خبر رمات أفيف زاوية الشيخ مؤنس -معاريف

الساعة 08:57 ص|16 مايو 2012

بقلم: نداف هعتسني

        (المضمون: ازدواجية المتباكين على النكبة في الجامعة التي تقوم على خرائب القرية العربية سخيفة لو لم تكن خطيرة على الصهيونية - المصدر).

        كم هو رمزي أن احتفال النكبة وجد نزلا بين جدران جامعة تل أبيب. فمعيلو الجامعة، التي تقع على خرائب القرية الفلسطينية الشيخ مؤنس، بذلوا على مدى السنين كل جهد مستطاع كي يهدموا ويشوشوا كل ذكر لمباني القرية، التي كانت حتى العام 1948 في مركز تجربة الصهيونية الطاهرة ذات مرة – شمالي تل أبيب. مشوق ان نرى اذا كان الاستفزاز الذي سمحوا به الان يدل على أن رؤساء الجامعة يعتزمون اعادة نادي الطاقم "البيت الاخضر" الى العائلة التي سكنت فيه قبل العام 1948، بل وربما ايضا نقل مباني الاكاديمية الى شيوخ القرية، اولئك الذين فروا في اثناء استقلالنا، نكبتهم.

        كم محرج انه حيال حفنة من العرب ونشطاء اليسار الذين جاءوا لان يدقوا للدولة الصهيونية اصبعا في العين، لم يقف بجموعهم سكان رمات أفيف، تسهلا وافكا، الاحياء التل ابيبية التي هي ايضا مبنية على جزء من اراضي الشيخ مؤنس الاسطورية، بينما شوارعها مزينة باسماء توراتية وصهيونية حماسية. الكثيرون من سكان الاحياء الشبعة هذه هم من مقترعي اليسار الواضحين، ممن لا يفوتون فرصة لاتهام "المستوطنين" بـ "الاحتلال" وسلب الفلسطينيين ويقدسون اسرائيل الصغيرة والعادلة التي تعود الى عهد خلاص الشيخ مؤنس.

        كم هو محمل بالمفارقة انه ضد الاستفزازيين – منشدي النكبة – وقف بالذات مستوطنون مثل باروخ مارزل من تل روميدا في الخليل أو آريه الداد من كفار ادوميم في صحراء يهودا. وهم لم يقتلعوا ولم يسكنوا مكان أي عربي. تل روميدا كانت يهودية قبل اقامة وخراب الشيخ مؤنس. يهود الخليل ذبحوا وطردوا في 1929. اما في كفار أدوميم فانه حتى آخر البدو المتنقلين لم يحلم بغرس خيمة. وها هم، بالذات هم، المهانون والمذلون من قادة نظافة تل أبيب الصغيرة جاءوا لخوض نزاع الصهيونية العذرية اياها، تلك التي حقا بنيت، وعن حق، على الخرائب العدوانية للشيخ مؤنس.

        وكم هو غير مفاجيء ان بالذات في جامعة تل أبيب لتعشعش بعضا من الاعشاش الايديولوجية التي تقود رفض الصهيونية – الكلاسيكية والمتجددة. اولئك الذين بالطبع يصرخون "احتلال" الخليل وكفار ادوميم، ولكن لسبب ما ليس الشيخ مؤنس. ومع أنه لا ينقص في جامعة تل أبيب مثقفون يتهمون ايضا اسرائيل ما قبل العام 1967 بالسلب والاستعمار. فان ايا منهم لا يزال لم يتنازل عن غرفته ليعرض ارض الشيخ مؤنس الى سكان ما قبل النكبة.

        وكم من غير المفاجيء انه بين المثقفين والمفكرين في رمات أفيف يظهر ميل للاعراب عن النفور من دولة اسرائيل الصهيونية كلها؛ من التجربة القطرية، اليهودية والملموسة للصهيونية الحالية على جانبي الخط الاخضر. صوتهم يصدح عاليا على صفحات صحيفة "هآرتس". واسرة تحريرها أيضا تسكن، هي نفسها، في مكان ما على أطراف يافا السليبة. ورغم ذلك كل ما نفعله نحن اليوم سيء في نظرهم.

        الميل الثقافي الجديد يمجد الصهيونية الخيالية في السحاب، تلك التي يمكن التركيز عليها حتى عندما يكون المرء في نيويورك ولا تعود هناك دولة اسرائيل وراء القصائد والقصص. في نظرهم كل ما كان ذات مرة بريء وصافٍ، بينما كل ما يسود هنا اليوم فاسد، عنيف، يهودي ومسيحاني. وهكذا تتحد الشراكة غير المقدسة بين من يسيطر على الشيخ مؤنس ولكن يسمح باجراء احتفالات النكبة والتحريض ضد مجرد وجودنا هنا وبين من يحن الى القصائد القديمة عندما كنا صافين جدا وعادلين جدا وبنينا جامعة تل أبيب والاحياء المحيطة بها على أراض خيالية وطاهرة.