خبر ساعة الرمل الصامتة- يديعوت

الساعة 09:23 ص|01 مايو 2012

ساعة الرمل الصامتة- يديعوت

بقلم: سيفر بلوتسكر

ساعات الرمل لا تتكتك، فهي لا تُسمع صوتا اذا قربت أذنك من الزجاج وحدقت الى ذرات الرمل التي تسقط بطيئة الى أسفل. لا توجد فيها دواليب مسننة بل قوة جاذبية فقط، فالطبيعة تعمل وحدها.

ساعات الرمل لا تتكتك ولهذا لا تزعج راحة اولئك الذين يريدون ان يدعوا الزمن يفعل فعله وفي هدوء. وفيها مع ذلك عيب وهو ان الرمل ينفد في الساعة ذات يوم وفي ساعة ما. فكل شيء يقف فجأة ويجب ان تُقلب الآلة فورا من اجل الاستمرار.

ان ساعة الرمل الصامتة تُقرب اليهود والفلسطينيين يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة من واقع دولة واحدة للشعبين. ويُسمونها احيانا دولة ثنائية القومية، ويُسمونها احيانا اخرى ارض اسرائيل الكاملة، ويُسمونها احيانا فلسطين الكاملة، وهم لا يمنحونها اسما على نحو عام. هذا ما يوجد الآن ببساطة وبعد قليل. ان الرمل الساقط كاد ينفد ويمكن ان نلمس ساعة قلب الآلة بمد أيدينا.

هناك أمران يعملان على التوازي وهما الزيادة الطبيعية للسكان الفلسطينيين والزيادة الطبيعية والسياسية للسكان من المستوطنين. ان معدل زيادة الفلسطينيين في الحقيقة قد تباطأ في العقد الاخير بسبب ارتفاع مستوى الحياة، لكن هذا لا يستطيع ان يُغير الصورة العامة. ان نحوا من 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية ويعيش 1.6 مليون فلسطيني آخر داخل اسرائيل الصغيرة. أي انه يوجد 3.8 مليون فلسطيني مقابل 6.2 مليون يهودي، ومن يُعرفون بأنهم "آخرون" وهم يهود بحسب قانون العودة لا بحسب الشريعة اليهودية. وهذه أكثرية صلبة تبلغ 60 في المائة اذا تجاهلنا قطاع غزة الذي تم فصله عن اسرائيل. كم عدد فلسطينيي القطاع؟ ان التقدير المعقول هو 1.7 مليون.

اذا كان الامر كذلك فان لليهود أكثرية ايضا داخل اسرائيل ويهودا والسامرة وغزة، فعندنا 6.2 مليون مقابل 5.2 مليون عندهم، فلا يوجد ما يقلق.

لكن هناك ما يقلق. فـ "ارض اسرائيل الكاملة" من غير غزة قد أصبحت اليوم منطقة جغرافية فيها 62 في المائة من اليهود و38 في المائة من الفلسطينيين. وهذه ليست دولة يهودية في واقع الامر بل هي دولة ثنائية القومية لا يستطيع الشعب ذو الأكثرية ان يفعل فيها ما يشاء. فنشيد "هتكفا" مثلا لا يمكن ان يكون نشيدها الوطني. وبعد أن يقنط الـ 38 في المائة من الفلسطينيين من انشاء دولة لهم سيطلبون ايضا تحقيق حقوقهم المدنية بالاقتراع لمجلس النواب المشترك، وهلّم جرا.

لكن "دولة فلسطين" ايضا في حدود الضفة الغربية قبل حرب الايام الستة ستكون دولة ثنائية القومية. ففي يهودا والسامرة يعيش اليوم 340 ألف يهودي. ويسكن 60 ألف يهودي شاب ايضا في معاهد داخلية دينية موزعة هناك بعضها في مستوطنات غير قانونية. ويسكن 300 ألف يهودي في أحياء القدس الشرقية والشمالية والملحقة. وفي الحاصل العام يسكن الضفة الغربية في حدود ما قبل حرب الايام الستة نحو من 700 ألف يهودي هم نحو من ثلث السكان ويتعلق هذا بالمكان الذي تمر فيه حدودها. فاذا نشأت دولة فلسطينية على ارض الضفة الغربية كلها فستكون اذا ثنائية القومية سلفا.

ان الشيء الوحيد الذي ما يزال يفصل بين فكرة دولتين للشعبين وواقع دولة واحدة لشعبين يتقاسمانها (بلا خيار) على نحو مشترك، هو اتفاق اوسلو في 1993، أو نقول لمزيد الدقة البقايا الأخيرة من ذلك الاتفاق وهي تتلاشى سريعا. أوما يزال ممكنا انقاذه؟ ربما، لكن احتمال ذلك غير مرتفع. ان خريطة المصالحة الجغرافية التي سترضي الطموحات القومية للشعب اليهودي والشعب الفلسطيني معا ستكون بالضرورة معقدة ومتعوجة في وقت تدخل فيه أصابع شعب من الشعبين في جسم الشعب الثاني ولحمه. هل يكون اجلاء ونقل لمئات الآلاف؟ هذا صعب.

ان الدولة اليهودية تخلي مكانها اذا في ذروة نجاحها لدولة يهودية فلسطينية. ونحن، أي الأكثرية القلقة والسعيدة، لم نسمع ساعة القدر تتكتك، فقد كانت ساعة رمل.