خبر أسرى أسوارهم- يديعوت

الساعة 07:59 ص|07 يونيو 2012

أسرى أسوارهم- يديعوت

بقلم: غي بخور

حذر مكيافيلي بقوله لا تحصر نفسك في قلعة أبدا فان من يفعل هذا يكون أسير أسواره ولا يجد مكانا يهرب اليه. فهو محاصر ويصبح هدفا سهلا لأعدائه. وها هي ذي ايران تفعل عكس ذلك بالضبط. فهي تحصر نفسها وتصبح بذلك دولة معزولة ومُقصاة ومُضرا بها اقتصاديا كما لم تجرب ذلك قط أي دولة منذ كانت الحرب العالمية الثانية.

صحيح ان احمدي نجاد ورفاقه يضللون الغرب بالمحادثات الذرية، لكن الايرانيين يعلمون جيدا ايضا مبلغ خطر الحال التي هم فيها، قُبيل قرار حاسم ذي أهمية تاريخية. فهم عالمون بالأخطار لكنهم يتابعون مع ذلك محاصرتهم أنفسهم.

في الاول من تموز سينفذ فعل قطيعة النفط المطلقة من الاتحاد الاوروبي على ايران، ومنذ تلك اللحظة ستخسر الدولة ربع مبيعاتها. وليس للايرانيين اليوم من يبيعونه نفطهم، وترسو في الخليج الفارسي ناقلات نفط محملة بنحو من 30 ألف برميل نفط لا يوجد من يشتريها. وتستطيع ايران ان تخزن 80 ألف برميل فوق ناقلاتها الـ 39 قبل ان تضطر الى اغلاق آبار النفط. وستكون هذه الخطوة مهلكة لها لأن بئر النفط المعطلة يُضر بها ضررا شديدا يمنعها من العودة بعد ذلك الى انتاجها السابق. وقد أصبح الغرب اليوم يستعمل ضغطا على دول كالصين والهند وكوريا الجنوبية وجنوب افريقيا فأصبحت حتى هي تضائل شراء النفط من ايران.

لكن ليست هذه هي الضربة الوحيدة التي ستقع على ايران في ذلك اليوم. فشركات التأمين الكبرى ستكف في مطلع تموز عن تأمين ناقلات النفط الايرانية أو كل ناقلة تحمل النفط الايراني. وفي ضوء هذا أعلنت كوريا الجنوبية واليابان ودول اخرى أنها ستضطر الى وقف شراء النفط الايراني. وليس لايران قدرة على ان تؤمن الناقلات هي نفسها. والصين قد تؤمن طائفة منها لكن التكاليف في هذه الحال ستكون ضخمة.

لم يبدُ مستقبل ايران الاقتصادي قط اسوأ من هذا؛ فهي تعاني من عجز مالي ضخم، وبطالة تتسع، وعملة أصبحت بلا قيمة، وتضخما ماليا أهوج، وشبابا يشتاقون الى الهرب من الدولة المعزولة وينجح كثيرون منهم في ذلك. وكل ذلك الى جانب العقوبات الصعبة التي أصبحت تُستعمل على ايران مثل فصل جهازها المصرفي عن جهاز السداد الدولي والقطيعة مع شركات لها صلات بمصرف ايران المركزي أو بصناعتها النفطية.

وهناك قوة ضخمة اخرى تستعمل على ايران الآن وهي سياسة السعودية التي زادت انتاجها من النفط ليبلغ رقما قياسيا لم يوجد له مثيل في ثلاثين سنة وأفضت بذلك الى انخفاض متعمد للاسعار. قبل بضعة اشهر فقط حذر محللون من ان اسعار النفط سترتفع الى 150 – 200 دولار للبرميل وها هي ذي الاسعار تنخفض الى 90 دولارا بل أقل. وينخفض استهلاك الصين والغرب من النفط أصلا نتيجة الركود الاقتصادي، وأحدثت زيادة الانتاج السعودي وضعا أصبح فيه العرض أكبر من الطلب فانخفضت الاسعار وانتقل زبائن ايران اليها. وهكذا يسلك الاكراد في شمال العراق ايضا الذين زادوا هم ايضا انتاجهم من النفط.

يفعل السعوديون ذلك على عمد، فهم معنيون جدا بتجفيف ايران، ومن جملة اسباب ذلك تأييد طهران للرئيس الاسد. وتستطيع السعودية ان تُمكّن من انخفاض الاسعار الى 80 دولارا للبرميل قبل ان تتضرر هي نفسها، وهذه الاسعار تجفف ايران حقا وتسبب لها ضررا عظيما لأن 80 في المائة من الدخل الايراني مصدرها النفط.

ان المقصد الغربي معلن وهو الافضاء الى انهيار ايران الاقتصادي مؤملة بذلك ان يفضي الامر الى سقوط نظام آيات الله. ولم تجرِ محاولة بهذه السعة في العصر الحديث قط، بل لم يكن مثلها في مواجهة الاتحاد السوفييتي في حينه. لكن بدل ان تتوصل ايران الى مصالحة قبل ان ينهار اقتصادها، وقبل ان تخرج الأقليات الكثيرة ومعارضو السلطة الى الشوارع، تتابع التحصن والتظاهر بأن كل شيء على ما يرام، فكم تستطيع ان تدوم على ذلك؟ وهل ينتظرها مثل مصير الاتحاد السوفييتي قريبا؟.