خبر جمعية قدّيسي الأمن.. هآرتس

الساعة 12:17 م|02 مايو 2012

 

 

(المضمون: ان الانتقاد الموجه على عوزي أراد ويوفال ديسكن ومئير دغان منشؤه اعتراضهم على ما يسميه المُخلِّصين والجمعية الامنية التي تضبط الامور كلها في اسرائيل - المصدر).

لا يوجد مكان آخر في العالم، ما عدا عددا من الديكتاتوريات، ليست فيه "جماعة الامن" كما هي الحال في اسرائيل، مصطلحا جمعيا يتعلق بجماعة اشخاص يعملون في الامن ويقودون فرقا عسكرية أو يدبرون حربا سرية وراء خطوط العدو، سوى مكان مقدس. مكان مقدس فيه مُفتون معدودون حصلوا على اجازة من مُفتين سبقوهم، والكتب المقدسة فيه دقيقة كثخانة أمر عسكري، والعبادة مركبة من غمز وابتسامات دقيقة لا تفهمها سوى الاجهزة المقدسة وقضاة معدودين يُراد من الجمهور، كل الجمهور، ان يُرتلها في ورع ويرددها مثل شعار.

ان الكهانة في الجمعية الامنية الاسرائيلية بخلاف جمعيات دينية اخرى محدودة الوقت، لكن الحياة فيها حياة أبدية، ما قبل رجالها قواعدها. وهي قواعد سهلة بسيطة أو هي في الحقيقة قاعدة واحدة مركزية تقول انه يجوز التبول داخل مبنى الجمعية – حتى لو تبول الواحد على الآخر – وأنه لا يجوز التبول من خارج المبنى الى الداخل.

نقض هذه القاعدة ثلاثة من تاركي القيادة الكبار كانوا يستطيعون ان يلوحوا الى الأبد بمباخر عطرة في المبنى حول مذبح الامن بل ان يحظوا بمكان جليل في هيئة ادارة الدولة. وبدل ذلك اعتقدوا خطأ ان مكانتهم السابقة تبيح لهم المس بقدس الأقداس. ان عوزي أراد ومئير دغان ويوفال ديسكن لم يوجدوا جمعية قدّيسي الامن، لكنهم عاشوا جيدا بحسب قواعدها وتمتعوا بالعباءة البيضاء مع الوشاح اللازوردي الذي يُمنح لكل من هو في الداخل وبصورة الأنقياء من كل عيب الى درجة انه خشي حتى رؤساء الحكومة والوزراء من عصيان ما يقولون. وماذا عن الجمهور؟ هل يوجد مؤمن واحد يريد الاعتراض على سلطة البابا؟ وعلى عظمة الله؟ وعلى قداسة جماعة الامن؟ انهم يعلمون الأسرار المحجوبة ومن المؤكد أنهم صرفوا حياتهم من اجل المجموع، لكنهم مثل كل كاهن كانت عظمتهم في أنهم نجحوا في ان يأمروا جمهور المؤمنين بالاصغاء والانصات اليهم بلا اعتراض.

ينبغي في هذا ايضا ألا نتهمهم بأنهم أوجدوا العجل. فالركوع المستسلم لكبار الامن هو العبادة التي تصاحب الدولة منذ انشائها. وتُعزز حولها في خبرة ثقافة التهديد والاضطهاد، وعلى حسب مبلغ إشرابها للنفوس تُقاس نوعية المواطن المؤمن الذي لا يستطيع ان يكون مواطنا حقا بغير مشاركة في معبد الامن.

يعرف أراد ودغان وديسكن جيدا نظام الحياة في المعبد. ومن هنا تأتي الدهشة من زلتهم الشديدة حينما ظنوا أنهم يستطيعون اقامة معبد بديل وأنه تكفيهم خدمة طويلة مجيدة لفتح فرع منافس للمعبد الرسمي.

تبين لهم فجأة ان قصف ايران سيكون خطأ تاريخيا، وأُزيح الستار فجأة وتبين ان اسرائيل لا تقل عن الفلسطينيين ذنبا في افشال مسيرة السلام، وأضاء أراد بشعاع مصباح يعمي البصر الأزقة المعوجة لمسار اتخاذ القرارات في ديوان رئيس الحكومة. لكن كل ذلك يصبح شاحبا اذا ما قيس بالخطر الفظيع وهو ان يحطم كلامهم استقرار العلاقة بين المعبد الرسمي ومؤمنيه.

ان العاصفة التي نشأت حول تصريحاتهم وبخاصة تصريح ديسكن ليست بسبب ما قالوا. فلم يعترض المنتقدون على شأن من الشؤون التي تناولوها سواء قصف ايران أو عدم قصفها، أو تحطيم الاستراتيجية الاسرائيلية التي بنت نفسها حول تصوير ايران بأنها دولة غير عقلانية أو هل اسرائيل مذنبة في فشل المحادثات مع الفلسطينيين. فنحن نملك فيما يتعلق بذلك جدلا قديما لا يمكن ضعضعته ولن ينجح أحد في ان يبلبلنا بالحقائق. بل نشأت الجلبة بسبب الخيانة للجمعية والاضرار بالمُخلِّصين.

ومن اجل التغطية على الضرر تم استلال الملفات الشخصية فورا. فديسكن أراد ان يكون رئيس موساد ولم يُتيحوا له ذلك، وأراد ذو فتيل تشاجر مع بنيامين نتنياهو بسبب صلاحيات، ولم يجدوا حتى الآن شيئا على دغان لكنه اذا استمر في الاغضاب فسيجدون شيئا ما بعد. والمشكلة هي ان ناديي الامن الرسمي والبديل يدفعاننا الى معضلة شديدة. فقد تم ترويضنا من جهة لنُصدق كل ما يخرج من أفواه من يتولون المناصب الرفيعة، ومن جهة اخرى فان ولايتهم تنتهي في وقت ما وقد يضعضعون ايماننا الأعمى بمُخلِّصينا ذات يوم.