خبر ورم « مرمرة » الخبيث- هآرتس

الساعة 09:12 ص|17 يونيو 2012

ورم "مرمرة" الخبيث- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

        (المضمون: برغم تقارير لجان التحقيق في عملية الاستيلاء على السفينة التركية "مرمرة" وبرغم تقرير مراقب الدولة لم تتناول كل هذه التحقيقات المسائل الجوهرية الحقيقية وطمست على الحقائق - المصدر).

        هناك قضايا لا تتركنا ويحدث ذلك حينما لا تُكشف الحقيقة فيها حتى النهاية. فمحاولات الطمس على الحقائق غير مجدية فتعود لتظهر من جديد. يبدو ان شيئا ما يضايق اسرائيل في قضية "ماوي مرمرة"، لكن ثلاث لجان تحقيق وتقريرا من مراقب الدولة لم تكن مجدية، فقد تناولت المسائل الهامشية وطمست الحقيقية ولهذا ستظل لعنة "مرمرة" تطارد اسرائيل.

        أشار تحقيق الوحدة البحرية 13 الى اختلالات في طريقة استعمال القوة؛ وقضت لجنة آيلاند بأنه لم يكن خلل في الشؤون الجوهرية؛ وقضت لجنة تيركل بأن جنود الوحدة البحرية عملوا بصورة معقولة؛ وقضى مراقب الدولة في الاسبوع الماضي انه كانت توجد اختلالات في اتخاذ القرارات. تم التحقيق في كل شيء بادي الرأي ولم يُحقق شيء في واقع الامر وتراكم الضرر ولم يقدم أحد كشف حساب عنه وأهم من كل ذلك ان طمس جميع المحققين للحقائق يضمن شيئا واحدا فقط هو ان اسرائيل لن تتعلم شيئا. لأن استعمال القوة في المرة القادمة ايضا سيكون أول وسيلة، ولن يتغير اعتقاد ان اسرائيل مباح لها كل شيء، ولن يسأل أحد ما هو القانوني وما هو الاخلاقي وما هو المناسب وما الذي يخدم المصلحة الاسرائيلية؛ ولن يكون أي حديث عن اعتذار وربما يُقوى مجلس الامن القومي فقط ويكون "جهاز الدعاوة الوطني" أسرع الى نقل أفلام دعاوته، وستُطرح جميع تقارير التحقيق في المهملات كما تستحق لأنها لم تواجه هذه المسائل. فقد أشارت الى ان الجنود هوجموا ولم تتجرأ على ان تسأل لماذا كانوا هناك أصلا.

        كان في أساس العملية الاسرائيلية على القافلة البحرية التركية عدد من الفروض الأساسية المعوجة والداحضة أولها ان متظاهري القافلة البحرية عرضوا أمن اسرائيل للخطر. والثاني ان من حق اسرائيل ان تحاصر غزة حصارا بحريا مطلقا. والثالث ان من حقها ان تعمل بالقوة لمجابهة كل من يحاولون تحديه، وان تسيطر على سفن غير مسلحة في عرض البحر وان تستعمل السلاح الحي على مواطنين غير مسلحين. وآخرها انه كانت هناك حكمة في السيطرة التي كان الضرر الدولي العظيم الذي حدث على أثرها غير ممتنع بل انه غير مهم في واقع الامر. ان عملية الوحدة البحرية جاءت بعد حملة تخويف وتحريض غبية على القافلة البحرية قضت بأن الركاب "ارهابيون" وبأن المتظاهرين مسلحون – وبعد حملة تخويف وتحريض أشد غباءا على تركيا حليفة اسرائيل الوحيدة في المنطقة، لم تنته حتى هذا اليوم.

        ليس صعبا ان نُخمن ماذا كان يحدث لولا عملية السيطرة: كانت "ماوي مرمرة" تتابع طريقها الى غزة وتعود الى تركيا وتغرق في بحر النسيان. وما كان أحد لينتبه اليها والى ركابها، وما كان الفيس كوستلو ليلغي حفله الموسيقي في قيصارية بعد ذلك ببضعة اسابيع احتجاجا. لن أنسى أبدا صباح العملية، فقد جئت الى فندق ماريو فيرجس يوسا الذي فاز بعد بضعة اشهر بجائزة نوبل في الأدب لأتناول معه الفطور. ولم يصدق ما سمعته أذناه برغم انه صديق اسرائيل. ولم يصدق مثله اصدقاء كثيرون آخرون لاسرائيل في أنحاء المعمورة.

        لكن لندع الحليب الذي سُكب والدم الذي سُفك. ان اسرائيل حتى بعد قتل المواطنين الاتراك التسعة ظلت مستمرة في غيّها فلا حديث عن اعتذار. لماذا؟ هكذا. وهو خطوة سهلة جدا ومطلوبة جدا وتضائل الاضرار جدا وهذا كله صحيح لكنه لا يؤخذ في الحسبان، فهو لا يناسب طابع اسرائيل وروحها. فهي دولة كرامة ولن تعتذر أبدا. كان يجب على اسرائيل في يوم الحادثة ان تعبر عن اعتذار للقتل الباطل. وكان يجب على رئيس الوزراء ان يهب مسرعا الى أنقرة ومنها الى بيوت القتلى ايضا للعزاء كما فعل هنا ذات مرة الملك حسين الذي قطع زيارة لاسبانيا وجاء الى بيت شيمش على أثر قتل الطالبات الاسرائيليات في نهرايم – وإن لم يكن حكم قتل مهاجمي الجنود بالعصي كحكم قتل الطالبات. ولم تسقط شعرة من رأس الملك ولم تتضرر كرامة مملكته قيد أنملة، ولم يفعل أي سياسي اسرائيلي هذا قط. من يملك كرامة أكبر.

        لكن اللجان ومراقب الدولة لم يتناولوا كل هذا. وهذه هي الاسئلة الحقيقية، وهرب الجميع منها هربهم من النار. فاذا استمرينا في طمسها والتعفية عليها فسنتظاهر بأننا محققون ومستخلصو استنتاجات ولن نأسف ولن نعتذر وسيظل ورم "مرمرة" الخبيث يطاردنا.