خبر نهاية عالم اليسار -معاريف

الساعة 08:02 ص|18 يونيو 2012

نهاية عالم اليسار  -معاريف

بقلم: رونين طل

        (المضمون: الهجوم على اليسار العالمي هو فرار من مواجهة مشاكل السلوك الاسرائيلي. لعلم ارال سيغال - المصدر).

        في مقال نشر هنا مؤخرا "الحائط الغربي"، 14/6 هاجم أرال سيغال اليسار العالمي المصاب على حد تعبيره "بالغباء، بالمزايدة، بالادعاء وبالازدواجية". وبينما يواصل نشطاء اليسار التنديد بالولايات المتحدة وباسرائيل - الشيطان الاكبر والشيطان الاصغر – فانهم يسكتون امام العنف الاجرامي الذي يستخدمه بشار الاسد ضد أبناء شعبه في سوريا. ويتهم سيغال بذلك الخطاب ما بعد الحداثة المشوه الذي سيطر على اليسار الغربي ويركز على فرعين يمثلهما: النسوية والاستشراقية. منظمات النساء يصفها سيغال بعبارة "نسويات تعارضن حلاقة المواضع الحميمة لاسباب ايديولوجية"، ويركز على ادعاء بعض من نشيطاتها المتطرفات في أن الصواريخ الامريكية المنصوبة على الاراضي الاوروبية في سنوات الحرب الباردة كانت مصممة على شكل العضو الذكري. أؤمن بان حتى أكثر الايديولوجيين يمينية، اذا ما وافقوا على أن يكونوا مستقيمين مع أنفسهم سيعترفون بان الحركة النسوية فعلت أكثر بكثير من مجرد الشكوى ضد جمالية اسلحة الدمار الشامل او تثبيت نظام للنظافة الشخصية.

        يكاد يكون محرجا التذكير لسيغال بانه بدون الكفاح النسوي، ما كانت ستنشأ ملاجيء للنساء المضروبا والمتضررات من الاغتصاب، التحرش الجنسي ما كان ليدخل سجل القوانين، واناس مثل موشيه قصاب وحنان غولدبلاط كانوا سيستمرون في ادارة حياة جنسية عاصفة دون عراقيل. بفضل النشاط النسوي ولدت فكرة مساواة أجر النساء بأجر الرجال في ذات الاعمال (وهو كفاح لا يزال بعيدا عن نهايته). واشك في أن يكون سيغال يعرف كل هذا الامر الذي يجعل ادعاءاته عرضا تهكميا للانتهازية الثقافية.

        ذات الشيء بالنسبة لانتقاده للاستشراق من مدرسة ادوارد سعيد، والذي يرى فيه دعاية توفر للدول العربية "شرعية اكاديمية لمرض البكاء والادعاء بالضحية العضال". وخلافا لما يقول، فان محافل مختلفة في الغرب، بما فيها في اليسار، لا تتردد في اطلاق سهام النقد نحو الانظمة في الدول العربية، موقفها من النساء والوضع المشوق لحقوق الانسان في هذه البلدان. الادعاء بان كل المظالم التي تقع في هذه الدول تجد مبررها من خلال انتقاد اليسار الاكاديمي هو ادعاء سخيف. فبشار الاسد يجد لنفسه جملة من المبررات لقتل الشعب الذي يرتكبه؛ ومن الصعب التصديق أن يكون فكر سعيد هو واحدا منها.

        هناك الكثير من الادعاءات المشروعة التي يمكن طرحها ضد اليسار المتطرف في الدول الغربية. وفي احيان كثيرة الانتقاد لاسرائيل، حين يكون يرفض مجرد شرعية وجودها، هو بالفعل غطاء حديثا للاسامية قديمة. الوقوف التلقائي لاجزاء من هذا اليسار الى جانب الدول والزعماء الاسلاميين هو غير مرة صيغة حالية للستالينية البلشفية. ولكن هل كل ما يحصل عندنا والانتقاد الذي يوجه الينا يمكن ان نعزوه حصريا الى خطايا هذا اليسار؟

        عندما يتهم سيغال اليسار الدولي بالمسؤولية عن كل مشاكل اسرائيل، فانه يمنحها حجة الغيبة التي يعطيها سعيد، حسب روايته للدول الاسلامية ويتصرف بذات البكائية مدعية الضحية العضال الذي يعزوها للاخرين: من ناحيته، نحن لسنا مذنبين في شيء. نحن دوما محقون، ليست لنا مسؤولية عن اي شيء يحدث عندنا – كل هذا هو اليساريون المتنورون في الغرب. هم ونساؤهم اللواتي يرفضن حلاقة المواضع الحميمة.