خبر « رباح » ..حكاية ثلاثة أيام لطفل مقعد تحدى الجميع وأحرج آخرين

الساعة 07:39 ص|12 مايو 2012

غزة(خاص)

"كيف بدي أكل وإخواتي بياكلوش" بتلك الكلمات المؤلمة عبر رباح أسعد بارود عن حزنه لإضراب أخويه الأسيرين"صلاح,وفهمي", اللذان يخوضان  إضراباً مفتوحاً عن الطعام في سجون الاحتلال منذ 26 يوماً ضمن معركة الكرامة.

 فالطفل "رباح" الذي لم يتجاوز 13 عاماً أصر على الاضرب عن الطعام لمدة ثلاثة أيام  بالرغم من حالته الخاصة جداً كونه مشلول منذ ولاته , معبراً بذلك عن رفضه لما يحصل لأخويه وغيرهم من الأسرى.

قدماه أبت أن تحملاه إلا أن عزيمته كانت اكبر من العجز الذي أقعده فتحدى الجميع , وتميز عن من هم بعمره من أولاد الأسرى وخاض إضراباً عن الطعام لثلاثة أيام , ولمناصرة أخويه وعدد من أفراد عائلته المضربين عن الطعام.

شلله ومرضه وحالته الصحية لم يكونا رادعاً وسببا يمنعه من خوض الإضراب والشروع فيه,فتحدث رباح لمراسلة "فلسطين اليوم" والتحدي يتملكه وكأنه يخوض معركة مع غيره " محدش أجبرني على الإضراب ,أحببت خوض الاضرب مع أخواتي وأكون مثلهم" مؤكدا على رغبته الشديدة في خوض الإضراب والاستمرار فيه.

فرباح أسير حزنه وألمه كما إخوته أسرى في سجون الاحتلال,تلك القوة والجرأة لم يكن يتخيل أن تأتي من طفل مصاب بالشلل منذ ولادته ويخاطر بصحته من اجل غيره.

فأم فهمي والدة رباح تحدثت حيث بدا عليها  تناقض المشاعر ما بين الفرح لأن طفلها الصغير  قرر فك الإضراب بعد جهود مضنية من الأهل ,وأصبح  يتناول وجبة واحدة كل يوم هو وإخوته الصغار الآخرين بعد فك الإضراب وذلك شعورا منهم بواجبهم اتجاه إخوتهم وأبيهم وعمهم المضربين عن الطعام.

فأم فهمي واصلت كلامها بقوة وحزن "رباح عنيد وتعلقه بإخوته جعله يحزن ويضرب عن الطعام؛ فأخويه كانا يهتمان به يوصلانه إلى المدرسة ويقومان بالاعتناء به وكأنه طفلهم.؛فبعد دخولهم الأسر في عام 2008 أصيب رباح بحزن شديد فرفض الذهاب إلى المدرسة لمدة سنة ونصف وزادت حالته سوءاً فلم نكن قادرين على التعامل معه لرفضه أي شي".

عينها امتلأت بالحيرة ونظراتها غابت إلى عامل أخر وكأنها تراجع تلك الفترة التي عاشها طفلها ...قالت والدموع تترقرق في عينها لتذكرها ألمها الشديد.....

"ابني مقعد على كرسي منذ طفولته ودراسته في تراجع فهو ما يزال في الصف الأول حتى الآن ويعاني صعوبة في الدراسة, فعندما دخل إضرابا ً وقرر الاستمرار كنا خائفين جدا عليه من أن يصيبه شي أو يدخل في حالة مرضية لا يحمد عقباها والذي زاد الطين بله دخول إخوته  في المنزل معه الإضراب ورفضهم فكه إلا جزيئاً فحتى اليوم هم مضربين " .

لكن الأسير المحرر اسعد  والد الطفل "رباح" الذي يعاني ألمين ,ألم بقاء أبناه في الأسر  وخروجه ,وإضراب ابنه الصغير عن الطعام , فابتسامته التي تكبدها الحزن عند الحديث لم تردعه أن يعبر عن فخره بأبنائه .

فقال شامخاً بصوته: أنا لي ولدان أسيران وأخي وابنه أيضا أسرى وأنا كنت أسيراً وخرجت بالصفقة الأخيرة ,لكن فرحتي ناقصة لبقاء أحبتي في الأسر...اضافا لإضراب ابني رباح عن الطعام وقلقي عليه من حدوث مكروه له ".

فالأسير المحرر اسعد... "اشعر بفخر لأن أطفالي يحملون من الوطنية ما يجعلني صامدا ويخفف عني ألمي وجوعي, فانا  اشعر بقوة لا مثيل لها بالوجود ,أطفالي الصغار كبروا  قبل أوانهم وحملوا ثقلا لا تحمله جبال"

فأسعد أبو صلاح مضرب عن الطعام منذ 18 يوما أي قبل إعلان الإضراب العام بالسجون وذلك تضامناً مع الأسرى .

رباح الشعلة المضيئة بالمرح والحياة لم تردعه كافة المحاولات لمواصلة مناصرة ,الأسرى وتمنى من الله أي يضرب غيره من أبناء الأسرى حتى يخرج أهلهم من الأسر وينالوا الحرية.

فذلك الشبل الصغير قوي الكلام أثار إعجاب العديد من الحضور ببلاغته وجرأته التي ليس لها مثيل فحديثه عن الأسرى والإضراب كفيل بأن يكون اصغر مضرب عن الطعام ولكنه ما زال أسير لحزنه وألمه لفراق إخوته.

وفي ختام قوله توجه بنظرة  أدارت الدموع بعيون الجميع لكنها رسمت  على وجوههم بسمة خفيفة وقال:" رح أواصل إضرابي ومش رح أفكه حتى يطلع أخواتي وعمي وابنه وكل الأسرى لو بدي أموت كمان".