خبر « الكل رابح » معادلة جديدة لتحقيق المصالحة الفلسطينية

الساعة 05:40 م|10 يونيو 2012

الحياة اللندنية

كشفت مصادر فلسطينية مطلعة على الحوار الجاري بين حركتي «فتح» و «حماس» في القاهرة برعاية مصرية، أن الاتفاق الأخير بين الحركتين على تشكيل حكومة واحدة تدير الضفة الغربية وقطاع غزة، كان ممكناً فقط بعد التوصل إلى معادلة تقوم على «الكل رابح».

 لكن هذه المصادر رأت أن تشكيل الحكومة الجديدة لن يكون سوى بداية «الطريق الطويل» نحو المصالحة، وليس نهاية الانقسام .

وأوضحت المصادر أن التحرك المصري الأخير جاء بعد قرار السلطة إجراء انتخابات محلية في الضفة، وهو ما أثار قلق القاهرة من أن ترد «حماس» بإجراء انتخابات مماثلة في قطاع غزة، الأمر الذي يكرس الانقسام، وتالياً إلقاء القطاع في حضن الجانب المصري.

وسارعت مصر، عقب ذلك، إلى إجراء حوار خاص مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق المقيم في القاهرة على صيغة اتفاق يكون مقبولاً على قيادة الحركة في قطاع غزة، وفي الوقت نفسه مقبولاً على الرئيس محمود عباس.

وبعد جلسات عدة بين الجانبين، جرى تعديل «اتفاق الدوحة» بوضع مجموعة من القيود على الحكومة الجديدة التي نص الاتفاق على تولي الرئيس عباس قيادتها، أهمها أن تكون مدة الحكومة ستة أشهر، يعقبها تشكيل حكومة مشتركة برئيس وزراء جديد. وتضمن الاتفاق المعدّل تفاهماً على إسقاط بند أساسي في «وثيقة المصالحة المصرية»، والذي ينص على قيام الحكومة الجديدة بإعادة توحيد الأجهزة الأمنية في الجانبين.

وقالت المصادر إن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل المقيم في الدوحة، زار مصر سراً لمدة أربعة أيام لبحث تفاصيل الاتفاق، كما زارها عباس في الفترة ذاتها وبارك الاتفاق، قبل أن يتوجه الزعيمان بصورة منفصلة إلى الدوحة حيث التقيا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وأطلعاه على التعديل المقترح على «اتفاق الدوحة»، وعادا إلى القاهرة للإعلان رسمياً عن الاتفاق.

وحقق الاتفاق الجديد الجاري الحوار على تطبيقه، مجموعة من المصالح للطرفين: فمن ناحية «حماس»، فإن الاتفاق الجديد يضمن لها الحفاظ على مصالحها الأساسية في قطاع غزة المتمثلة في بقاء «كتائب عز الدين القسام» خارج أي ترتيبات، وبقاء مؤسستها الحكومية الحالية تدير الوزارات في القطاع تحت إشراف الوزراء الجدد من دون تغيير.

كما حقق الاتفاق للحركة مصلحة كبرى تتمثل في نقل المسؤولية المالية عن موظفي حكومتها البالغ عددهم نحو 40 ألفاً إلى حكومة رام الله .

كذلك حقق الاتفاق للحركة الشروع في إجراءات الشراكة في منظمة التحرير عبر سلسلة إجراءات تتمثل في الانتخابات والتعيينات المقبلة للمجلس الوطني، ومن بعده اللجنة التنفيذية للمنظمة.

في المقابل، حقق الاتفاق للرئيس عباس هدفاً تاريخياً وهو الشروع في إنهاء الانقسام وإعادة توحيد الفلسطينيين تحت قيادته، خصوصاً أن الرئيس يتطلع إلى مكانته في التاريخ أكثر بكثير من مكانته في السلطة.

ويقول المقربون من عباس إنه يتطلع إلى قيادة عملية إنهاء الانقسام التي ربما تستغرق عامين (أقل أو أكثر) ووضع الفلسطينيين على سكة الوحدة عبر إجراء انتخابات عامة لا يشارك فيها بسبب السن أولاً (يكون في الثمانين عند إجرائها) واليأس من وجود أي أمل بتحقيق هدف التوصل إلى اتفاق مع الإسرائيليين على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

لكن الاتفاق يواجه عقبات رئيسة تتمثل في تشكيل حكومة مقبولة من الأطراف المؤثرة في المعادلة الفلسطينية، مثل إسرائيل وأميركا اللتين تشكلان «شريان الحياة» الرئيس للسلطة من خلال التحويلات الجمركية التي تسيطر عليها إسرائيل، وتبلغ قيمتها نحو مئة مليون دولار شهرياً، والمساعدات المالية الأميركية للسلطة التي تفوق نصف بليون دولار سنوياً، منها 200 مليون للموازنة، ومثلها للمشاريع، ومثلها لأجهزة الأمن.

أما العقبة الثانية، فتتمثل في الانتخابات التي لا يظهر الطرفان أي حماسة لإجرائها قريباً، فيما تتمثل الثالثة في القدرة على إعادة توحيد أجهزة أمنية ذات عقائد ومصالح أمنية متناقضة. ويشير كثير من التوقعات إلى أن الوضع الفلسطيني ربما ينتهي إلى معادلة شبيهة بوضع كردستان العراق: سلطة مركزية على الخدمات، وسلطتان على الأرض.