خبر عنف الجيش الاسرائيلي ضد الفلسطينيين- هآرتس

الساعة 08:27 ص|18 ابريل 2012

 

تحقيقات طويلة ومحاكم ميدانية واتهامات قليلة

بقلم: غيلي كوهين

في الـ 12 سنة التي مرت منذ نشبت الانتفاضة الثانية فُتحت مئات ملفات التحقيق في الشرطة العسكرية السرية بسبب عنف جنود بفلسطينيين باعتبار ذلك جزءا من نشاط الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية. ويُبين الفحص عن عدد من الملفات التي أثارت صدى عاما على مر السنين أن ملفات كثيرة تُغلق وأن جنودا وضباطا مشاركين لا يُحاكمون.

جرى على مر السنين توثيق طائفة من الحالات – إما بواسطة مصورين فلسطينيين محليين وإما على أيدي مصورين من قبل منظمات دولية – وساعدت الصور على التحقيق نفسه. لكن الشكاوى المؤيدة بالصور احيانا لم تؤدِ الى تأثيم وانتهى التحقيق العسكري الى لا شيء. والحديث بحسب زعم منظمات حقوق الانسان عن تعبير آخر عن أنه برغم معارضة الجهاز العسكري لاعمال العنف هذه فانها لا تنفذ الحكم في اولئك الذين نفذوا هذه الاعمال. وقد انتهت سلسلة حالات حدثت في السنين الاخيرة وأكثرها على أيدي ضباط من رتبة نقيب فصاعدا، من غير لوائح اتهام. وبحسب التدابير العسكرية يتم تقديم بعد بدء تحقيق الشرطة العسكرية السرية للفحص عن حادثة عملياتية، يتم تقديم الاستنتاجات لتنظر فيها النيابة العامة العسكرية وبعد ذلك فقط يتم اتخاذ قرار هل تُجرى محاكمة جنائية في المحاكم العسكرية. وفي الحادثة مع المقدم آيزنر ايضا يأملون في الدفاع العسكري أن ينتهي الامر الى حكم تأديبي.

يُبين الفحص عن أحداث الماضي باستثناء حالتين أن أكثر القضايا تبدأ مع صوت عالٍ وتنتهي الى توبيخ أو تأخير الترفيع للضباط لا الى حكم جنائي.

هذا ما حدث في سنة 2005 حينما جرى توثيق قائد كتيبة في سلاح المدرعات هو المقدم دافيد كمحي، وهو يضرب متظاهرا فلسطينيا في بطنه وعلى رأسه خوذة قرب قلقيلية. وقد بدأت الشرطة العسكرية في الحقيقة تحقيقا لكن لم يستقر الرأي على تقديم لائحة اتهام له. وحوكم محاكمة تأديبية تقرر فيها تأخير ترفيع رتبته سنتين. وهو اليوم يعمل رئيس قسم النظرية القتالية في شعبة العمليات.

وفي حادثة اخرى، في مظاهرة لنشطاء يسار في سنة 2003 قطع فيها نشطاء اليسار قطعا من جدار الفصل في منطقة بديا، أُطلقت النار على نشيط يسار اسرائيلي هو غيل نعماتي، على رجله وركبته. وبعد سنة من ذلك فقط ومع انتهاء تحقيق الشرطة العسكرية، استقر رأي النيابة العامة العسكرية على ألا تحاكم أحدا من الجنود والقادة محاكمة جنائية ممن كانوا مشاركين في اطلاق النار. وقد حوكم قائد السرية آنذاك شاي كالبر محاكمة تأديبية، لكن تم ترفيع رتبته بعد ذلك ويعمل اليوم قائد كتيبة في لواء غولاني.

واشتملت حادثتان أخريان على تقديم لوائح اتهام للضباط المشاركين وأثارتا صدى اعلاميا: وقعت الاولى منهما في تموز 2008. فقد وثقت صورة فيديو لشابة فلسطينية قائد الكتيبة 71 من سلاح المدرعات، المقدم عمري بوربرغ، يُمسك بمتظاهر مقيد في حين كان جندي يخضع لقيادته المباشرة هو ليوناردو كوريئه يطلق عليه رصاصا مطاطيا من مدى قصير. وعلى أثر الحادثة عُزل قائد الكتيبة عن عمله وقُدم في قائد الكتيبة والجندي لائحتا اتهام عن سلوك غير مناسب. وتدخلت محكمة العدل العليا على غير عادتها بحجة "عدم معقولية مفرط" في الجناية التي نُسبت الى المقدم بوربرغ والجندي كوريئه. وكانت هذه النقطة نقطة امتحان للنيابة العامة العسكرية: ان مسؤولين كبارا في النيابة العامة يُكثرون من ذكر ان انتقاد أدائها يقف طوال الوقت في مواجهة امتحان محكمة العدل العليا. وعلى أثر قرار الحكم الذي تم اتخاذه تم تغيير لائحة الاتهام: تم تأثيم بوربرغ وأُدين بتهديدات وتم تأخير ترفيع رتبته سنتين كانت احداهما بغير منصب قيادي. وتم تأثيم الجندي كوريئه بسبب استعمال غير قانوني للسلاح وخفضت رتبته الى قائد صف.

في سنة 2009 أُصيب بسام أبو رحمة من سكان بلعين بقنبلة غاز أُطلقت عليه من مدى قصير ومات متأثرا بجراحه في طريقه الى المستشفى. وبعد مرور أكثر من سنة فقط استقر رأي النيابة العامة العسكرية على التحقيق في الحادثة على أثر توجه منظمتي "بتسيلم" و"يوجد حكم". وما يزال التحقيق جاريا.

وفي 2007 جرى مرة اخرى توثيق ضابط من الجيش الاسرائيلي كان هذه المرة قائد سرية احتياط – هو النقيب يئير عميحاي – وهو يسلك سلوكا عنيفا ويهاجم متظاهرين عند حاجز الظاهرية. وقد صُور وهو يركل متظاهرا ويطعن بسلاحه جسم متظاهر آخر. وبعد الحادثة بدأ تحقيق الشرطة العسكرية لكن استقر رأي النيابة العامة العسكرية في نهاية الامر على عدم محاكمته جنائيا بل تأديبيا فقط.

في الشهر الماضي هاجم كلب من وحدة "عوكتس" متظاهرا قرب القرية الفلسطينية كدوم. وما يزال الفحص جاريا عن الحادثة ولم يُفتح حتى الآن ملف في الشرطة العسكرية. وقد أسمى قائد فرقة يهودا والسامرة العميد حجاي مردخاي ذلك "خطأ".

يشهدون في منظمات حقوق الانسان على أن الحادثة تُعامل في أكثر الحالات بما يشبه "المحاكم الميدانية" – بواسطة العناوين الصحفية لا في المحاكم نفسها. ولهذا يوجد ضرر مضاعف: فالى أن يصل التحقيق الى الاستنفاد يمر وقت طويل يكاد يُنسي الحادثة، وفي مقابل ذلك فان البراءة حتى تثبت الجناية لا يتم التعبير عنها بالنسبة للضباط والجنود الذين كانوا مشاركين.

بحسب معطيات "بتسيلم"، تم البدء منذ بدأت الانتفاضة الثانية الى نهاية 2011 في ضوء توجه المنظمة بـ 200 تحقيق للشرطة العسكرية تتعلق بسلوك جنود بشبهة أنهم استعملوا العنف ضد فلسطينيين. وأُغلق 134 ملف تحقيق من غير ان تُتخذ تدابير على المشاركين وقُدم 6 لوائح اتهام فقط على الجنود في هذه الحالات.

جاء عن متحدث الجيش الاسرائيلي ما يلي: "بسبب المدة الزمنية القصيرة لم يكن ممكنا الفحص عن المعطيات المذكورة، لكن النظر الأولي يُبين أنها غير دقيقة لأنه منذ 2007 تم تقديم أكثر من 30 لائحة اتهام لضباط وجنود بسبب مخالفات عنيفة وتنكيل بفلسطينيين".