خبر احتفاء الغرب بالعنصرية والإرهاب..علي عقلة عرسان

الساعة 11:24 ص|27 ابريل 2012

بمناسبة مرور أربعة وستين عاماً على ما يسمى " استقلال دولة إسرائيل"، أعلن الرئيس أوباما دعماً جديداً لها بقوة قنبلة ذرية، وتهنئة تزيد حرارتها درجات عما اعتادت عليه الأوساط الصهيونية.. ولا يتأتى ذلك من مناخ الانتخابات الأميركية الذي يفرض نفسه على المرشحين، ولا من والصراع المحتمل بين ميت رومني وباراك أوباما في تشرين الثاني/نوفمبر القادم فقط بل من تاريخ طويل من الانحياز للعنصرية الصهيونية والالتزام بدولة قامت على الإرهاب والعدوان ولا يمكن أن تستمر إلا بهما ما لم تكسر شوكتها بقوة يفتقدها أهل القضية والحق الذين يخوضون حروباً فيما بينهم لو أن ضحاياها وتكاليفها وشدتها وحميتها وجهت للعدو الصهيوني وحلفائه لما كان في هذا الوضع الذي يتغطرس فيه ويتهم، ولم نكن نحن في هذا الوضع المزري الذي نحن فيه حيث يأكل بعضنا بعضاً ونُتَّهَم.!!

يحتفل الكيان الصهيوني بتأسيس دولة ناصرها الغرب وما زال، وقال عنها ساركوزي في الكنيست الإسرائيلي عام 2008 " إسرائيل.. معجزة القرن العشرين".. وأذكر أنني حين كنت أستمع إليه وهو يشدد على حروفه ويشد قبضته ويكاد يهوي بها على خشب المنصة أمامه مبجلاً ومعظماً ومنحازاً لإرهاب الدولة النازية الجديدة ولجده اليهودي البولندي.. تساءلت: مع أية إنسانية مضطهدة يقف ممثل فرنسا؟! ألم يسمع بالمظالم والمذابح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني المقتلع من أرضه والملاحق في وطنه والمضطهد بأشكال من " الهولوكوست" منذ قيام | دولة إسرائيل" العنصرية؟!

اليهود يخدمون اليهود ويحتضنون باطلهم، والعرب يقتلون العرب ويخذلون حقهم.. تلك حقائق مؤسفة مؤلمة رسخت منذ عقود من الزمن، واستاطاع خلالها الاستعمار والاحتلال وأعداء الأمتين العربية والإسلامية أن يثبتوا في التكوين الفردي والجمعي، الشعبي والرسمي.. ما يمكن أن يكون عوناً لهم في حربهم التاريخية على العروبة والإسلام.

ـ اليوم، حيث يحتفل العدو بانتصار العنصرية والإرهاب والعدوان، وبانتزاع أرض شعب مسالم وتشريده في أربعة أركان الأرض، والاستمرار في إبادته مادياً ومعنوياً..

ـ اليوم، وفي ظل صمت عربي مخزٍ عن العدو الصهيوني وممارساته وتهويده للقدس وفلسطين واستيطانه وجرائمه وسكوت العالم عن جرائمه..

ـ اليوم، وفي ظل تاييده غربياً وحتى عالمياً بوصفه دولة نووية مسكوت عنها، وملاحقة الآخرين بذريعة أنهم قد يفكرون بامتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية..

ـ اليوم، ونحن نذبح بأشكال مختلفة ولأسباب مختلفة ويطلب منا أن ننسى فلسطين ونعترف بإسرائيل ونطبع علاقاتنا معها ونرفعها  فوق الرؤوس..

علينا أن نتذكر جيداً ونذكر أجيالنا بأن الصهيونية حركة عنصرية لا يمكن قبولها ولا التعايش معها ولا السكوت على جرائمها ولا التعاطي مع وجودها وثقافتها.. وأنها رأس الإرهاب وأساس التوتر في المنطقة، وأنها قامت بالعدوان على حساب شعب وأمة، وأنه لا بد من تجديد العزم على تحرير فلسطين، كل فلسطين من الصهاينة وإقامة دولة فلسطين فوق أرض الأجداد والآباء التي كانت منذ ما قبل الكنعانيين وستبقى إلى أبد الآبدين.. فلسطين العربية.

فالصهيونية تطرف وتعصب عنصريان أسوأ مما كانت عليه النازية..‏ وحين ينبع التعصب من طبيعة عنصرية تستشعر التفوق وتدَعيه وتعلنه بوصفه امتيازاً و"اختياراً منسوباً للرب"، أو حين يضاف التعصب إلى تلك الطبيعة العنصرية - وهو من لوازمها في الأغلب الأعم- وتكرسه عقيدة وثقافة، تصبح العنصرية سمة جوهرية وحالة عدوانية، وحقيقة يومية، يلغي استمرارها على هذه الحالة شذوذَها، كما يلغي كل منطق سليم يحاول التماس مداخل للتعامل معها.. حيث تتكون عقدة أفاع في داخل نفس كل فرد يستشعر هذه الحالة، وفي نفس الجماعة التي ينتمي إليها، وينصبّ تأثير عقدة الأفاعي تلك على محيطها الذي تناصبه العداء.

وتلك هي حالنا اليوم- نحن العرب- مع الحركة الصهيونية التي نهلت من التشوه التلمودي- وأساطير مشوهي التوراة، وخرافات سياسية-استعمارية، ووعود تنسب إلى "الرب"، فجاءت إلى الوجود بنوع من المخلوقات والأفكار والمشاريع، لا تحقق حضوراً أو بقاء إلا بانتهاج النهج الملازم للعنصرية والتعصب والنابع منهما، ألا وهو الدموية العدوانية، والافتراء والتشويه المستمرين، وانتفاخ الضفادع في المستنقعات الآسنة.‏

‏ إننا نواجه عقلية يهودية مبنية على أسس التمييز العنصري والتعصب والاقتناع "المقدس" بالتفوق والفرادة، عقلية يغذيها "إيمان"، وأياً كان فهو لديها "إيمان"، بأنها من طينة غير طينة الآخرين وأن الآخرين في خدمتها: يقول الحاخام "اباربانيل" :"خلق الله الأجنبي على هيئة الإنسان ليكون لائقاً لخدمة اليهود الذين خُلقت الدنيا لأجلهم، لأنه لا يناسب لأمير أن يخدمه ليلاً نهاراً حيوان وهو على صورته الحيوانية، فإذا مات خادم اليهودي أو خادمته، وكانا من المسيحيين فلا يتوجب عليك أن تقدم لـه التعازي بصفة كونه فقد إنساناً، ولكن بصفة كونه فقد حيواناً من الحيوانات المسخَّرة له".‏

وفئة هذه نظرتها للآخرين لا يُستغرب منها أي فعل أو منطق أو سلوك يسخر من منطق الآخرين وعقلهم وحقهم ورؤيتهم للأمور. لقد رأى اليهود أنفسهم دائماً على هذه الصورة، وربما كان هذا تمثلاً منهم لعقيدة صنَّعوها، فرأوا "يهوه" من منظورها يشجعهم على أن يكون كل حقد وطمع وتعصب وعنصرية ضد الآخرين جزءاً من تكوين مقدس ومشروع متفوق لليهودي. وقد ثبَّت مؤرخوهم ومفكروهم وكتابهم ذلك دون حياء، فها هو سيمون دفنون المؤرخ اليهودي (1860-1941) يقول: "اليهودي إنه مخلوق فريد لـه طبيعة أزلية، وتراث حضاري مستقل عن التراث الإنساني".. فلندقق في كل كلمة مرت في هذا المقتبس ونحن واجدون فيها نتن التعصب والعنصرية ووهم التفوق الخَلْقي وسقوط القيم السليمة.‏

ويكاد قول جاكوب كاتز يلخص جوهر الموقف "الأخلاقي اليهودي" وجوهر المشكلة العملية أمام "إسرائيل" العنصرية في فلسطين وبقية الأرض العربية المحتلة إذ يقول:‏ "إن الصعوبة الرئيسة بالنسبة للمجتمع اليهودي في هذا الإطار تكمن في الحقيقة التي مؤداها أن شرائع التلمود وتقاليده الأخلاقية كانت تفترض وجود مستوطن يهودي أصلي وجهاً لوجه أمام غرباء وثنيين غير مرغوب فيهم ويقيمون بين ظهراني اليهود، كما أن إقامة الاتصال مع هؤلاء قد تجر إلى الخطيئة والإثم، لذا جرى اعتبار الإقدام على طرد هؤلاء وحتى القضاء عليهم بمثابة "واجب مقدس.".‏

فاضطهاد اليهودي للآخرين ونهبه لأرضهم وخيراتهم، وقتله لهم، مؤسس على اعتقاد "ديني" يرى أن دم "الغوييم" -أبناء الشعوب من غير اليهود- وأموالَهم وأعراضَهم وأراضيهم حلال له، ويرى أن رضا "يهوه" مرتبط بإقدام جنوده على سحق الآخرين وإبادتهم، ويرى أن كل ما تطؤه أقدام جنود " يهوة"هو ملك تام لصهيون، وكل ما يمارسه اليهودي في سبيل الوصول إلى أغراضه وأهدافه، ولو كان في منتهى القذارة والخسة، هو عمل مشروع يبيحه "الدين" وتبيحه الشريعة وتحض عليه "الأخلاق" اليهودية. ويجد أن الكذب على الآخرين والتزييف والتزوير.. إلخ.. كلها أفعال مشروعة جداً ومنطقية ومطلوب القيام بها، بل مباركة، ما دامت تؤدي إلى وصول اليهودي إلى امتلاك الغير وإبادتهم وتحقيق نصر وتفوق لـه عليهم. وكل ذلك مؤسس، كما أسلفت، على اعتقاد راسخ بالحق والشرع، كما يفهم الشرع والحق يهود - صهيون، أو الصهاينة اليهود.‏

يقول إيلي فيزل، مروِّج بضاعة "الهولوكوست" في الولايات المتحدة الأميركية:‏

"معاقب دائماً وبريء دائماً" ذلك هو عبء أن يكون المرء يهودياً". وإذا كان من المستهجن أن يقول يهودي مدلل في الولايات المتحدة هذا الكلام ويروّج لـه في أنحاء تلك الدولة.. فمن المستهجن ألا نقول نحن العرب ما ينصفنا من الظلم الواقع علينا جراء ما لحق وما يلحق بنا من عدوان وقهر وتدمير وموت واقتلاع جذور من أرضنا التاريخية وثقافتنا العريقة، وما نتعرض لـه من إزدواجية مكاييل يقود تطبيقها علينا تحالفٌ تقف على رأسه الولايات المتحدة الأميركية " الإنسانية النزوع؟!" التي استخدمت حق النقض أبشع استخدام في أثناء حصار بيروت عام 1982 لمنع وصول الماء والغذاء والدواء والكهرباء إلى من كان يحاصرهم الكيان الصهيوني في عاصمة بلد عربي عضو في الأمم المتحدة.. فتصوروا.؟!‏

لم يسرق اليهود الصهاينة وطن الفلسطينيين فقط ولكنهم سرقوا أيضاً "الهولوكوست" من الشعوب التي تعرضت لها فأصبحت "هولوكوست اليهود على يد الغوييم"، وسقط من القائمة كل الذين تعرضوا للتعذيب والإبادة على يد النازيين وبتعاون الصهيونية والنازية، وكل الذين سقطوا في حرب الغرب على الأمم في الحرب العالمية الأخيرة وعددهم يربو على الخمسين مليوناً من البشر؛ ثم حل العبء الصهيوني على العرب من بين الأمم ونُسي حتى هتلر في الزفة، وأصبح الهولوكوست دجاجة تبيض ذهباً لليهود/حتى اليوم دفعت ألمانيا وحدها أكثر من /60/ مليار دولار تعويضات ثمناً لدم اليهود، عدا المساعدات المنظورة وغير المنظورة ومنها غواصات نووية. وتشكل صناعة ناجحة تسوِّغ قهر الآخرين واستلاب أوطانهم وإبادتهم، في ظل تفهم وتواطؤ غربيين تسوغهما الهولوكوست أخلاقياً؟! أليس هذا عار الحضارة الغربية في القرن العشرين وهذا القرن الذي يهل بائساً ودامياً!؟.‏

يقول دعاة الصهاينة: "الهولوكوست متعذرة على التفسير لأنها فريدة، وهي فريدة لأنها متعذرة على التفسير."، فانظروا إلى عبقرية هذا المنطق الذي لا يفسره إلا النزوع العنصري البغيض والعقل المريض، وينم عن عقلية تعيش خارج المنطق والتاريخ.‏

إننا مدعوون للدفاع عن الحقيقة وعن القيم الإنسانية المنتهكة وعن العدالة وعن العقل، وعن شعبنا الفلسطيني الذي اقتلع من معظم أرضه وما زال مهدداً بالاقتلاع، وعن مقدساتنا وثقافتنا وقيمنا وعقيدتنا.‏ فالعنصرية شر مطلق، والصهيونية هي ممثل هذا الشر المطلق بامتياز مطلق أيضاً، وفضحها ومقاومتها واجب مقدس، وطني وقومي وإنساني وأخلاقي.. وكذلك تعرية رموزها ومن يروج لهم من هنري ليفي إلى بني موريس في الحاضر وكل من سبقهم..

عبر المؤرخ الصهيوني بني موريس" عن عمق عنصريته، وحقده الأعمى على العروبة والإسلام، وليس على العرب والمسلمين فقط، وقد نادى "بترانسفير" جديد قادم يكمل القديم الذي باركه وسوِّغ حدوثه، كما بارك جرائم الصهيونية كلها، وقال عن مرتكبيها: " إنني بالتأكيد أفهمهم، أفهم دوافعهم. ولا أعتقد أنهم أحسوا بوخز الضمير، ولو كنت مكانهم لما شعرت بوخز الضمير. فمن دون هذا العمل لم يكونوا لينتصروا في الحرب ولم تكن الدولة لتقوم" وعندما سأله محاوره: أنت لا تستنكر فعلهم من الناحية الأخلاقية؟ لقد قاموا بعملية تطهير عرقي. قال: لا.. هناك ظروف في التاريخ تنطوي على تبرير للتطهير العرقي.".؟! فليدقق أتباع موريس بتبريره للتطهير العرقي ضد العرب..‏

يقول موريس في مقابلة له: "العرب هم برابرة العصر الحديث، وهم قادمون، وإسرائيل تقف اليوم في جبهة صدام الحضارات بين الغرب ومفاهيمه، والعالم العربي والإسلامي ومفاهيمه.. العالم العربي بصورته القائمة الآن بربري.. هناك مشكلة عميقة في الإسلام فهو عالم ذو قيم مغايرة.. عالم ليست فيه لحياة الإنسان القيمة ذاتها الموجودة في الغرب، حيث أن الحرية والديموقراطية والانفتاح والإبداع أمور غريبة لديه. إنه عالم يحلل دم كل من لا ينتمي إلى معسكر الإسلام.. إلخ"! فلنتأمل في هذا الجهل المطبق والحقد الكريه والتشويه المدروس المنساب على درب طويل من الحقد التاريخي الدفين ضد العرب والمسلمين.. ضد العروبة والإسلام وقيمهما. إن منابع هنتنغتون الذي يقول بصراع الحضارات من هنا، كما أن منابع ريتشارد بيرل وسواه من هذه المدرسة التي منها الصهيوني ليو شتراوس منظر اليمين الأميركي.. إن هذا النوع من التفكير والأشخاص هو الذي يوجه العمل في جبهتين كبيرتين ضدنا: جبهة الحرب العدوانية الساخنة، التي يجسدها الاحتلال في فلسطين والجولان والعراق وأفغانستان وغيرهما.. إلخ، وجبهة الاستنزاف والحرب الثقافية والطائفية التي تُشن علينا من مواقع عدة ويشارك فيها "عرب" يطيب لهم أن يشوهوا صورة أمتهم ودينهم ليشتروا هوية " حضارية" ملطخة بالدم والعار والحقد والجهل، من مركز الشر الصهيوني الذي يقوم بجرائمه كلها، ويدعي أنه يسلك طريق الخير الذي تقره الأخلاق، وأن رؤيته ذلك يبيح لـه أن يفعل ما يشاء".‏

وردّاً على سؤال: ومن ناحية أخلاقية هل تسلّم بهذا العمل؟ يقول بني موريس: " نعم. وحتى الديمقراطية الأميركية الكبرى لم يكن بوسعها أن تتحقق من دون إبادة الهنود الحمر. هناك حالات يبرر فيها الخير الشامل، النهائي أعمالاً صعبة، ووحشية تجري في المسار التاريخي. وهذا يبرر في حالتنا عملية الترانسفير".؟!‏ هل هناك عاقل يقبل مثل هذا المنطق والمسوغات التي يقدمها بني موريس للإبادة الجماعية والعرقية وللعنصرية والإرهاب؟!لا يمكن أن نقبل منطق بني موريس عن الأخلاق والاستقامة، ولا اتهامه للعروبة، ولا كلامه عن الإسلام الذي أعلى من شأن الإنسان والحياة والحق والاستقامة والخلق في كل شيء، وكان عماد رسالته الأخلاق: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وقالت تعاليم نبيه: إن نصرة الأخ ظالماً في الإسلام تكون بردعه عن الظلم والشر والغي.. هذه هي الأخلاق والقيم التي يقرها الإسلام الذي يحاول الحاقدون الجهلة من أمثال بني موريس أن يشوهوا مفاهيمه وحقائقه الناصعة.‏

إن الاستقامة لا ترضي بني موريس، ويقول: ".. ولكنني أظن أن هذه الاستقامة السياسية أصلا تسمم التاريخ. إنها تشوش قدرتنا على رؤية الحقيقة. أنا لا آخذ على هذا الصهيوني حماسته لمشروعه العنصري، ولشعبه العدواني، ولكنني أدعو الذين يرفعونه وأمثاله نماذج لهم إلى التأمل فيما يقول ويفعل، وإلى توجيه السؤال لأنفسهم: أليس لهم شعب يتعرض للإبادة منذ نيف وخمسين سنة؟! ما هو موقفهم من الذين يحاولون إبادته وتشويه نضاله وحقائقه وثقافته؟!‏ لقد وضع ألبير كامي الذي يعتبر يسارياً وأخلاقياً، في تعامله مع المسألة الجزائرية، وضع وطنه قبل الأخلاق.. حيث قال: "بالنسبة لي فإن المحافظة على شعبي أكثر أهمية من المفاهيم الأخلاقية الكونية". فهل ينزل مثقفونا وسياسيونا وإعلاميونا شعبهم وقضايه هذه المنزلة في صراعه المفتوح من أجل الوجود؟!

بني موريس مهووس باعتقاد تاريخي مريض و " بحقائق تاريخية لا وجود لها ولا دليل عليها"، ويرى أن لـه أرضاً يعود إليها بعد ألفي عام على حساب من عاش فيها ولم يغادرها منذ ما قبل فجر التأريخ حتى الآن!!، وأنه في عودته هذه يشبه الصليبي الذي غزا هذه البلاد ورده أهلها عنها. إنه يرى نفسه صليبياً في هذه العودة ـ ويركز على هذا ليستثير الغرب، ويكسبه إلى جانبه في حربه العدوانية على العرب والمسلمين.. الغرب الذي اضطهد شعبه كما تذكر المصادر، ويقول التاريخ" ـ ويقول إن الذين يريد أن يقتلعهم من أرضهم يرونه كذلك، وإنهم سيدافعون عن وجودهم، كما دافعوا عن ذلك الوجود، ضد الصليبيين.. ولأنهم يفعلون ذلك، أو قد يفعلونه يراهم برابرة، ويجب القضاء عليهم.‏

لماذا تصبح قضية الدفاع عن النفس والحق والوجود والهوية والعقيدة السماوية قضية تُستعدى من أجلها الأمم، والغرب من بين الأمم، على العرب؟ هل لأن الغرب شريك في أصل الجريمة، التي تمت بحق الشعب الفلسطيني خاصة والعربي عامة؟ أم لأن قوة الغرب ومخاوفه ورسيسه القديم، كل ذلك يجب أن تؤجج كي ينصر الصهيوني في معركته ضد من حموه يوم كان الغرب ضده بكل المعاني والمقاييس؟! يقول موريس في هذا المنحى:" أعتقد أن الغرب اليوم يشبه الإمبراطورية الرومانية في القرن الرابع، والخامس والسادس: البرابرة يهاجمونها، ومن الجائز أنهم سيدمرونها". هل هذا هو واقع الحال اليوم؟ هل العرب يهددون الغرب، وهم الذين يُذبحون وينهبون في كل وقت؟!‏

أشعر بمرارة لأن الصهاينة والغربيون ومعهم بعض العرب يحتفون بالإرهاب والعنصرية ويباركون قيام الدولة الصهيونية.. ولذا أعود اليوم بقوة وحزن إلى ذكر تلك الأمور والتذكير بها، لكي أؤكد لكل معني بشأن الحق والحرية والإنسان والإيمان، على أن الحق العربي في قلسطين هو المقدم على سواه، وأن تماهي العروبة والإسلام مدخل الخروج من المآزق والفرقة، وعلى أهمية أن نعرف من نحن وما هي المعارك الأساس التي تنتظرنا والأعداء الأول الذين ينبغي أن نواجههم بكل قوة وشجاعة ووعي وحزم.