خبر اجل، فشل يهودي- يديعوت

الساعة 08:20 ص|16 ابريل 2012

بقلم: سيفر بلوتسكر

تحدث الأديب أ. ب يهوشع في المدة الاخيرة عن المحرقة بمصطلحات "فشل فظيع للشعب اليهودي". وأثار كلامه انتقادا غاضبا: فها هو ذا يهودي آخر يلقي بتبعة المحرقة، جزئيا على الأقل، على اليهود أنفسهم.

لو كان قصد أ.ب يهوشع من كلامه الى تلك العيوب أو غيرها في سلوك الشعب اليهودي، وهي عيوب قد تفسر كراهية اليهود واضطهادهم، لكان الانتقاد محقا، لكن الأديب لم يقصد هذا. ففشل الشعب اليهودي بحسب كلامه في انه "برغم ألفي سنة (اضطهاد)، وبرغم جميع المصابيح الحمراء لم يدرك ما الذي ينتظره ولم يستعد".

ان يهوشع على حق: فالشعب اليهودي في أكثره بين الحربين العالميتين رفض ان يصدق التحذيرات من الطابع الفتاك لمعاداة السامية النازية، واستهان بخطب هتلر المحرضة على العرق اليهودي باعتبارها ثرثرة فارغة لرجل ضعيف الماني ولهذا لم يخط خطوات استعداد لملاقاة الشر.

ان زعم ان بنات الشعب اليهودي وأبناءه قد مُنعوا في حالة الجلاء وفي جو معاداة سامية شاملة ساد اوروبا آنذاك، من ان يفعلوا شيئا لاحباط النوايا النازية – غير صحيح، فقد كان يستطيعون مثلا ان ينظموا مظاهرات واحتجاجات بلا توقف كعادة قلة ذات تصميم وعناد. وكانوا يستطيعون مثلا محاولة الهجرة الى ارض اسرائيل. وكانوا يستطيعون مثلا تنفيذ حملة اغتيالات لنازيين كبار بل كانوا يستطيعون حتى جمع السلاح. لكن اليهود اختاروا الاعتماد على آخرين. فالحريديون اتكلوا على الله والشيوعيون اتكلوا على ستالين. واتكل اعضاء البوند على أخوية الطبقة العاملة. واتكل المثقفون على الانسانية الاوروبية.

وكان الشيء المشترك بينهم جميعا هو التوجه السلبي. فلا يوجد دلائل على تجنيد اليهود الفعال لأنفسهم لمواجهة التهديد النازي. واحتج قليلون، أما الأكثرية الصامتة فبقيت صامتة.

وهذا فشل يهودي. وهناك من يرون هذا فشل خيال يهودي: لأنه كيف كان اليهود يستطيعون ان يتخيلوا محرقة؟ لكنه ما كان يجب عليهم ان يمطوا حدود الخيال كثيرا جدا: فقد كان يجب ان تطور 1900 سنة وأكثر من الاضطهاد الشعور بالخطر القريب. ولقد شعر يهود اوروبا حقا بالرعب الذي أخذ يقترب وتقلبوا في الليالي على فراشهم في غير طمأنينة. لكنهم لم يحركوا ساكنا سوى الخوف أو لم يكادوا يحركون ساكنا. وقد فاجأت المحرقة الشعب اليهودي أقل استعدادا لمصيره من استعداد الولايات المتحدة حينما باغتها الهجوم الياباني على بيرل هاربر. واعذروني على المقارنة.

وقد ساد يهود ارض اسرائيل ايضا الانكار ودفع الحقائق وليس هذا فحسب. فالصهاينة في فلسطين اشتغلوا في ذلك الوقت بوضع أسس وطن للشعب اليهودي باعتبار ذلك ردا فعالا على السلبية اليهودية في الجلاء.

يُبين كلام أ.ب يهوشع درسا واقعيا وهو الدرس الايراني. ان النظام في طهران ليس نازيا لكنه يطمح مثل النازيين الى القضاء على أكبر جمع يهودي في العالم، أعني دولة اسرائيل. ويمكن ان يواجَه بشتى المواقف السلبية. ويمكن ان نزعم ان الشيطان غير فظيع كثيرا وأننا نستطيع ان نعيش في ظله. ويمكن ان نبين ان الذرة الايرانية ليست مشكلتنا بل مشكلة عالمية ولهذا ستحلها القوى العظمى. ويمكن ان نشير الى البنزين الغالي السعر باعتباره  موضوع احتجاج أشد الحاحا يجب التوحد حوله. ويمكن ان نعزي أنفسنا بأن كل شيء خدعة وأنه لا سبب للقلق. فذرائع عدم الفعل كثيرة لا تنقصنا كما لم تنقص قبل ثمانين سنة.

ان موقفا فعالا من التهديد الذري الايراني ليس معناه قصف المنشآت الذرية خاصة. ان معناه فاعلية يهودية – اسرائيلية ظاهرة مصممة ترمي الى منع ايران من الحصول على السلاح الذري، منعها بجميع الوسائل ومنها بالطبع الضغط السياسي والاقتصادي الحالي، وألا نجلس مرة اخرى بلا فعل في مواجهة عدو يتسلح كراهيته له متقدة. وهكذا أقرأ كلام أ.ب يهوشع في التنديد بالفشل اليهودي الفظيع في مواجهة تهديد المحرقة.