خبر كتب د.أبوب عثمان ..يا طالعي شجرة الصراع على جامعة الأزهر

الساعة 08:56 م|15 مايو 2012

يا طالعي شجرة الصراع على جامعة الأزهر:

هلا تنازلتم، وإلى الحوار نزلتم، وإلا كنتم من الأخسرين أعمالا؟!


بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان

   كاتب وأكاديمي فلسطيني

  جامعة الأزهر بغزة

 التباعد الذي نراه الآن، عن قرب، بين المتصارعَيْن على جامعة الأزهر – وليس في سبيلها – تباعد بيِّن إن ظل مستعصياً بالود والحوار جسره، فسوف تتوفر المُكنة للجمه أو لكسره. فمجلس الأمناء – الذي يصرف شؤون الجامعة عن رئيسها ومجلس إدارتها – ما يزال ذاهباً في اتجاه يبتعد عن المرونة والحوار والتفاهم، ذلك أنه يرى ألا سبيل – البتة – غير استسلام نقابة العاملين لكل ما كان ضدها وضد العاملين من إجراءات، وإذعانها لكل ما صدر من قرارات وتعليمات وأوامر وإملاءات، فضلاً عن التزامها وتعهدها بعدم اللجوء – مهما كانت الأحوال والدواعي والمسوغات – إلى أي تعليقات أو إضرابات، والتي هي حق نقابي مؤمن ومسنون ضمن تصرف قانوني صائب ومضمون! أما نقابة العاملين، فما تزال عند موقفها بعدم الانزياح عن إرادتها في إذهاب مجلس الجامعة الجديد، وإطلاق حقها في الممارسة النقابية عبر الرجوع عن قرار تجميدها وقرار الخصم من رواتب الهيئة العمومية التي ما كان لها إلا أن تلتزم بالإضراب النقابي!

ولكن، على الرغم من هذا التباعد الحاد بين المتصارعَيْن، إلا أنه ينبغي لنا – نحن العاملين الذين يصيبنا النفع كما الضرر – ألا نيأس من العمل الجاد والمخلص والدؤوب لفتح الأبواب التي يوصدها ليس الصراع من أجل الجامعة، وإنما الصراع عليها، وألا نكتفي فقط بالوقوف عند حدود الدعاء والأمل دونما عمل.

إن خوفنا – نحن العاملين – من المجهول ينبغي له أن يدفعنا إلى شعور يقيني بأن الطرفين المتصارعين – وسط تمترس كل منهما عند موقفه في سياق طغيان صراع الإرادات – قد لا يدركان حراجة اللحظة وفظاعتها وخطورة الواقع القائم في جامعتنا وبشاعة المستقبل المرعب الداهم علينا، فيما المطلوب، وطنياً ومجتمعياً، أن يتنازل كل مخلص للجامعة غيور عليها – عن بعض حقه – ليضع في ذات الوقت جل همه وخالص اهتمامه على ما ينبغي له أن يُغَلِّبه عليه، وهو الجامعة التي ننظر إليها ونتفرج عليها وهي تذهب عنا وتضيع منا!

وحيث إن كل وطني عاقل ينبغي له أن يدرك أو يستدرك أن الصراع في الجامعة كما نشهده ليس صراعاً في سبيلها، بل هو صراع عليها، الأمر الذي يحتم علينا أن نفهم أن صراعاً كهذا الذي يعصف بنا وبجامعتنا  لن ينتهي بغالب ومغلوب، ذلك أننا وجامعتنا وطلبتنا وأهلينا جميعاً مهزومون وخاسرون، فيما الفائز الوحيد علينا هو جهل أبنائنا وتخلفنا واندثارنا، ما يحرضنا – نحن العاملين في جامعة الأزهر – على إعلاء صوت العقل والحكمة والعلم والدين والوطنية لدفع الطرفين المتصارعين إلى حوار جاد ومخلص وعميق، دونما إبطاء أو تأجيل أو تردد أو مراوغة، وذلك فور قيام كل من الطرفين المتصارعين – وعلى نحو متزامن – بخطوة نحو الجامعة وفي سبيلها، على النحو الآتي:

أولا. (الخطوة المتزامنة):

أن يصدر قرار برد الخصم الذي تم إيقاعه على العاملين بسبب التزامهم بالإضراب النقابي، فيما يصدر في الوقت ذاته تعهد بعدم اللجوء إلى أي إضراب لم يعلن عنه في اجتماع رسمي للهيئة العمومية.

ثانياً: يقوم مجلس الأمناء – دون تأجيل غير مبرر – بدعوة الهيئة العمومية لانعقاد طارئ يتم فيه تدارس أوضاع الجامعة والتوافق على وسائل الخروج النهائي من أزماتها المتلاحقة،  تمهيداً للإقلاع بها نحو آفاق التطور والتقدم.

وحيث إن جميع العاملين هم مع الحوار والتفاهم، رفضاً منهم للحالة المقيتة القائمة، وخشية من الحالة الخطيرة القادمة وما يمكن أن يتولد منها أو أن يترتب عليها من أخطار ومحاذير، وحيث إن العاملين لا يريدون حواراً من أجل الحوار، أو حواراً يحقق منه هذا الطرف مكاسب بقوة التعيين أو ذاك الطرف مكاسب بقوة الانتخاب، ذلك أن أحد الطرفين يستند إلى شرعية قانونية، فيما الطرف الآخر يستند إلى شرعية ديمقراطية: هذا يتمتع بشرعية التعيين الرئاسي وذاك يتمتع بشرعية الانتخاب الديمقراطي، فإن انغلاق كل من الطرفين على رأيه وعلى إرادته دون النزول إلى جادة الحوار، إنما يعني تمترس كل طرف خلف موقفه المقيت واعتباراته الشخصية الضيقة. وعليه، فإننا نناشد الطرفين المتصارعين التقاط اللحظة اليوم قبل أن يُطل الغد المجهول بما يحمله مما نكره، وبما فيه مما نندم، ذلك أننا – في حينه – لم نلتقطه.

إننا نرى أن على المتصارعَيْن – إن كان صراعهما من أجل الجامعة لا عليها – أن يُبِين كل منهما عن حرص على الجامعة أكبر، وعلى طلبتها أكثر، وعلى أهميتها لمجتمعها ووطنها أكثر وأكثر، ذلك أن الحالة الخطرة القائمة الآن ليست على جامعتنا قدراً. وعليه، فإننا نناشد الطرفين المتصارعين أن يعضَّا على كل جرح، وأن يرتفعا إلى مستوى المسؤولية، فيهرعا إلى التفاهم ويتسابقا في النزول من فوق شجرة الصراع إلى واحة الحوار... الحوار الذي لا يقطع وصلاً، ولا يبعثر قوة، ولا يفرق جمعا.

وبعد، فيا من على شجرة الصراع المسمومة – دون حِسْبة – طلعتم، هلا إلى دوحة الحوار والتفاهم والألفة نزلتم، حتى لا تكونوا عند رب العالمين من الأخسرين أعمالاً، ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؟!

أما آخر الكلام، فإلى أن نرى من الطرفين المتصارعين ما نريد، فإن البلاء الذي يجري الآن في جامعة الأزهر ويعم أرجاءها ويستشري في ثناياها وتحت ضلوعها، إنما هو الصراع... ولكن، أهو الصراع من أجلها وفي سبيلها، أم عليها؟! إن خير جواب هو فعل لازَم القول أو على الفور تلاه.