خبر تعود الهراوة مرة اخرى -يديعوت

الساعة 08:03 ص|18 يونيو 2012

بقلم: يارون لندن

يرد داني ديان، رئيس مجلس "يشع" على منتقديه من متطرفي المستوطنين ويقول ان حماستهم هي الخطر الوحيد الذي يتعرض له الاستيطان في يهودا والسامرة. ويقول ان سقوط اقتراح "قانون التسوية" ليس كارثة وان حركة الاستيطان على شفا انتصارها الكامل الذي هو احباط امكانية انشاء دولة فلسطينية على ارض اسرائيل الغربية. ويدعو ديان خصومه الى تبريد احتجاجهم على حكومة نتنياهو التي ليست هي مجموعة من القاهرين. وهو يصوغ مبدأ عمل قيادته وهو: "لا بالهراوة ولا باستعمال القوة السياسية". ويصدر عنه في الآن نفسه وعد بأنه اذا نكث بيبي التزامه بناء الوحدات السكنية مقابل البيوت الخمسة في تل الاولبانه التي حُكم عليها بالهدم، فسيقوم بكامل وزنه للنضال عن التلال.

نشرت الى جانب مقابلات صحفية مع داني ديان في نهاية الاسبوع نتائج استطلاع للرأي العام أُجري قُبيل "مؤتمر الرئيس". وتبين في الاستطلاع ان 53 في المائة من المواطنين يعتقدون ان حدود الدولة ستكون هي "الخط الاخضر" مع تعديلات. ويتمسك 24 في المائة فقط برأي ان الحدود ستكون الاردن وان اراضي السلطة الفلسطينية ستُبتلع في اسرائيل. ولم يُسأل المستطلعة آراؤهم هل الحد المتوقع هو الحد المُراد ايضا. لكن من معرفتنا للمزاج العام للجمهور لن نُحجم عن القول ان المتوقع والمُراد قريب بعضهما من بعض.

والاستنتاج هو انه بعد 45 سنة احتلال ايضا حكمت الدولة في أكثرها كتلة من احزاب اليمين، لم تضرب نظرية الضم بجذورها عميقا. فنسبة مؤيدي الانسحاب وانشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل ضعف نسبة ذوي الرأي المضاد.

ويتم تفسير هذا الفرق بأنه لم يتقرر انشاء مشروع الاستيطان في يهودا والسامرة وغزة – وراء حدود العاصمة وبعيدا الى الشرق – بصورة عقلانية، بل هو اجراء فُرض على الأكثرية بالهراوة واستعمال القوة السياسية، وهي الاستراتيجية التي يشمئز منها داني ديان بادي الرأي. وبتنبؤه بأن عدد المستوطنين في يهودا والسامرة لن يُمكّن من الانتقال يقصد انه لن تنشأ عندنا أبدا حكومة تكون معتدلة من جهة العلاقات الخارجية وقاسية في الداخل. فستكون التهديدات العنيفة بالرفض كافية لاحباط كل انسحاب. وهنا يظهر مرة اخرى التهديد بالهراوة واستعمال القوة التي ينكرونها.

يُخيل إلي أن ديان يؤمن حقا وصدقا بأن الانجازات التاريخية للحركة الاستيطانية قد اكتسبت بلا أي مس بروح الديمقراطية، ولست أعجب من ذلك لأنه يحدث في فترات متقاربة جدا ألا يشعر البشر بكيفية ترجمة عالم مصطلحاتهم ونشوء معجم جديد. فالقمع يُترجم الى تغليب النظام، ويصبح الخداع أداة شرعية في لعبة القوى السياسية، ويتحول سلب الاراضي الى تخليص اراضي الشعب اليهودي، ويتحول الحفاظ الحريص على القانون الى الخيانة، ويحل العنف الظاهر والمكتوم محل الحسم السياسي المتحرر من الخوف.

ان أحد المصطلحات الذي ينتمي الى هذه القضية هو العبارة القديمة "الاحتلال المستنير". وقد اعتقدت انه زال منا المؤمنون بامكانية وجود هيبرا تلوح بذيلها مثل كلب حبيب، وتبين لي انسان ما يزال يؤمن بذلك. وقد تبين لي في قائمة حسنة الصورة طاهرة النوايا كتبها زميلي يوعز هندل. وقد صاحب هندل اثنتين من نساء "حاجز ووتش"، ويبدو انه فاجأه ان تبين له أنهما صادقتان باهتمامهما بحقوق الانسان للعمال الفلسطينيين. ويقول هندل انه بخلاف تنظيمهما تشتغل جمعيات اخرى مثل "نكسر الصمت" و"غيشه" بالسياسة لا بحقوق الانسان.

ما الفرق؟ ان "السياسة" بحسب تفسيره هي نشاط يتصل بالاختلاف في حقيقة الاحتلال في حين ان الدفاع عن حقوق الانسان هو نشاط يرمي الى التسهيل على الفلسطينيين الذين يخضعون لنظام الاحتلال. وعجب هندل من انه لا توجد منظمات يمين من النوع "الجيد"، وهو يعتقد انه لا يوجد تناقض بين دعم الاحتلال والنضال من اجل حقوق الانسان لمن يخضعون للاحتلال.

يا يوعز، يا زميلي الطيب القلب، جنّب نفسك خيبة الأمل لأنه "لن توجد جمعيات يمين من اجل حقوق الانسان للفلسطينيين"، كما لا يوجد "احتلال مستنير" ولا توجد حركة استيطان "بلا هراوة وبلا استعمال القوة السياسية".