خبر 94 شخصية تبحث عن مؤلف -يديعوت

الساعة 01:26 م|11 مايو 2012

ترجمة خاصة

94 شخصية تبحث عن مؤلف -يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

 (المضمون: لم يكن الاتفاق بين نتنياهو وموفاز على ضم موفاز الى الائتلاف مؤامرة بل كان بارغام لهما جميعا. تعاون محكمة العدل العليا على اختلاف حقبها مع المستوطنين والمستوطنات - المصدر).

أفردوا كالعادة لرئيس الوزراء غرفة محروسة وراء المنصة. وكان المكان هو مركز المؤتمرات في تل ابيب والموعد مساء يوم الاحد. والمناسبة بدء المعركة الانتخابية لليكود. ودخل الغرفة وزراء – ووزيرة واحدة ايضا – واعضاء كنيست. وكانت القاعة مكتظة بالناس وبالغضب، وفقد الجهاز السيطرة. وكانت الطريقة الوحيدة لاسكات الشعور بالمرارة إسماع النشيد الدعائي بقوة السماعات كلها مرة بعد اخرى لكن يوجد لهذا ايضا حد.

وكان الامر الملح هو تحسين مزاج رئيس الوزراء غير المعتدل وتملقه، وهذا ما يفعله الوزراء كل واحد منهم واسلوبه.

وحينما لم يوجد مخرج اختتم المؤتمر بنشيد "هتكفا". وعاد نتنياهو والوزراء ليجلسوا في الصف الاول أمام المنصة. وأخذ نتنياهو ينظر الى شاشة الفيديو الكبيرة التي نصبت على المنصة. وينظر نظرة معوجة الى الجمهور المنشد، ذي القبعات المنسوجة الكبيرة، والقبعات السوداء واللحى والأصداغ التي لم تُحلق. وقال في همس "غير الليكود وجهه".

وهمس أحد الوزراء في خوف "سيفعل بنا ما فعله بنا اريك شارون".

كان شارون في 2005 ملك اسرائيل. وكان الليكود هو المكان الوحيد الذي أُهين فيه. فاختار شارون البارد والقاسي والغريب عن التراث القديم ان ينشق، أما نتنياهو فقد صيغ صياغة مختلفة.

مع ذلك فان الفرق بين الشارع وبين أقطاب المؤتمر يُشعره بالامتعاض. قبل ذلك بعشرة ايام في جماع أحداث يوم الذكرى ويوم الاستقلال غمره حب الشعب. وجاء آلاف ليُعزوه عن موت أبيه. وشعر بأنه أخذ يستوطن القلوب في نهاية الامر بعد أكثر من عشرين سنة في السياسة. فالشعب يصدقه أما الليكود فلا يصدقه. وهم يصرخون ليكن سريا، ليكن التصويت سريا. ولا يجدي عليه ان يمضي مع حزب كهذا الى الانتخابات.

ان رئيس الائتلاف زئيف ألكن يبحث عنه، فهو يريد ان يُحدثه عن موفاز. وبدأ نتنياهو الاصغاء.

بدأ ألكن حياته السياسية في كديما واحدا من مؤيدي شاؤول موفاز. وقال آنذاك انه يؤيد موفاز أكثر مما يؤيد موفاز نفسه. لكنهما انفصلا فذهب ألكن يمينا ومضى موفاز يسارا وبقيت الثقة بينهما. وفي يوم الثلاثاء الماضي التقيا في الكنيست في حديث عن مشاركة كديما في اللجان. وبصورة طبيعية تحدثا ايضا عن الانتخابات. وزعم ألكن ان ليس من الصحيح ان بيبي عازم على انتخابات الآن بصورة مطلقة. فضعف الائتلاف يقلقه وكذلك الميزانية وقانون طال، فهو يمضي الى الانتخابات لأنه لا مفر له.

رفض موفاز نظرية ألكن ألبتة وقال سنمضي الى الانتخابات وسأكون بعدها رئيس الوزراء، وبرغم ذلك فانه يعلم ان وضعه يائس. فاستطلاعات الرأي تتنبأ له ولكديما بالتحطم. واعضاء الكتلة البرلمانية يخشون الانتخابات التمهيدية خشية قاتلة، فهي قد تنقض عُرى كديما حتى قبل الانتخابات.

ومن الغد في يوم الاربعاء هاتف آفي فيدرمان، رئيس مقر عمل موفاز، هاتف ألكن. فهو وليئور حوريف مستشار موفاز يريدان لقاءه. وأبلغ ألكن نتان ايشل الذي يصل نتنياهو بالجهاز السياسي. وقد عُزل ايشل عن جهاز الدولة بعد ان تم اتهامه بتحرش جنسي، لكنه بقي مع ذلك يعمل من اجل نتنياهو ويتحدث باسمه. أما سؤال من الذي يدفع أجره وبأي عملة فيبقى مفتوحا للتخمين.

قال ايشل لا يُخيل إلي ان هناك أملا. فالجميع مصممون على انتخابات، لكن يمكن الاستماع دائما.

كان الحديث عن شبكة أمن بأن يعِد كديما بتأييد الحكومة من الخارج ويتخلى الليكود مقابل ذلك عن انتخابات. وأوضح موفاز أنه لن يوافق ألبتة على الانضمام الى الحكومة، فانه اذا انضم فسيتهمونه جميعا بالحرص على الكرسي، كما قال، وهو لا يهتم بالكراسي.

تحدث في اللقاء فيدرمان وحوريف عن بديل عن قانون طال. وأوضح ألكن لهما ان اقتراحات القانون التي طُرحت ومنها نموذج يوحنان بلسنر من كديما غير مأخوذة في الحسبان. فالحريديون لن يوافقوا أبدا على مجموعات محدودة من طلاب المعاهد الدينية الذين يعكفون على دراسة التوراة. فالمجموعات المحدودة تناقض عندهم مبدأ عقائديا هو ان يدرس كل من أراد بدل الخدمة العسكرية. وهي ايضا غير عملية، فالغربيون لن يوافقوا على التقاسم مع الشرقيين، ولن يوافق معهد ديني على مشاركة معهد آخر، ولن يوافق الحاخامون على تقاسم أعداد داخل المعهد الديني.

عرض ما سماه "مجموعات محدودة عكسية": بأن تُحدد غايات عددية لتجنيد الحريديين ويُزاد العدد في كل سنة. فاذا لم يتم بلوغ الغاية أُلغي القانون وأُلزم الجميع بالتجنيد. وافترض ألكن ان الحريديين لن يوقعوا على قانون كهذا ايضا، لكن هناك احتمال ان يقولوا أرغمونا فلا يوجد ما نفعل ويجب المضي الى الأمام.

قال ألكن لن نقلب المائدة مع الحريديين، وأكد ان شبكة الأمن يجب ان تكون شاملة، فلا تكون حماية من التصويت بحجب الثقة فقط بل تأييدا لجميع اقتراحات الحكومة ومنها الميزانية.

وقد عرف ان موفاز يائس وأنه سيوافق على كل صيغة تُبعد عنه تهديد الانتخابات. وفي يوم الاربعاء أمضى موفاز  الخطة في اطار شبكة أمن، وكان الامر مع نتنياهو أصعب.

تحدث الى نتنياهو والى ايشل يوم الاربعاء ليلا ويوم الخميس مرة اخرى. وفصّل أمامهما مساويء الانتخابات المبكرة، وقانون طال والميزانية، وهما المشكلتان اللتان وُلد تقديم موعد الانتخابات بسببهما، لن تُحلا. ويجب إمضاء قانون بديل عن قانون طال ويجب اعداد ميزانية. والاتفاق مع كديما سيحط هاتين المشكلتين عن ظهره ويستقر الائتلاف. ولن يكون ممكنا ان تهاجم الحكومة من الخارج لأن الجميع سيكونون في الداخل، ويظهر نتنياهو بمظهر زعيم الجميع.

وقال ألكن: هذا أخف الضرر.

لكن نتنياهو لم يقتنع، فقد ارتاب ان موفاز يحاول كسب الوقت. وسيجد في غضون شهرين حجة لابطال شبكة الأمن فيُبقي الليكود مع ائتلاف مُنتقض قبل سنة وأكثر من الانتخابات.

واعترف ألكن بأن المقامرة هي مقامرتنا، أعني الليكود. والمحكوم عليه بالموت لا يقامر بل يريد فقط ان ينزعوا الحبل عن عنقه.

لا يتقدم هذا، أبلغ ناس كديما يوم الجمعة. نحتاج الى شيء أكثر الزاما وأكثر قوة. وقالوا له ان باراك اتصل مع موفاز، فهو ايضا يخشى الانتخابات. وفي يوم الاحد حينما يترك نتنياهو مجلس عزائه سيلتقي معه. وقد التقى الاثنان في الموساد فألح باراك على نتنياهو ان يوافق على شبكة الأمن، فلم يقتنع نتنياهو، فانه اختار الانتخابات والامر محسوم. وسيبدأ المؤتمر بخطبة تعلن الانتخابات في غضون اربعة اشهر. وآنئذ تشوش المؤتمر عليه.

أطْروا أيها الأغبياء

في صباح يوم الاثنين عاد ليئور حوريف والتقى مع نتان ايشل. ومهد اللقاء الطريق للقاءين بين موفاز ونتنياهو في منزل رئيس الوزراء، وكان اللقاءان مخصصين لتنقية الجو لا للتفاوض. ونتنياهو بكرمه يغفر لموفاز تلقيبه إياه "كاذبا"، وموفاز يرفع الراية البيضاء.

وهو يوافق ان يكون تأييد كديما للحكومة من الداخل لا من الخارج، وأن يصبح نائبا ووزيرا بلا حقيبة وزارية. وأن يُسموه ايضا القائم بالأعمال برغم انه ليس لرئيس الوزراء في الواقع قائم في مقامه – فهو يشغل منصبه ايضا حينما يزور الخارج. ويعِد نتنياهو بأن يحصل كديما على وزراء آخرين اذا ترك الحريديون كلهم أو بعضهم بعد المصادقة على بديل قانون طال. ولم يُثبت هذا الوعد بوثيقة خطية.

ودُعي المحاميان دافيد شومرون من قبل نتنياهو وألون غالرت من قبل موفاز لاتمام الصيغة الخطية. وقبل كديما إملاء ألكن المتعلق بقانون التساوي في العبء. أما الفريق الذي سيصوغ القانون فسيرأسه بلسنر من كديما، لكنه سيعمل في حدود موافقة الحريديين، والحديث في واقع الامر عن قانون طال المطور.

بقي طلب كديما تغيير طريقة الانتخابات مُعطلا. وتبنى موفاز اقتراحات "هناك أمل"، وهو تنظيم يرأسه امنون شاحك ومئير دغان. ويقول الاقتراح ان يكون رئيس الوزراء هو ممثل أكبر كتلة برلمانية وان يُنتخب لاربع سنين. وسيكون عزله ممكنا بأكثرية نسبية فقط؛ وهذا الاقتراح يستدعي حربا عالمية مع الحريديين. "الحديث عن شعارات"، يقول عنه واحد من قادة الليكود.

قال نتنياهو منذ وقت قريب في حديث خاص انه لا تجوز خيانة الحريديين لأن لهم ذاكرة طويلة. والاتفاق مع موفاز لم يؤدِ بالحريديين الى ترك الائتلاف وهذا انجاز مهم بالنسبة اليه. فالحريديون يفترضون أنهم يستطيعون المداورة بنجاح بين نتنياهو وموفاز، وموفاز يحتاج اليهم ما بقي يطمح الى ان يصبح رئيس وزراء.

طوال يوم الاثنين كله تلقى ناس "خيمة الأغبياء" رسائل من غيل شيفر، رئيس ديوان نتنياهو، وقد طلب شيفر قائلا: "أطْروه، فهو معكم". وصعب عليهم ان يبتوا أهو معهم أم مع الحريديين، ويصعب عليهم ذلك اليوم ايضا.

خرج مُتسخا

ان نتنياهو هو زعيم بأثر رجعي، فهو يملك قدرة على اعادة كتابة تدبيره الى الوراء. وقد دخل الاتفاق مع موفاز مخالفا غرائزه ومخالفا رغبته، فقد كان الاتفاق إرغاما لا مؤامرة ولقاء مصالح لا تدبيرا فاسدا، وليس مؤكدا ان ميكيافيلي كان سيُعجب بذلك.

أخزى فؤاد بن اليعيزر نفسه فقط حينما قال من فوق منبر الكنيست ان موفاز "باع للشيطان نفسه"، فنتنياهو ليس شيطانا وليس آيخمان. وطبيعة هذه الاقوال ان ترتد على قائليها كعصا مرتدة. كان يجب على فؤاد ان يتعلم درسا من الطريقة المحرجة التي اضطر موفاز معها الى مواجهة لقب "كاذب" الذي ألصقه بنتنياهو. فقد جاء ليُوسخ وخرج مُتسخا.

لكن الشعور بالاشمئزاز أصيل وهو ينبع من طريقة عرض نتنياهو وموفاز الامر على الجمهور بقدر لا يقل عن كونه ينبع من الاجراء نفسه. فقد حل الاحتضان بمرة واحدة محل الشتائم، وحل التملق محل الاستخفاف. وقد ذكّرا ببيرس ورابين اللذين قال بعضهما في بعض كلاما فظيعا، لكن حينما اضطرا الى توحيد الصفوف حرصا على ان يقول بعضهما لبعض "اسحق العزيز" و"شمعون العزيز" مثل عاشقين.

دخل نتنياهو صفقة موفاز مع شعور مزدوج كما دخل صفقة شليط. فقد قدّر الكلفة وقدّر الضغوط وخلص آخر الامر الى القرار الصحيح، بيد أنه الى ان هبطت المروحية في تل نوف تحولت الحيرة الى احتفال نصر لم تعرف البلاد الى الآن مثيلا له. وقد هزم بيبي التاجر نتنياهو الحائر. وفي مؤتمر الليكود في يوم الاحد كانت الجملة الوحيدة في خطبته التي حظيت بتصفيق حار شامل هي افتخاره باطلاق سراح شليط.

الطريق الى الخارج

ان ائتلاف الـ 94 عضو كنيست يشبه العيش في مجمع سكني، وكل واحد يرى القمامة في غرفة الدرج لكن لا يتطوع أحد للتنظيف. واعضاء الائتلاف يختفون في اللحظات المهمة، وهم يُغرقون الكنيست باقتراحات قوانين غوغائية ويُغرقون الاعلام بشكاوى على الحكومة. وهذه الظاهرة صعبة بصورة خاصة زمن التباحث في الميزانية في اللجنة المالية: فلكل عضو من الائتلاف شيء ما أو شخص ما يبغي مكافأته.

تبين لرئيس الائتلاف ألكن الذي سيطر على الائتلاف السابق سيطرة مطلقة، تبين له هذا الاسبوع ان قطيعه بدأ يتفرق كل واحد في سبيله. وعزى نفسه بالعدد وبأنه لا يمكن اضاعة الفرص مع 94 نائبا من 120.

لكن كديما يغلي من الداخل. وكان مئير شتريت أول من هاجم الاتفاق، فقال: كيف سنؤثر في قرارات الحكومة اذا كان لنا وزير واحد فقط ومن يصوت معنا. واذا تم تعيين شتريت لرئاسة اللجنة الاقتصادية فسيُضايق الائتلاف مضايقة شديدة.

استقال حاييم رامون وترك كديما. ويبحث آخرون من مؤيدي تسيبي لفني عن طريق الى الخارج. وقد ذكّر واحد من أقطاب الليكود هذا الاسبوع بـ "قانون موفاز" الذي أجازه نتنياهو في الماضي في محاولة لشق كديما. ويقضي القانون بأنه يستطيع سبعة من اعضاء الكنيست الانشقاق عن كتلتهم الحزبية. واجتاز القانون لكن التدبير فشل.

قال: "ان قانون موفاز سيُستعمل على موفاز".

بيت إيل للمبتدئين

ان ما بدأ في بيت إيل بقي في بيت إيل: في يوم الاثنين من هذا الاسبوع أمر قضاة محكمة العدل العليا باجلاء السكان عن حي الأولبانه الذي هو جزء من المستوطنة. وقد أخرج القرار وزراء الليكود عن طورهم وهم الذين كانوا في ذلك اليوم ما يزالون في ذروة الانتخابات التمهيدية. وقد نددوا بمحكمة العدل العليا وشتموها هم ومؤيدوهم وتنكروا للجميل. فهم لم يتذكروا أو لم يريدوا ان يتذكروا اسهام محكمة العدل العليا العظيم في انشاء بيت إيل ومشروع الاستيطان كله بعد ذلك. وقد نشأت السابقة هناك، فهناك أُقرّت البنية التحتية القضائية؛ وفي بيت إيل دفنت محكمة العدل العليا في واقع الامر احتمال التوصل الى تسوية تنهي الصراع. وليس مسؤولا عن هذه العقدة المؤربة التاريخية غليلي وألون وديان وبيرس وبيغن وشارون وشمير ونتنياهو فقط، لأن قضاة محكمة العدل العليا على اختلاف حقبهم ممن يكرههم اليمين لا يقلون عنهم مسؤولية.

نشرت المحامية ميخال شكيد في المدة الاخيرة عن دار نشر "يديعوت احرونوت" السيرة الذاتية لقاضي العليا موشيه لنداو الذي كان رئيس تشكيلة القضاة التي أصدرت القضاء في شأن بيت إيل. في بداية 1978 حينما ثقلت ضغوط جماعة ضغط المستوطنين على حكومة مناحيم بيغن أثار وزير الخارجية موشيه ديان اقتراح مصالحة بأن يستوطن المستوطنون ستة معسكرات للجيش في المناطق. وحصل المستوطنون في بيت إيل على إفضال آخر، فقد صودرت من اجلهم عند أطراف المعسكر ارض خاصة.

استأنف صاحب الارض الى محكمة العدل العليا. وظهرت من قبل الدولة في القضية دوريت بينيش التي أصبحت بعد ذلك رئيسة المحكمة العليا والمسؤول عنها بعد ذلك غبريئيل باخ الذي أصبح بعد ذلك قاضيا في المحكمة العليا. وقد زعما ان انشاء المستوطنة على ارض المستأنف ضروري للحاجات العسكرية. وكانت تلك دعوى كاذبة علم الجميع أنها كاذبة، لكن كان ذلك هو المعتاد آنذاك.

وقع منسق الاعمال في المناطق، اللواء ابراهام أورلي، على تصريح يقول ان للمستوطنات مهمات جليلة في الدفاع عن الدولة في الهدنة وفي الحرب. والمستوطنة في بيت إيل مهمة أهمية خاصة. ولم يقل للمحكمة ان المستوطنة قامت بموجب ترتيب سياسي. ولم يقل ذلك ايضا المدعي العام لأن هذا كان هو المعتاد آنذاك.

رفض القضاة الخمسة الاستئناف بالاجماع. فوثيقة جنيف الرابعة التي تُحرم استيطان ارض محتلة هي من شؤون الحكومة لا من شأن المحكمة، كما قالوا. والمحكمة العليا تتناول مصادرة ارض خاصة فقط. والمصادرة في بيت إيل سائغة.

"ان الاستيطان اليهودي في منطقة وضعت اليد عليها يُسهم اسهاما جليلا في الوضع الامني في تلك المنطقة"، كما قضى القاضي لنداو. "لا حاجة الى ان تكون خبيرا بالشؤون العسكرية كي تفهم (هذا)". وقضى ايضا أن "الحكومة بانشاء المستوطنة المدنية في بيت إيل قدّمت التفكير العسكري على العمل الاستيطاني". كان ساذجا الى هذا الحد.

احتفل بيغن بنصره وافتخر قائلا: "يوجد قضاة في القدس". وفسروا قوله بعد ذلك بأنه اعتراف بتفوق القضاة على الساسة برغم انه يمكن تفسيره بالعكس.

بعد سنة طُلب الى محكمة العدل العليا ان تبت الامر في واقعة مشابهة هي مصادرة ارض خاصة في رُجيب في السامرة من اجل نواة ألون موريه. وترأس لنداو تشكيلة القضاة مرة اخرى، ونبه رئيس هيئة الاركان رفائيل ايتان الى ان القرار يعتمد فقط على الحاجات الامنية. واستقر رأي القضاة وهو ما فاجأ الجميع، بالاجماع على قبول الاستئناف، فهم لم يقبلوا التعليل الامني. واحتفل اليسار هذه المرة.

لم يكن أي داع لاحتفال اليسار، فقد أدركوا في النيابة العامة ان سلب الارض الخاصة من اجل الحاجات الاستيطانية قد يثير مشكلة في محكمة العدل العليا، ولم يعد الاحتيال الامني ناجحا.

كان الحل بليئه الباك، فقد ابتدعت الباك، رئيسة القسم المدني في النيابة العامة ومؤيدة متشددة لمشروع الاستيطان، ابتدعت بدعا قضائية مكّنت الحكومة من انشاء مستوطنات في كل مكان تقريبا بزعم ان الارض هي للدولة. وتعاونت محكمة العدل العليا على اختلاف حقبها. ووعد بيغن بعشرات المستوطنات مثل ألون موريه ونشأت عشرات المستوطنات كألون موريه منها ألون موريه نفسها.

برغم ان مناطق واسعة فُتحت للاستيطان، استولى المستوطنون بين الفينة والاخرى على ارض خاصة. وحدث خلل احيانا، فقد أُصيبوا احيانا بشهوة زائدة. ان 17 مستوطنة في الضفة تقوم على اراض يشتبه بأنها خاصة. وفي كل مرة تبلغ فيها هذه القضايا الى محكمة العدل العليا تعبر النيابة العامة عن أسف وتعِد بالاصلاح وتطلب تأجيلا. وبعد ذلك حينما يحين الأجل المسمى تطلب تأجيلا آخر ثم تأجيلا آخر الى ان يضيق القضاة ذرعا.

أدمنت منظمات اليسار مكافحتها للاستيطان على اراض خاصة لأن هذا هو النضال الوحيد الذي استطاعت ان تفوز فيه. وقد عملت في واقع الامر على أنها متعاونة تخدم المستوطنين. فقد صرف كل استئناف منها على بيت يقع في ارض خاصة، صرف الانتباه عما يحدث على الارض حقا.

تحدثت العناوين الصحفية في الشهور الاخيرة عن نقل ميغرون وعن بيت واحد أُخلي في الخليل وعن مجموعة البيوت في بيت إيل بالطبع. وصرخ اليسار، وهدد اليمين بحل الحكومة. ووبخ القضاة ناس النيابة العامة وتنهد هؤلاء في ألم.

في ذلك الوقت وبغير عناوين صحفية استوطن يهودا والسامرة آلاف آخرون من الاسرائيليين. وقد تحدث بني بيغن في خطبة من خطبه الاخيرة عن 40 ألف يهودي استوطنوا هناك منذ انقضى التجميد، وهذا جمهور كبير. ان هؤلاء المستوطنين هم شاهد القبر الحقيقي على قبر حل الدولتين.