خبر بيبي يعود الى المنابع- هآرتس

الساعة 09:45 ص|13 يونيو 2012

 

 

بقلم: تسفي برئيل

سُمع تنفس الصعداء حينما واجه قانون التسوية سور الانضباط الائتلافي الذي فرضه بنيامين نتنياهو. وكان يُخيل للحظة ان نسيما من المنطق نجح في ان يجد له طريقا يتغلغل منه الى قلعة التطرف القومي. فقد أدرك بيبي آخر الامر ان البؤر الاستيطانية والبناء غير القانوني في المناطق قد تجلب كارثة على اسرائيل. وكان الفرح كبيرا جدا حتى انه غطى على الثمن الضخم – وهو 851 وحدة سكنية جديدة، وحيّان من اجل المستولين على ميغرون وبناء مؤقت غير قانوني في معسكر الجيش الاسرائيلي من اجل مستوطني جفعات الاولبانه. لكن ماذا تكون بضع عشرات من ملايين السواقل اذا قيست بانتصار القانون العظيم وانتصار المحكمة العليا وأصحاب الارض؟.

ان أصحاب الارض في الحقيقة لم ينتصروا كثيرا، فسيظلون ينظرون الى أملاكهم من بعيد ولن يحصلوا على تعويض ولن يستطيعوا فلاحة الارض التي سُلبت منهم. لكن النصر منذ البدء لم يكن لهم بل لنا نحن أصحاب الضمير الخالص من الباحثين عن الاحتلال القانوني والمستنير ومن المخلصين للمحكمة العليا وممن لا يهمهم ألبتة حصار غزة أو الاعتقالات الادارية بل "ما يفعله الاحتلال بالمجتمع الاسرائيلي" فقط. وقد "انتصرنا" هذه المرة.

واليكم كلفة النصر. قبل اسبوع ظهرت ابتسامة وخازة أدق من دقيقة حينما توجت مجلة "تايم" بيبي ملكا على اسرائيل. لكن بازاء السخرية الاسرائيلية من المبالغة الامريكية يتبين ان مجلة "تايم" أشد فهما للواقع السياسي في اسرائيل. فلولا الانضباط الائتلافي الذي فرضه نتنياهو ولولا أمر حظر الانشقاق الذي سلمه لوزرائه فلربما جاز قانون التسوية. لكن بيبي ليس البالغ المسؤول الذي يدس الفهم في أذهان وزرائه ونوابه. وهو ليس قائد القاطرة الحكيم الذي ينجح في النجاة بالقطار حينما يبدأ الانطلاق الى الأمام بلا كوابح. ان بيبي ملك أو هو مستبد على وجه أصح، فهو يوزع أوامر ويمنع قوانين لأنه قادر. وعلى سبيل المثال حينما عرض عليه رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين في تموز الماضي الاشكال الدستوري لقانون القطيعة، رفض بيبي الملك تعليلاته. وفُرض الانضباط الائتلافي على منتخبي الشعب وجاز القانون. لأنه ما الذي يفهمه المستشار القانوني للكنيست الذي عرض الاشكال الدستوري في صلاحيات الملك؟.

ان الائتلاف الضخم الذي يتحكم به بيبي يُمكّنه بصورة غير ديمقراطية في ظاهر الامر من ان يصد أو يبادر الى قوانين كما يشاء، وان يُجيز البناء في المناطق أو يهدم البيوت. لكن هذه نتيجة هامشية فقط لتحول أهم كثيرا. فقد نجح بيبي في تغيير طريقة الحكم في اسرائيل. وما تزال المرحلة الحالية تُظهر زينة الديمقراطية فيوجد في الظاهر احزاب كثيرة لكن حزبا واحدا في واقع الامر ذا أسماء كثيرة يُصرف امور الدولة؛ وتوجد معارضة في الظاهر لكن مكانتها كمكانة عامل اجنبي؛ ويستمع بيبي في ظاهر الامر لأصوات من الشارع لكنه لا يرى لسوى القوة العظمى الامريكية قوة على الفرض مثل كل مستبد في منطقتنا.

هذه هي المرحلة المؤقتة نحو الانتقال الى الطريقة الرئاسية ومنها الى الاستبداد الرسمي. وليس امتحان طريقة النظام الجديدة هو الادارة السليمة أو حقوق المواطن أو الاقتصاد الزاهر بل لها امتحان واحد فقط هو ميزان قوة الحاكم بازاء المستوطنين، ويتعلق نجاح استبداده بقدرته على ان يكف جماح 8 في المائة من جملة السكان اليهود واستعداده لتعريفهم في مسألة "من هو الوطني" و"من هو الخائن". ويتعلق استمرار حكمه بتأييد الطائفة الاستيطانية التي تطلب دفعات من العقارات وقوانين قطيعة وحظر حرية التعبير وقانون النكبة ايضا. أما فيما عدا ذلك من شؤون فيحق لوزراء الملك ان يتلهوا كما يشاؤون ما لم يمطوا حدود الرخصة التي أُعطيت لهم في مسائل أساسية كطريقة الحكم ومكانة طائفة المستوطنين.

ان "انتصار" نقل مستوطني ميغرون وتل الاولبانه ليس اظهارا لانتصار القانون بل لانتصار مستبد وأبناء طائفته الذين وافقوا على الثمن الباهظ. وليست المحكمة العليا هي التي حددت سلطة الدولة لأن قانون التسوية لو جاز لبخر قرار المحكمة العليا. ان الملك هو الذي قرر هل يتبنى القرار أو يُغري به قوانين مواليه، لكن لا مكان للشكوى لأن الملكية لا الديمقراطية هي التي ميزت دائما طريقة الحكم اليهودية، وبيبي يعود الى المنابع فقط.