خبر بعد حسم الوضع – وضعنا ممتاز -هآرتس

الساعة 08:44 ص|25 ابريل 2012

بعد حسم الوضع – وضعنا ممتاز -هآرتس

بقلم: دورون روزنبلوم

(المضمون: في ظل غياب رؤيا ايجابية، وتحت قيادة تبث كيدا فقط، اسرائيل وكأن بها فقط تكمن لكل تهديد او انتقاد عليها كي تهاجم منتقديها، وبعدها تنتظر الاستفزاز التالي. هذا هو معنى حياتنا السياسية اليوم -  المصدر).

عندما كان الكيان الاسرائيلي لا يزال شابا ومفعما بالامل، رسم رسام الكاريكاتير دوش الشخصية الايقونية التي تمثل النظرة الذاتية الجماعية: "شاروليك" – طفل بريء بقبعة تمبل، نواياه طيبة ويداه نظيفتان. لو كنا سنعدل اليوم هذه الايقونة، لكان محتملا ان يكون الكثير من الاسرائيليين لا يزالون يتمسكون بصورتنا الذاتية كطفل بريء في عالم معادٍ. ولكن بروح الزمن – على الاقل بالروح التي تهب من الحكومة – قبعة التمبل كانت ستستبدل بكاسكيت، والقميص الخاكي بشارة صدر صفراء.

في نظر المراقبين الاجانب، أو ذوي النظرة النقدية الاشد، اسرائيل باتت منذ الان تتخذ صورة اخرى: ربما في شكل رجل عسكري – احتلالي يعتمر قبعة دينية، يمسك ببندقية، هستيري وقصير النفس، مشكوك أن يكون مهددا للاخرين أو خائفا من تهديد الاخرين، مستعد لان يوجه "ضربة" في وجه كل غريب أو يساري يصادفه، وان يرى نفسه كضحية لاعتداء جماعي أهوج.

فعل الشيطان، النظرة المسبقة غير المثنية، هبت مؤخرا ولبست شخصية من لحم ودم. ردود الفعل الهستيرية على قضية المقدم آيزنر – هتافات تأييد في قطاعات واسعة (كشفت بذلك عن جوهرها)، ومن جهة اخرى مساعٍ لتلطيف حدة الحدث ولا سيما لاعتبارات "الاعلام" – بالذات هي تثبت كم هي هذه الصورة تمثيلية حقا. إذ لا يمكن لاي مسعى اعلامي أن ينفي السياق الذي تمر به اسرائيل. فهذه تصبح اكثر فأكثر جماعة مركزة على ذاتها دينية، كدية، ذات فتيل يقصر باستمرار، صفر صبر وتسامح تجاه كل بارقة نقد او تفكير حر لا ينسجم مع الرمز اليميني الاكثر تطرفا. وهي تعتبر كدولة متوحشة تعيش في هستيريا وقلق وجودي يشعل إواره جيدا، وترى في كل مسيرة سياسية مؤامرة، في كل حركة على الارض سببا للحرب، وفي كل انتقاد – هجمة معادية لاسامية.

في السنة الـ 64 لاستقلالها – يوجد في اسرائيل تضارب غريب. من جهة، تسليم مزعوم بخلود النزاع ومع فكر بان ليس له حل؛ ومن جهة اخرى فقدان المؤهلات والاحساس بالحصانة اللازمين للصمود امام متطلبات هذا الاستنتاج.

بدلا من الشكوى من النزاع على مدى الاجيال، يبدو أن اسرائيل باتت فقط كثر هشاشة وحساسية تجاه كل لمسة، حتى أخفها. ظل الجبل يبدو كالجبل؛ كل من يحسن في شيء للفلسطينيين يعتبر وكأنه يهددنا. كل عمل احتجاج تظاهري يعتبر "هجمة طيران" من لوفتهانزا، أو "هجمة سفن" على نمط الجيش الاسباني، وكل مراقب أجنبي يعتبر عدوا يحتاج الى "حملة" و "اندفاعا للاشتباك". كيف تستوي هذه المشاعر مع الاستعداد الموعوم للحرب الابدية؟ لعل للطبيب النفسي "للاخ الاكبر" حلول.

وكأن باسرائيل مغلفة بفقاعة وجودية غريبة: من جهة – في القشرة الخارجية – يوجد هدوء أمني نسبي، يستمر بشكل نادر ومبارك منذ ثلاث سنوات. أما في الداخل، في مكان الاحساس بالمناعة والهدوء، تعتمل المخاوف، وتتفاقم حالة ثوران الاعصاب والعنف. في ظل غياب رؤيا ايجابية، وتحت قيادة تبث كيدا فقط، اسرائيل وكأن بها فقط تكمن لكل تهديد او انتقاد عليها كي تهاجم منتقديها، وبعدها تنتظر الاستفزاز التالي. هذا هو معنى حياتنا السياسية اليوم. هذه الفقاعة – مشكوك أن تكون خلقتها شخصية رئيس الوزراء، مشكوك أن تكون تنتج قيادته – لا يمكنها أن توجد على مدى الزمن. ذات يوم ستتفجر وتفقع: من الداخل أم من الخارج. ولكن حتى ذلك الحين، وفي اعادة صياغة لاقوال نتنياهو: بعد حسم العرب، الاصوليين، الفلسطينيين، غوش دان، المتظاهرين، اليسار، الوسط، "هآرتس"، "نيويورك تايمز"، القناة 10، اورروبا، آسيا، افريقيا، اوباما، الحاضر والمستقبل – فان وضعنا لم يسبق له أن كان افضل.