خبر حرب بالوكالة..عوني صادق

الساعة 08:23 ص|20 ابريل 2012

 

التقرير الذي أعدته منظمات الأمم المتحدة مجتمعة، في مقرها العام في القدس، وقدمته إلى اللجنة الرباعية عشية اجتماعها في واشنطن، قبل بضعة أيام (11/4/2012)، عن تصاعد العمليات الاستيطانية اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما يرافقها من تهجير للمواطنين وهدم منازلهم وتجريف مزارعهم، وبخاصة في المناطق المندرجة تحت مسمى (ج) وفق تقسيمات اتفاق أوسلو، يكفي بتفاصيله الدقيقة والموثقة بأعلى درجات المهنية العلمية، كي تخرج هذه اللجنة بموقف حاسم تؤكد من خلاله حتمية وقف الاستيطان فوراً، ومسؤولية “إسرائيل” في كل ما انحدر إليه الوضع بأكمله .

 

ولكن اللجنة بكامل أعضائها، لم تجد في هذا التقرير الساخن جداً، ما يبرر خروجها بأي موقف، سوى التعبير من جانبها عن قلقها البارد من الاستيطان والمستوطنين، دون أن تغفل عن دعوة الطرفين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، أي الضحية من جانب، والجلاد من جانب آخر، إلى استئناف المفاوضات بينهما، وكأن الدمار غير حاصل، والطريق سالكة إلى حل الدولتين بما يُرام؟

 

والواقع أن هذه اللجنة بأعضائها الأربعة: الولايات المتحدة وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لا تشذ بهذا القلق البارد، عن كل دول العالم، منفردة ومجتمعة . فما من دولة في العالم، باستثناء “إسرائيل” نفسها بطبيعة الحال، إلا وجدت أكثر من فرصة، ما بين حين وآخر، وبهذا الشكل أو ذاك، للإعلان عن قلقها .

 

صحيح، أن الإيجابي في هذه المحصلة، هو أن العالم كله، دولاً ومؤسسات على اختلافها عبر قارات الدنيا، قلِق من استمرار الاستيطان اليهودي في الأراضي المحتلة . غير أن كل هذا “الإيجابي الأممي” لا ينفع في شيء على الإطلاق، طالما أنه لا يتجاوز كونه على الأرض، مجرد “فقاقيع كلام” في الهواء .

 

والأنكى من ذلك، أنه حين تعمل السلطة الوطنية الفلسطينية على تحويل هذه “الفقاقيع” ذاتها، والناتجة على الأقل، من أفواه الشرعية الدولية، إلى ما يقترب من فعل مادي ولو في حده الأدنى، بقدراتها المحدودة والمتواضعة، تجد على الفور ما يقف في سبيلها، من قبل أصحاب هذه “الفقاقيع” أنفسهم .


ما تفعله هذه السلطة لا يتمثل بأي عنف ضمن أي إجراء عملي من جانبها في السياق، وإنما ترى في رفضها الصريح والقاطع، العودة إلى طاولة المفاوضات، قبل وقف الاستيطان وإقرار “إسرائيل” بحدود الرابع من حزيران/يونيو ومبدأ حل الدولتين، مدخلاً سلمياً إلى أن يفهم العالم أن قلقه المشروع سيكون جديراً به حقاً، حين يتحول إلى قوة ضاغطة على “إسرائيل”، تجبرها على الالتزام بما يرفع أسباب هذا القلق، ويعالجها من جذورها الواضحة .