خبر القاهرة : التفتيت يواجه 18 مليون صوت حصل عليها التيار الإسلامى

الساعة 07:18 م|20 مايو 2012

فلسطين اليوم

رصدت دراسة أعدها المحلل والباحث السياسى "مشهور إبراهيم أحمد" ملامح المشهد السياسى للانتخابات الرئاسية القادمة، والكتل التصويتية الرئيسية وأوزانها النسبية، وما ستؤدى إليه من زيادة فرص بعض المرشحين أو القضاء على فرص البعض الآخر، بما فى ذلك احتمالات تحرك وانتقال الكتل التصويتية من مرشح لآخر، أثناء الجولة الأولى أو جولة الإعادة.

بداية، انتقدت الدراسة استطلاعات الرأى، بسبب التضارب الكبير فى نتائج تلك الاستطلاعات، سواء التى تتم على الإنترنت أو التى تجريها بعض المؤسسات والمراكز البحثية، بسبب التناقض الصارخ الناتج عن تسييس بعض تلك الاستطلاعات لصالح مرشحين بعينهم، أو بسبب الصغر المتناهى لعينة المبحوثين فى الاستطلاع وهو ما يجعلها غير معبرة بدقة عن توجهات الشارع أو بسبب احتمالية التلاعب فى استطلاعات الرأى التى تتم عبر الإنترنت.

وعلى الرغم من استرشاد الدراسة بما أفرزته الانتخابات البرلمانية الأخيرة من نتائج ومن إظهار للقوى الرئيسية والمؤثرة فى المشهد السياسى المصرى، إلا أنه تم الأخذ فى الاعتبار اختلاف طبيعة الانتخابات الرئاسية عن الانتخابات البرلمانية، وكذلك المستجدات التى طرأت على أرض الواقع خلال الفترة الزمنية الفاصلة بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية، والتى قللت من شعبية بعض القوى، وزادت من شعبية قوى أخرى، فضلا عن الزيادة التى طرأت على أعداد الناخبين ومن يحق لهم التصويت فى الانتخابات القادمة، وكلها أمور ومتغيرات يمكن أن تؤدى إلى تغيير فى اتجاهات التصويت وتوجهات الناخبين.

وقسمت الدراسة الناخبين إلى أربع كتل، فضلا عن الكتلة الرئيسية غير المسيسة من الشعب المصرى:

الكتلة الأولى.. التيار الإسلامى بأحزابه ومؤيديه:
حصل هذا التيار فى الانتخابات البرلمانية على حوالى 18.5 مليون صوت (من إجمالى الأصوات الصحيحة وهى 27.8 مليون)، توزعت كالتالى، حزب الحرية والعدالة حوالى 10 ملايين صوت، وحزب النور 7.5 مليون، وحزب الوسط ما يقرب من مليون صوت.

وإذا استمرت معركة الانتخابات الرئاسية بدون حدوث تحالفات أو تنازلات جديدة، فإنه من المرجح أن تتحرك الكتلة التصويتية للتيار الإسلامى، كما يلى:
1ـ بعد دعم السلفيين وحزب النور وحزب الوسط والجماعة الإسلامية للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، فإنه من المرجح أن يحصل الدكتور أبو الفتوح على النسبة الأكبر من أصوات التيار الإسلامى، بالإضافة إلى نسبة كبيرة من أصوات كافة التيارات الأخرى، كما سيحصل الدكتور محمد مرسى على نسبة لا يستهان بها من أصوات الإسلاميين مدعومًا بأصوات جماعة الإخوان المسلمين.

2ـ الأصوات التى ذهبت لحزب الحرية والعدالة فى الانتخابات البرلمانية (10 ملايين صوت)، ليس من المتوقع أن تذهب بالكامل إلى مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسى، إذ أن نسبة ممن أعطوا أصواتهم لحزب الحرية والعدالة فى الانتخابات البرلمانية السابقة، ممن لا ينتمون لجماعة الإخوان سيعطون صوتهم هذه المرة لمرشحين آخرين.

3 ـ سيذهب جزء من الكتلة التصويتية التى دعمت الحرية والعدالة فى الانتخابات البرلمانية إلى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وسيحاول الإخوان تعويض ذلك، بجذب أصوات بعض السلفيين غير الراضين عن قرار قياداتهم بدعم أبو الفتوح.

4ـ على الرغم من أن الدكتور محمد مرسى بدأ سباق الانتخابات متأخرًا، كما أن ملابسات ترشحه بديلا للمهندس خيرت الشاطر، تجعل فرصه ليست بالقوة التى كان يملكها الشاطر، إلا أن القدرة التنظيمية لجماعة الإخوان وخبرتهم فى الحشد والتأثير لصالح مرشحيهم، تظل عاملا مهما لا يمكن تجاهله.

5ـ فرصة الدكتور محمد سليم العوا ضئيلة للغاية، خاصة بعد أن أعلن حزب الوسط أكبر داعميه، أنه سيدعم الدكتور أبو الفتوح، وفى ظل دفع الإخوان بمرشحهم الدكتور محمد مرسى.

6ـ إذا وصل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد مرسى معا إلى مرحلة الإعادة، فإن فرص الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، هى الأكبر، لعدة اعتبارات، أبرزها أن مؤيدى المرشحين الذى أخفقوا فى الجولة الأولى من ليبراليين أو يساريين أو حتى إسلاميين (مؤيدى الدكتور العوا فى هذه الحالة) ستذهب أصواتهم إلى الدكتور أبو الفتوح، سواء لأنه الأقرب إليهم فكريا، أو بسبب حالة الاحتقان والتشكك، بين هذه التيارات وبين الإخوان خلال الفترة الماضية.

7 ـ فى حالة واحدة يمكن للدكتور محمد مرسى فى جولة الإعادة أن يحقق الفوز على الدكتور أبو الفتوح، وهى حدوث تحول أو تغيير فى موقف السلفيين، ودعمهم لمرسى بدلا من أبو الفتوح.

8ـ قيام شخصيات لها ثقلها، ولها عدد لايستهان به من المؤيدين، مثل الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أو الدكتور محمد البرادعى أو غيرهما، بإعلان دعمها لمرشح من المرشحين الحاليين، سيكون له تأثير مهم فى الانتخابات.

الكتلة الثانية.. التيار الليبرالى ومؤيدوه:
استحوذ ذلك التيار على ما يقرب من 6 ملايين صوت فى الانتخابات البرلمانية، منها 2.5 مليون صوت لحزب الوفد و2.4 مليون صوت للكتلة المصرية، وباقى الأصوات حصدته أحزاب أخرى، وفيما يلى رصد لاتجاهات أصوات ذلك التيار:

1ـ يمثل هذا التيار أحد الروافد المهمة الداعمة لعمرو موسى، خاصة بعد أن أعلن حزب الوفد دعمه له، ولكن ليس معنى ذلك أنه سيستحوذ على كامل أصوات التيار الليبرالى، بل من المرجح أن يستحوذ الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح على جزء كبير من أصوات هذا التيار، فى ظل رفض العديد من الليبراليين التصويت لصالح موسى باعتباره محسوبا على النظام السابق.

2ـ هناك فريق آخر ضمن التيار الليبرالى سيرفض اختيار عمرو موسى بسبب علاقته بالنظام السابق، كما سيرفض الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح بسبب خلفيته الإسلامية، وهو ما سيجعل حمدين صباحى بالنسبة لهذا الفريق هو أفضل الخيارات حتى لو كان بين الطرفين خلافات فكرية وأيدلوجية، وهذا الفريق يتزايد الآن فى ظل الحملة العنيفة والمنظمة على الدكتور أبو الفتوح لتفتيت أصوات الكتلة الليبرالية الداعمة له، وهو ما يصب لصالح المرشحين المحسوبين على النظام السابق.

3ـ إذا حدثت إعادة بين أبو الفتوح وموسى، فإن أصوات التيار الليبرالى، فى جولة الإعادة، ستظل منقسمة بينهما كما حدث فى الجولة الأولى، وفيما ستذهب أصوات مؤيدى شفيق لموسى، فإن أصوات مؤيدى حمدين صباحى والعوا ستذهب فى مجملها لأبو الفتوح، وسيكون العامل الحاسم فى هذا الحالة، أصوات جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها، والتى ذهبت فى الجولة الأولى للدكتور مرسى، وفى جولة الإعادة، من المنطقى أيدلوجيا وفكريا أن تذهب هذه الأصوات لأبو الفتوح، إلا إذا استمر رفض الإخوان القاطع لدعم أبو الفتوح.

4ـ فى حالة الإعادة بين د. محمد مرسى وعمرو موسى، فسيكون الصراع على أشده بين المرشحين على أصوات مؤيدى الدكتور أبو الفتوح، وسيستحوذ مرسى على كافة أصوات التيار الإسلامى التى ذهبت لعبد المنعم أبو الفتوح فى الجولة الأولى، وكذلك جزء لايستهان به من أنصار أبو الفتوح غير المنضمين للتيار الإسلامى، بسبب رفضهم لعمرو موسى باعتباره من رموز النظام السابق.

وفى المقابل، فإن أصوات الليبراليين الذين دعموا عبد المنعم أبو الفتوح فى الجولة الأولى، ستنقسم إلى ثلاثة فرق، الفريق الأول ستذهب أصواته إلى عمرو موسى، والثانى سيدعم د. محمد مرسى نكاية فى النظام القديم، أما الفريق الثالث، فسيقاطع الانتخابات فى هذه الجولة رفضا لعودة النظام القديم ورفضًا لحكم الإخوان.

5ـ من الصعب أن يحسم أحد المرشحين الانتخابات من الجولة الأولى، فى ظل إجراء انتخابات نزيهة، وفى ظل تفتيت الأصوات الموجود على الساحة حاليا، ولكن فى حالة حدوث تنازلات بين المرشحين أو تحالفات جديدة يمكن أن يلعب ذلك دورا كبيرًا، فى حسم الانتخابات من الجولة الأولى.

-الكتلة الثالثة، تتكون من الأحزاب الصغيرة التى خرجت من عباءة الحزب الوطنى ومؤيديه، ومرشحهم المفضل هو الفريق أحمد شفيق، وفى المرتبة الثانية يأتى السيد عمرو موسى، وهذه الكتلة حازت فى الانتخابات البرلمانية على ما يقرب من 6 % من الأصوات، وكان اعتمادها الأساسى فى تلك الانتخابات على العائلات والحشد القبلى، وهى أمور من المفترض أن يتضاءل تأثيرها فى الانتخابات الرئاسية.

1ـ هذه الكتلة وحدها لا تستطيع، على الأقل حتى الآن، أن تمنح الفريق شفيق الفرصة للفوز فى الانتخابات، ولا حتى تضمن له خوض جولة الإعادة، ولذلك، فإنه يحاول جذب جزء من عموم الشعب ممن تؤرقهم الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار، ويرون أن شفيق كعسكرى وكجزء من النظام القديم، يمكن أن يكون هو الحل.

2ـ اجتذب شفيق بالفعل خلال الأسابيع الماضية بعض من يشعرون بالتوتر والقلق من الأوضاع الأمنية بعد الثورة، إذ أن خطابه السياسى الذى يركز على الأمن جعل هؤلاء يرونه الأقرب إليهم من موسى، ولذلك نلاحظ أن بعض مؤيدى موسى بالفعل قد انتقلوا لشفيق.

3ـ على الرغم من أن فرص شفيق فى خوض جولة الإعادة، حتى شهر واحد مضى، كانت معدومة، إلا أن حرب تفتيت الأصوات بين الدكتور أبو الفتوح والدكتور محمد مرسى، وصعود حمدين صباحى، قد يمنح شفيق فرصة الإعادة.

4ـ فى كل الأحوال، فإنه فى حالة إجراء "انتخابات نزيهة"، من المستحيل أن يحقق شفيق أو موسى فوزًا مفاجئا من الجولة الأولى، كما تروج حملتهما.

5ـ لو كانت الجهود المبذولة لإحداث تحالف بين أبو الفتوح وصباحى أو بين أبو الفتوح ومرسى قد نجحت، لكان مستبعدًا أن يخوض شفيق أو موسى جولة الإعادة من الأصل.

-الكتلة الرابعة: مرشحها الأبرز هو البرلمانى المعروف حمدين صباحى، وتلتف حوله العديد من القوى اليسارية والناصرية وبعض القوى الثورية:

1ـ على الرغم من أن هذه الكتلة تضم شخصيات لها تاريخها السياسى والنضالى والحقوقى الطويل والعريق، إلا أن فرصة مرشحيها فى المنافسة (هشام بسطويسى وخالد على وأبوالعز الحريرى) ما زالت أقل من المرشحين الآخرين، خاصة أنهم لم يوفقوا حتى الآن فى تكوين فريق رئاسى يقوده حمدين صباحى.

2ـ لو كان هناك وقت أمامنا لراهنا على أن المرشح الرئيسى لهذه الكتلة حمدين صباحى يمكن أن يحدث مفاجأة، لكن ضيق الوقت عامل ضاغط بالنسبة لحملته، على الرغم من أنها حققت خلال الفترة الماضية صعودًا كبيرًا.

واختتم المحلل السياسى "مشهور إبراهيم أحمد" دراسته بالتأكيد على أن غالبية الناخبين، الذين يشكلون الكتلة الرئيسية للشعب المصرى لا ينتمون إلى تيارات سياسية أو أحزاب، ولا يشكلون كتلة تصويتية واحدة، بل تتوزع أصواتهم بين الكتل الأخرى التى ذكرناها، كما أن "المزاج السياسى" لتلك الكتلة متغير، حسب المستجدات والأحداث، والمرشح فى الانتخابات الرئاسية الذى سيتمكن من جذب أغلب هذه الأصوات إلى الكتلة الداعمة له، هو الذى سيحسم الانتخابات لصالحه، أيا كان انتماؤه وخلفيته وأيا كان الحزب أو التيار الذى يدعم منافسيه.