خبر بين عدو وخصم- يديعوت

الساعة 09:14 ص|13 مايو 2012

بين عدو وخصم- يديعوت

بقلم: سمدار بيري

ماذا نحن الآن؟ أ "خصم" مصر التي "تدير سياسة عدوانية" أم "العدو" مع كل ما يُفهم من ذلك بشأن مستقبل العلاقات بدولة جارة وقعت معنا على اتفاق؟ وكيف يتم أصلا النوم بهدوء مع العدو؟.

ان المرشح المتقدم للرئاسة، عمرو موسى، ينهج نهجا أكثر ليونة ونحن عنده "خصم واضح لا نتفق معه". ويعد منافسه أبو الفتوح بأنه اذا أصبح رئيسا فسيهتم بفتح اتفاقات السلام كل خمس سنين وأن ينتقي الملائم منها فقط.

أحق؟ بعد ان شاهدت في مدة اربع ساعات المناظرة التلفزيونية الاولى من نوعها في العالم العربي بين الاثنين خلصت الى استنتاج ان الجدل في تصور اسرائيل غير مهم، فأهم منه ان لا أحد يهددنا بحرب. والحديث في الحاصل العام عن مناكفة أمام عدسات التصوير. وقد وعد موسى (موجها كلامه الى آذان امريكية خاصة) بأنه لا ينوي الغاء الاتفاق وجوبه بالنقد فورا. لكن أبو الفتوح ايضا لم يلتزم بالغاء الاتفاق (وكان كلامه ايضا موجها الى الآذان الامريكية كي لا تفسد عليه ترشحه). لكن ينبغي ان يكون واضحا انه لن تهب علينا رياح حارة.

من المهم ان نذكر أننا في ذروة الحملة الانتخابية، وأن الذي سيحدد بنية العلاقات سيتم فقط بعد ان يدخل الرئيس القادم القصر ويعين وزراء الحكومة الجديدة ويبدأ العمل. وكل ما يُقذف الآن في جو منتديات التلفاز لا يقدم ولا يؤخر. ولست على ثقة ايضا بأن المصوت المصري قادر على ان يعرف الفرق بين "خصم" و"عدو"، بل يهمه أكثر من ذلك كثيرا ما سيأكله أبناؤه بعد غد وكيف سيواجهون الازمة الاقتصادية والبطالة، وماذا سيفعلون بشأن العنف في الشوارع.

وهناك سؤال آخر ينبغي الفحص عنه وهو هل ستتم الانتخابات أصلا أم ستُلغى في آخر لحظة، لأنه لا يجوز ان ننسى انه ليس لمصر الى الآن قبل افتتاح صناديق الاقتراع بـ 12 يوما، دستور جديد ولا يوجد في واقع الامر ما يُقترع عليه.

ان يسري فودة، وهو محقق رفيع سابق في "الجزيرة" أتم عرضا حقيقيا بدور الموجه للمناظرة وعرف كيف يؤدي بهما الى زوايا مظلمة. احتيج الى ثلاثة اسابيع لبناء القاعة حيث يظهر في الخلف ألوان العلم المصري الاربعة. وحُددت قواعد سلوك صارمة منها الوقوف على القدمين اربع ساعات المناظرة، وهذا غير سهل على موسى ابن السادسة والسبعين ولا على أبو الفتوح ابن الثانية والخمسين الذي اضطر الى ان يكشف بالاسلوب الامريكي عن أنه يعاني ضغط دم عاليا ومرض البول السكري.

حتى لو كان موسى ما يزال يتقدم في استطلاعات الرأي ويجري حملة انتخابية عنيفة فلا أحد يعلم ولا هو نفسه من سيكون الرئيس القادم، وقد نزع الاثنان في قاعة المناظرة القفازات كي يقذف بعضهما بعضا بالتهم "أنت تتابع نهج مبارك" (أبو الفتوح لموسى) و"ليست لك تجربة في ادارة شؤون الدولة. وأنت تصر على ان تُذكر بأنك مكثت في السجن كي تحشد اصواتا وعطفا" (موسى لأبو الفتوح).

وهذا بالضبط هو الموضوع، وذاك ان ملايين يمضون الى التصويت على منزلة الاسلام في الحياة اليومية ودوره وقوته. فهل سيكون الزعيم القادم ذا تصور علماني كموسى صاحب السيجار الدائم وكؤوس الويسكي (التي يحاول أنصاره اخفاءها)، أم ستُدبر مصر العظيمة امورها بحسب الشرع الاسلامي باشراف أبو الفتوح. ونقول بالمناسبة انه يتنقل بين أسلاك شائكة، فقد حظي من جهة بتأييد المعسكر السلفي المتطرف وأثار من الجهة الاخرى غضبهم حينما وعد بمساواة النساء في الحقوق بدل حبسهن في البيوت.

تتحدث الصور التي تأتي من القاهرة عن عشرات آلاف الشباب الذين جلسوا على النارجيلات في مقاهي مزدحمة وصاحوا "أدخل فيه" كما في ملاعب كرة القدم. لم يكن مثل هذا الشيء قط في العالم العربي حيث كان سياسي يستجدي الحصول على اصوات، وسياسي آخر يكشف عن مصادر تمويل حملته الانتخابية ويتطوع بفتح حسابه المصرفي الخاص.

سُجل تعادل حتى الآن، فلم يفز أحد ولم يُهزم أحد. وخرج شباب النارجيلات في بلبلة، والباقي سيأتي في الاسبوع القادم.