خبر ضوضاء في دولة الثرثارين- يديعوت

الساعة 08:46 ص|11 ابريل 2012

ضوضاء في دولة الثرثارين- يديعوت

بقلم: ايتان هابر

دُفعت قبل بضع سنين الى واحد من الأقسام في وزارة الدفاع الامريكية. وفي قاعة كبيرة مقسمة بستائر، جلست عشر ضابطات وضباط ومواطنون وقرأوا أوراقا، أوراقا كثيرة. وتبين لي أنني جئت الى قسم عمله الوحيد هو ان ينظر ويقرأ ويُجيز اشياء ستُقال علنا أو يكتبها عسكريون وعاملون في جهاز الامن في الاشهر القريبة. وقد تم تفحص كل كلمة لهم تحت عدسة تكبير. فأكبر وأقوى ديمقراطية في العالم لا تستطيع ان تسمح لنفسها بالفوضى.

أنا أعلم وأنا على يقين عن معرفة قليلة نسبيا بالادارات الامريكية من ان البيت الابيض مع وزارة الخارجية ومجلس النواب يشد العاملون فيها كل صباح شعورهم ويضربون كفا بكف في يأس حينما يضعون أمامهم تقريرا مفصلا عن ثرثرة قادة اسرائيل اليومية. فالرئيس ووزيرة الخارجية وحدهما يتحدثان عند الامريكيين أما الآخرون فيصمتون. ويقول الامريكيون نحن نريد ان ننقذ اسرائيل من نفسها لكن الساسة الاسرائيليين لا يُمكّنوننا من فعل هذا لأنه توجد ضوضاء كل يوم في دولة الثرثارين.

إليكم مثلا الثورة في مصر. انها خطيرة على العالم الغربي الحر وعلى الامريكيين وعلى اسرائيل بالتأكيد. والامريكيون حذرون نسبيا من كل كلمة في هذا الشأن في هذه الايام أما هنا عندنا فتصدر نشرة أخبار مع اعلان أحمق يقول: "عمر سليمان جيد لاسرائيل". ومن قال هذا؟ فؤاد بن اليعيزر، وهو زعيم ركب موجة غير سيئة بسبب ما يجري في مصر. وحاول فؤاد خاصة ان يكون حذراً في مقابلة صحفية مذياعية ولم يقل بصراحة ان "سليمان جيد لاسرائيل"، لكن محررا غير حذر "فسر" كلامه وهم يقتبسونه الآن في شوارع القاهرة، ويبدو ان هذا هو نهاية سليمان. فما هو جيد لاسرائيل يراه المصريون سيئا لبلادهم وهكذا نكافيء نحن الأغبياء اصدقاءنا.

ان الثرثرة تسبب أضرارا حقيقية، فالناس يدفعون حياتهم وحريتهم مقابل ذلك. والمثال البارز على ذلك حالة عزام عزام فما ان اعتقله المصريون حتى خرج هنا وزراء يطلبون ويسألون الافراج عنه. وحاول أفظاظ اسرائيليون القاء مصر على الارض وكانت النتيجة انه مكث في السجن ثماني سنين في حين أفرجوا في تلك الايام حقا عن اسرائيليين آخرين. أو مثلا قولهم: "الاردن هو فلسطين" – وهذا تصريح لم يكن له أي فعل قبل سنين. وبين الفينة والاخرى يقوم رجل سياسي من المعارضة على الأكثر ويكرر هذه الحماقة. ولا يؤمنون في الاردن للحظة واحدة ان عضو كنيست اسرائيليا يستطيع ان يقول شيئا سخيفا كهذا بغير موافقة السلطات، وهكذا يحظى كل نشيط ضئيل الشأن هنا بعناوين في صحفهم. ان الاردن اليوم من أنابيب الاوكسجين المهمة لاسرائيل ومن يعلن أنه فلسطين يضعضع بسخافته استقرار سلطة الملك عبد الله. والذين يظنون في اسرائيل ان الاردن هو فلسطين سيحظون بأن يروا – اذا حدث هذا والعياذ بالله – "حرس الثورة" الايراني على أبواب قلقيلية. سيقعد مبعوثو احمدي نجاد على عروق أعناقنا على مبعدة دقيقة من كفار سابا.

والمثال الأخير الواقعي هو أمر الافراج عن جونثان بولارد من السجن. ان جميع الاشخاص الساسة المشاركين في محاولات الضغط على الولايات المتحدة يركبون على الظهر الضعيف للرجل المريض الماكث منذ 27 سنة في السجن. وقاموا باستدارة على ظهره واشتهروا وبلغوا الى وظائف رفيعة الشأن في الحكومة والادارة وحظوا بعناوين صحفية وتركوه لتنهده: ونقول لهم مرة بعد اخرى ان كل علاج معلن مجلجل سيضر بشأن بولارد، لكن اذا لم ينشروا ولم يشتهروا فما الذي يعنيهم من الافراج عن هذا الرجل من امريكا؟ وحتى لو كانت نواياهم صادقة فانهم يدفنونها بتصريحاتهم. ولم يولد بعد رئيس امريكي يخشى اعلان الحرب من قبل عضو الكنيست أوري اريئيل، وبحسب علمي لم يُظهر أحد من وكالة الاستخبارات المركزية حتى الآن اهتماما بعضو الكنيست رونيت تيروش. وهم في وكالة الاستخبارات المركزية يقولون: الكلاب تنبح والقافلة تمر.

وهذه هي مشكلتنا، أعني الكلاب النابحة. فمتى سيعلمون ان الصمت في الوقت المناسب ايضا يعتبر حكمة في السياسة؟.