خبر مسرحية «المخلوع»..أحمد منصور

الساعة 12:51 م|25 يونيو 2012

بلغت مسرحية «المخلوع» ذروة فصولها الهزلية مساء الثلاثاء الماضى، حينما كانت الملايين تملأ ميدان التحرير فى القاهرة وميدان القائد إبراهيم فى الإسكندرية والميادين الرئيسية الأخرى فى المدن المصرية الكبرى معيدة مشهد الثورة المصرية فى أيامها الأولى، وبينما كان المتظاهرون فى مزاج ثورى عالٍ يطالبون بسقوط حكم العسكر والإعلان الدستورى المكمل وسرعة إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، سربت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، خبراً مفاده أن الرئيس المخلوع حسنى مبارك قد تعرض لجلطة دماغية فى سجن طرة وأنه قد توفى سريرياً، وسرعان ما قامت «بوابة الأهرام» الإلكترونية الحكومية بالتناغم مع الوكالة الرسمية وبثت الخبر نقلاً عنها، اتصلت ببعض الزملاء الصحفيين الذين يفهمون فى الإعلام والسياسة، فأكدوا لى أنها قنبلة دخان لصرف الأنظار عن المليونيات والحشود الهائلة التى شاركت فيها والزخم الثورى الهائل فى الشوارع، الهدف الثانى هو نقل المخلوع تحت ستار هذه الشائعة من سجن طرة إلى خارجه إلى الأبد، وسرعان ما تحققت التوقعات، وقعت معظم الفضائيات المصرية والعربية فى الفخ، وسرعان ما تركت تغطية المليونيات واتجهت لتغطية خبر لا أصل له، واستخدمت معظم الفضائيات لتضليل الشعب والمشاهدين لإخفاء المشهد الحقيقى للمسرحية، وفى الوقت الذى كان أحد جنرالات القوات المسلحة السابقين ينعى مبارك على شاشة «الجزيرة» وقال بالنص: «الله يرحمه»، كان مبارك -كما أكد لى مصدر موثوق- يجرى الأشعة فى مستشفى المعادى وهو واقف على قدميه وليس نائماً على السرير، كما يظهر دائما فى فصول المسرحية، بل أكد لى أن صحة مبارك جيدة وأنه تريض صباح اليوم فى سجنه كالمعتاد، وقال إن النظام العسكرى الحاكم يشيع خبر مرض مبارك حينما يمرض نظامه أو يواجه أزمة سياسية، وأنه يتعافى حينما يتعافى النظام وينتعش والدليل على ذلك أنه تم تسريب خبر يوم الثلاثاء 12 يونيو بأن مبارك مريض جدا ويصارع الموت، لكن يوم الخميس 14 يونيو حينما صدر حكم حل مجلس الشعب وإلغاء قانون العزل، ظهر وزير الداخلية فى مؤتمر صحفى وأكد أن صحة مبارك جيدة، حيث مثل هذان الحكمان قمة التعافى للنظام الذى كان يصارع الموت قبل يومين، واستكمالا للمشهد المسرحى الهزلى وإشغال الناس بصحة المخلوع، صرح مصدر عسكرى مساء الثلاثاء بأن بيانا سوف يصدر عن صحة المخلوع لكن لم يصدر أى بيان ولم يظهر أحد رغم مرور ما يقرب من أسبوع ليدلى بأية معلومة عن صحة المخلوع.

المعلومات التى عندى أيضا أنه تحت ساتر قنبلة الدخان هذه، تم إخراج مبارك من سجن طرة دون علم النائب العام أو أخذ موافقة رسمية منه كما تنص القوانين، وربما رتبت هذه بعد ذلك، لكن كل شىء تم تحت ساتر قنبلة الدخان وبسرعة فائقة لوضع الجميع أمام الأمر الواقع، وإذا رجعنا لفصول المسرحية جميعها من البداية، نجدها أديت بهذه الطريقة منذ أن فتح الستار عن عمر سليمان مساء الحادى عشر من فبراير 2011 ليعلن عن تنحى المخلوع، ثم ذهابه إلى قصره فى شرم الشيخ وتحت ضغط المليونيات، أعلنت النيابة العامة تحويل مبارك للتحقيق فى 11 أبريل حيث أمر النائب العام بحبسه خمسة عشر يوماً، تم تجديدها، وفى 3 أغسطس ظهر المخلوع لأول مرة فى فصل جديد من المسرحية وهو فى المحكمة على سرير وقال كلمته الشهيرة رداً على القاضى «أفندم» وقضى الفترة فى الجناح الرئاسى فى المركز الطبى العالمى، ثم تواصلت فصول المسرحية حتى الثانى من يونيو حيث نطق القاضى بالحكم بالسجن المؤبد على مبارك الذى نقل بعد الحكم إلى سجن طرة وبدأ فصل جديد من المسرحية، أسدل الستار عليه، ثم فتح عن فصل جديد مساء الثلاثاء الماضى «المخلوع فى مستشفى المعادى»، والقصة الحقيقية هى أن مبارك أصبح جزءاً من التاريخ وموته وحياته، أصبحا أمراً لم يعد يعنى أحداً؛ لكن مرضه أصبح يستخدم كمؤشر على مرض نظامه أو عافيته، وما زال العرض مستمراً.