائمة وتخلت عن موقفها الأساسي القائل انه لا عودة الى حدود 1967. وحظيت مقابل ذلك بمعاهدة سلام مع أكبر الدول العربية وأقواها، وتجريد شبه جزيرة سيناء من السلاح، وتهدئة على الجبهة الجنوبية استمرت نحوا من 33 سنة، وبـ "انجاز" ان بقي قطاع غزة في يدها. لكن ثبت ان غزة تشبه حبة بطاطا ساخنة ولم يبق من هذا "الانجاز" لاتفاق السلام مع اسرائيل شيء سوى المشكلات التي لم تنته بعد.

ان الانجاز المركزي الى اليوم هو التهدئة في الجنوب. والسؤال من جهتنا هو كيف تم استغلال هذه التهدئة وهل استفدنا منها كامل الفائدة. وكان في الشأن الداخلي محل قبل كل شيء لتقصير الخدمة العسكرية التي أُطيلت بعد حرب الايام الستة من سنتين ونصف الى ثلاث سنوات. ومن الواضح انه اذا انقضى خطر الحرب في الجنوب لجيش أكبر الدول العربية سنين طويلة فانه يمكن بيقين مضاءلة مقدار الجيش، لكن من المؤسف جدا ان ذلك لم يحدث.

وفي الشأنين الخارجي والامني جعل اتفاق السلام المشكلة الفلسطينية في مقدمة ترتيب الأفضليات. فبعد ان بقي قطاع غزة في يد اسرائيل بقي الشأن الفلسطيني كله في يدها. وأُضيف الى ذلك شروط اتفاق السلام: ففي الوثيقة التي تم التوقيع عليها في كامب ديفيد بين بيغن والسادات جرى التحدث عن حكم ذاتي كامل للسكان الذين يختارون ادارة ذاتية تحل محل الادارة العسكرية. وعادت مصر وذكرت في التوقيع على اتفاق السلام في مقدمة توقيعها "الاتفاق المكمل بشأن انشاء حكم ذاتي كامل في الضفة الغربية لنهر الاردن وفي قطاع غزة". ولم يكن بيغن مستعدا لاقامة حكم ذاتي كهذا، وفي رد على ذلك استقال من حكومته وزير الخارجية موشيه ديان ووزير الدفاع عيزر وايزمن.

في مقابل ذلك استمرت حكومة بيغن على استيطان المناطق بكامل الزخم، وكان موقع الاستيطان يقرره أكثر من مرة التوجه الى احباط انشاء دولة فلسطينية. ومنذ ذلك الحين استمر الاستيطان في الضفة وزادت معه المشكلات الدولية والداخلية. ونشأت ورطة قانونية ايضا، فلم تُضم مناطق الضفة الى اسرائيل وليست هي جزءا منها، لكنها في واقع الامر تسيطر على اراضي الدولة في المنطقة وتستعملها للاستيطان اليهودي.

يخضع المستوطنون بفعل أوامر الحاكم العسكري الى القانون الاسرائيلي الذي لا يجري على المنطقة بصورة نظرية (لأنها ليست جزءا من دولة اسرائيل). وفي المقابل ما يزال القانون الاردني مع أوامر الحاكم العسكري يجريان على السكان الفلسطينيين. وهكذا نشأ وضع يحيا فيه جنبا الى جنب طائفتان من السكان تخضع كل واحدة منهما لمنظومة قوانين مستقلة، هذا الى ان السكان الفلسطينيين يخضعون في شؤون مختلفة للمحاكم العسكرية، أما الحكم على المستوطنين فيُستوضح في محاكم مدنية. وهذا وضع لا يحتمل يُمكّن من ان تثار على اسرائيل دعاوى شديدة في الصعيد الدولي، وهو غير معقول ايضا من جهة اسرائيلية داخلية.

لا يبدو في الأفق حل دبلوماسي سياسي واحتمال التوصل الى معاهدة سلام مع الفلسطينيين المنقسمين بين غزة التي تحكمها حماس وبين الضفة، يبدو بعيدا. لكن الوضع في الضفة التي أكثرها تحت سيطرتنا يقتضي حلا. ويجب ألا يُضللنا الهدوء الحالي.

ان الأفق الدولي قد يتلبد هو ايضا. ومن المؤكد ان تجد الولايات المتحدة طريقة للتعبير عن موقفها من هذا الشأن بعد الانتخابات في تشرين الثاني. وقد تتخذ مصر ايضا خطوات مختلفة. يصعب ان نفترض ان تتحلل بسهولة من اتفاق السلام، لكنها قد تزعم ان اسرائيل لم تفِ بما فُرض عليها في كل ما يتعلق بالفلسطينيين وتطلب الرد على ذلك. وقد سمعنا إيماءا بهذا الاتجاه من رئيسها الجديد محمد مرسي.

ان الحاجة كما قلنا الى تسوية الشأن الفلسطيني ضرورة اسرائيلية داخلية، ومن المناسب ان نعمل في هذا الاتجاه دونما صلة بالضغوط المتوقعة من الجانب العربي والفلسطيني وفي الصعيد الدولي ايضا.