خبر بعد أحمدي نجاد- هآرتس

الساعة 09:09 ص|05 يونيو 2012

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: جولات المحادثات في اسطنبول، في بغداد وهذا الشهر في موسكو كفيلة بان تشهد، بمجرد وجودها وباسلوب ادارتها على أن ليس فقط الضغط والتهديد من الغرب يؤثران، بل وايضا السياسة الداخلية في ايران آخذة في التغير - المصدر).

        آخر سنة لولاية محمود أحمدي نجاد آخذة في الاتضاح بصفتها السنة الاكثر حرجا ليس فقط للرئيس نفسه بل ولايران بأسرها. تراشق الضربات السياسية بينه وبين الزعيم الاعلى، علي خمينئي بدأت منذ قبل بضعة اشهر، الى أن كانت ايام كان يخيل فيها ان خمينئي يعتزم الخروج عن التقاليد ودفع أحمدي نجاد الى خارج كرسي الرئاسة قبل نهاية ولايته.

        كما أن الخلاف بين الرئيس والبرلمان آخذ فقط في الاحتدام، على خلفية انتخاب خصمه، علي لاريجاني لولاية اخرى كرئيس للبرلمان بعد أن تغلب على منافسه، غولام علي عادل حداد. وكانت هذه منافسة مشوقة على نحو خاص، وذلك لان ابنة عادل حداد متزوجة من مجتبى خمينئي، ابن خمينئي الذي لا يعتبر فقط رئيس "المافيا" السياسية والاقتصادية التي تدير شؤون ايران بل يعتبر ايضا مرشحا كفيل بان يحل محل أبيه مع حلول الوقت.

        ولكن، رغم القربى العائلية، فان خمينئي يستمع بانصات شديد للاريجاني الذي عينه في حينه ممثلا شخصيا له في مجلس الامن القومي. واستقال لاريجاني من رئاسة مجلس الامن القومي في 2007، في أعقاب خلاف شديد مع أحمدي نجاد على خلفية اسلوب المحادثات التي أدارتها ايران مع الغرب. وسعى لاريجاني الى تبني اسلوب دبلوماسي أكثر تصالحا، بينما آمن الرئيس بنهج عدواني متصلب. في اطار المناكفات بين لاريجاني واحمدي نجاد ولا سيما على خلفية الانتقاد الحاد لرئيس البرلمان على سلوك الحكومة الاقتصادي، تدخل خمينئي عدة مرات في صالح البرلمان ضد احمدي نجاد. هذه المرة ايضا، في الانتخابات لرئاسة البرلمان ورغم القربيى بين خمينئي وعادل حداد، الفيلسوف والمثقف، فضل خمينئي لاريجاني، الذي يقدره كسياسي لامع، يعمل يدا بيد مع مستشاره السياسي علي أكبر ولاياتي.

        السياسة الداخلية الهامة جدا لايران لا تجد تعبيرها في استطلاع جولات محادثات النووي أو في التحليلات عن "الخيار العسكري". فرضية العمل القائمة في الغرب هي ان خمينئي يتخذ كل القرارات بنفسه، ولما كان توجهه الايديولوجيا والدين فليس للسياسة الداخلية صلة كبيرة بذلك. ايران، كما يقول أصحاب القرار في الغرب، مصنوعة على اي حال من مادة واحدة والمنصة السياسية فيها ليست سوى ساحة عرض لرجل واحد، سياسة واحدة وايديولوجية واحدة.

        غير أن هذا المفهوم الاستراتيجي لا ينجح في أن يجيب على سؤال مبدئي واحد: اذا كان متفق عليه أن ايران لا تزال لم تتخذ القرار بتطوير سلاح نووي، فلماذا يأخر هذا القرار؟ لماذا ايران، التي هدفها استعراض كل انجاز تكنولوجي، كل قفزة في معدل تخصيب اليورانيوم، كل تطوير باليستي وكل خطة لبناء مفاعلات نووية اخرى لا ترفق كل هذه باعلان صريح بشأن السلاح النووي. لماذا ايران، التي ترى الواقع الاستراتيجي الذي تعيشه كواقع مهدد، حيث من جانب واحد لها الهند والباكستان، اللتان تملكان قدرات نووية عسكرية مثبتة وعلى مسافة القصف منها، في الغرب، توجد دولة اخرى، اسرائيل، تستخدم "مصادر أجنبية" كي تبث معلومات عن قدراتها النووية المزعومة، وحيث أنه في الخليج الفارسي تبحر سفن حربية امريكية، لماذا ايران هذه لا تعلن بصوت عال: نحن مهددون ولدينا الحق في الدفاع عن أنفسنا بوسائل نووية ايضا.

        على هذه الاسئلة تجد فرضية العمل الغربية صعوبة في الاجابة. والادق هو ان الجواب المتبع هو أن ايران تخاف من رد عسكري، او من عقوبات اكثر حدة. اذا تركنا للحظة العقوبات، فهذه مفروضة على ايران منذ اكثر من 30 سنة ولم تنجح في تجميد البرنامج النووي الا بين اعوام 2003 و 2005 – يتبقى الجواب على مدى تأثير التهديد العسكري، غير أن التهديد العسكري يعتبر بقدر كبير غير مصداق.

        ظاهرا، ايران تتحدث بصوت واحد. ولكن هل سيكون من غير المعقول الافتراض بان في قيادة النظام ايضا توجد خلافات عسيرة بين من يؤيد المصالحة مع الغرب والاستجابة على قسم على الاقل من المطالب وبين من يعارض؟ أوليس هناك لايران يوفال ديسكن ومئير دغان خاصين بها، ممن يقترحون ادارة سياسة بديلة لسياسة احمدي نجاد أو يجتهدون لاقناع خمينئي باتخاذ استراتيجية بديلة؟

        النظام في ايران غير قابل للتصنيف فقط بحقيقة ان من يقف على رأسه هو رجل دين. فمثلما في معظم الدول الغربية – هذا نظام المحسوبية، للمقربين والاقرباء، لابناء الشرائح الحاكمة التي ينبش فيها الشيوخ ايضا. هذا نظام ينبغي ان يقرر من هو المرشح المرغوب في تقديمه كرئيس قادم لايران: هل يمنح الحرس الثوري قوة سياسية اخرى، أم ربما يجدر اقامة رئاسة تشكل كابحا للقوة المتصاعدة لهذا الجهاز في السياسة وفي الاقتصاد؟ والسؤال الهام من ناحية النظام هو هل من الضروري ومن الممكن تمديد محادثات النووي الى أن ينتخب رئيس ايراني جديد أم أن نافذة الفرص السياسية ستغلق حين ينتخب رئيس امريكي جديد؟

        جولات المحادثات في اسطنبول، في بغداد وهذا الشهر في موسكو كفيلة بان تشهد، بمجرد وجودها وباسلوب ادارتها على أن ليس فقط الضغط والتهديد من الغرب يؤثران، بل وايضا السياسة الداخلية في ايران آخذة في التغير. سياسة تفهم بان الاسلوب هام بقدر لا يقل عن الجوهر، بان الاجواء الطيبة ضرورية من أجل الوصول بسلام الى خط النهاية السياسي.