خبر يوم القدس ليس عيدي -هآرتس

الساعة 08:34 ص|20 مايو 2012

بقلم: اسحق ليئور

 (المضمون: العلمانيون الاسرائيليون لا يهتمون باحتفال المتدينين القوميين بيوم القدس ويستخفون به لكن هذا غير كاف بل ينبغي ان يعلنوا على الملأ أن هذا اليوم ليس عيدهم - المصدر).

        يوجد للاكراد "سهرانا" وللمغربيين "ميمونة" وللمتدينين القوميين "يوم القدس". فهذا أهم عيد عند جهاز تربيتهم. وذروته المسيرة في شوارع الحي المسلم من المدينة المحتلة تجاه نوافذ مغلقة وفي داخل البيوت اولاد ينتظرون في أحضان والديهم الذين يُسكنون جأشهم بقولهم: بعد قليل سينتهون من إذلالنا.

        لكن هذه المسيرة ليست كل شيء. فيوم القدس يُحتفل به ويصاحبه تدمير تدريجي للمدينة الشرقية. ان القدس تتحول الى ديزني لاند صهيونية لليهود والنصارى من امريكا، والى جحيم للفلسطينيين. والعنصرية تتجلى بأمثلة، فاليهود يعودون الى الشيخ جراح ويُمنع الفلسطينيون من العودة الى أحياء غربي القدس العربية.

        علاوة على التمييز في التربية والصحة والعيادات الطبية وانشاء الحدائق والشوارع والبنى التحتية، تتحول القدس الشرقية أمام أعيننا الى مدينة "سابقة" في الأساس. فالمدينة التي كانت مركز حياة الضفة الغربية – إذ كان فيها اصدار كتب وحوانيت كتب ومسرح ودار سينما ومقاهي وزارها وتاجر فيها وتنزه فيها وأحبها ناس من نابلس وجنين الى الخليل، هذه المدينة اجتثت من الضفة بمنظومة شعارات وحواجز ومستوطنات وأسوار ومهدومات وأكوام قمامة وبعد ذلك السور الجديد في قلبها، بل ان الوعد بأن "اسرائيل ستحترم حرية العبادة" أصبح أضحوكة. ففي يوم الجمعة يصنف رجال الشرطة المصلين. ان المدينة الشرقية هي غيتو معزول الطرق منها الى الضفة مدمرة. والذي يتذكر المنظر بعد الاحتلال فورا يستطيع ان يرى كيف يبدو الفصل العنصري في صيرورته برعاية الولايات المتحدة.

        كل هذا ما كان ليحدث لولا ان القدس الشرقية تقع تحت إجماع جميع الاحزاب الصهيونية ومنها حزب العمل ومبام وميرتس. فلا حركة من الحركات التي أيدت تقاسم البلاد ما عدا راكح وشيح، صمدت للنشوة التي أغرقت البلاد بعد الاحتلال فورا. ومنذ نفخ الحاخام غورين في البوق حتى قبل نقل القتلى والجرحى، الى بدء تسعينيات القرن الماضي حينما أصبح تقاسم المدينة أمرا ضائعا، اعتاد كل اولئك على تقييد حمائميتهم بقولهم: "تنبغي اعادة جميع المناطق ما عدا شرقي القدس".

        ان اللحن المسروق من اقليم الباسك صاحب هذا الاحتفال الجماعي "هواء جبال صاف كالنبيذ". وقد صاحب بناء عاجل لـ "الأحياء الجديدة" رؤساء الجامعة العبرية الذين طأطأوا ظهورهم اللطيفة وسمحوا بنقل الحرم الجامعي من جفعات رام الى غول جبل المشارف. ان الكلاب تتبول لتحديد موضع ما. ودولة اسرائيل تصب آلاف الأطنان من الاسمنت والحديد لتلغي كل امكانية لـ "اعادة الوضع الى ما كان عليه في الماضي"، حتى لو كان منظرا طبيعيا قديما.

        وهكذا يسافرون كل يوم لدراسة الفلسفة والتاريخ وتدريسهما خلال مدينة مقطعة الاعضاء ومقيدة. وكان القصد من استقرار الرأي على "يوم القدس" انشاء عيد آخر احتفاءا بتحسين مواقف 1967، ومنذ ذلك الحين تحتفل الدولة بذلك اليوم بواسطة جهاز تربية ووسائل اعلام، لكن مواطنيها العلمانيين يستهينون به وهذا هو نصف الكأس المليء، أي فشل الدولة في خلق وعي. ان هذا اليوم هو شهادة على عدم الاكتراث العلماني بالقدس الكاملة. كلما أصبحت المدينة أكثر غربة عن البلاد ولم تعد قداستها سوى سلسلة طويلة من المباني العامة الفخمة والكبيرة والمصمتة في جزئها الغربي، ابتعدت عن الاسرائيليين، ولا يثير فريقا منهم الى فتح عين كسلى سوى التهديد بقولهم "ذاك سيُقسم القدس" ليقولوا:  من الذي سيُقسم؟.

        هل نكون متفائلين لذلك؟ ليس هذا مؤكدا، لأن عدم الاكتراث هذا يكمن فيه كل ضعف المعسكر الحمائمي المتقلص أو في الأساس الاستسلام للمستوطنين. فلو أنهم استطاعوا فقط ان يقولوا على رؤوس الأشهاد ان "يوم القدس ليس عيدي" بدل التلويح بالحمص الذي يأكلونه في البلدة القديمة لتغير الوضع.