خبر كتاب الضباط- معاريف

الساعة 12:06 م|06 ابريل 2012

ترجمة خاصة

كتاب الضباط- معاريف

بقلم: عوفر شيلح

(المضمون: رجل الاحتياط يستدعى بأمر عسكري ولكنه يتطوع لكل أمر. أحد لا يعوضه عن الضرر الذي يلحق بعمله أو عائلته. ومع ذلك، أن يقدم الى المحاكمة على خطأ إرتكبه  دون عمد يعد أمرا غير إنساني – المصدر).

الاسبوع الماضي بدأت المرحلة الاخيرة في احدى المحاكمات الاكثر إثارة للاهتمام الان في المحكمة العسكرية. هذه قضية لم تصعد الى العناوين الرئيسة، ومن شبه المؤكد انه حتى بعد أن تنتهي لن تتلقى أكثر من بضعة سطور في الصحيفة. ولكن تصطدم فيها مواضيع وقيم لها أهمية كبيرة في الجيش الاسرائيلي وربما أيضا خارجه.

القصة نفسها قاسية: الوكيل الراحل أساف فاكسمان، المقاتل في وحدة الاستخبارات الميدانية اللوائية في الاحتياط، قتل في تشرين الثاني 2007 بانقلاب مجنزرة كان يقودها في محور في هضبة الجولان. وكان فاكسمان مهندس تكنولوجيا عليا ابن 28 وخدم في وحدة تقوم بغير قليل من الخدمة الاحتياط. هذه هي احدى مآسي هذه القصة: لا يشارك فيها سوى أناس طيبين، يفعلون أكثر من الآخرين.

الكتيبة التي خدم فيها فاكسمان بقيادة المقدم أساف، استدعيت للاستعداد لامكانية مواجهة. المقدم أساف هو ضابط مظليين قديم، يقود الكتيبة منذ 2003. وبأمر من قائد الكتيبة، نفذ ضابط آخر في الكتيبة انعاشا لسائقي المجنزرات. وكان الانعاش متشددا جدا وجرى في "ساحة أمان" مبسطة على ظهر مسار اعد على عجل. وكان الهدف اساسا التأكد من أن السواقين يتذكرون كيف يقودون المجنزرات. في السنوات التي سبقت حرب لبنان الثانية قلل من التدريب وكانت مهارات أساسية كهذه موضع شك. ولمن يؤمن بانه منذئذ "اعيد بناء الجيش الاسرائيلي" يجدر به أن يقرأ ما قاله اللواء يشاي بار – حتى وقت اخير مضى كان قائد فيلق لبنان – في فتواه الى المحكمة: "بمفاهيم عديدة، يعيش الجيش الاسرائيلي وهما من ناحية الاهلية".

من شهادات جمعتها عائلة فاكسمان بعد الحادثة يتبين أنه حذر قائده بانه لم يقد مجنزرة منذ تسع سنوات وطرح التخوف من الا يكون مؤهلا للقيادة. هذا التخوف لم يصل الى علم المقدم أساف. هو وضباط أكبر منه، لم يعرفوا بانه صدر أمر لسواقي المجنزرات بالتحزم بأحزمة الأمان. ولم يطرح هذا الامر في التدريب الذي اجرته الكتيبة قبل سنة من ذلك في تساليم، ولم يظهر في تشديدات الامان التي تلقاها أساف من المسؤولين عنه. بكلمات اللواء قائد المنطقة الشمالية في حينه غادي آيزنكوت، في التصريح الذي رفع الى المحكمة، فان "هذا واجب لم يزرع كما ينبغي في عقول القادة والجنود".

تلقى آيزنكوت نتائج التحقيق في الحادث وقرر تنحية قائد في الكتيبة من منصب، توبيخ قائد الكتيبة، ابداء ملاحظة ادارية لرئيس أركان الوحدة العقيد شلومي كوهن، ومنع أي منصب قيادي عن قائد المجنزرة، الذي كان واحدا من خمسة الجرحى في الحادث. ولم يجد سببا لعلاج قانوني. ولكن في حالة الموت يفتح تحقيق تلقائي من الشرطة العسكرية. في نهاية الامر قرر النائب العسكري الرئيس السابق، اللواء آفي مندلبليت رفع لائحة اتهام ضد الاربعة على التسبب بالموت بالاهمال. قائد المجنزرة وافق على صفقة قضائية وادين قبل وقت غير بعيد. اما الثلاثة الاخرون فيوجدون على ما يبدو في المراحل الاخيرة من المحاكمة.

نعيش بالوهم

قضايا من هذا النوع تصدرت العناوين في التسعينيات. أساس الانشغال العملياتي للجيش الاسرائيلي في تلك السنوات كان في الحزام الامني في لبنان، القتال الذي تصدر العناوين أساسا في حالات الخلل العملياتي. والى هذا اضيفت حوادث التدريب التي حظيت بصدى واسع. وفي الجيش أسموا هذه النتيجة "محامي لكل ضابط".

محافل كمنتدى قادة الكتائب والالوية في الاحتياط، ممن انشغلت من جهة بحقوق الفرد لجندي الاحتياط، حاولت الادعاء بانه لا يمكن مواصلة العمل بالاجواء التي تكون فيه التحقيقات العملياتية والصلاحيات القيادية هي مقدمة لاجراء قضائي. الانتفاضة الثانية واستئناف القتال في جبهات مختلفة أدت الى خبو الخطاب الجماهيري في هذا الشأن. ومثلما في مواضيع اخرى، في مواضيع الامن ايضا لا يكون تدخل الجهاز القضائي تمليه فقط اعتبارات تفسير القانون بل والاجواء العامة والتنظيمية أيضا.

النيابة العامة العسكرية لا تعمل في فراغ. من جهة يوجد عليها ضغط، مشروع بحد ذاته، من العائلات التي تشعر بانه لا يمكنها أن تقبل ضياع أعزائها هباء، والا تستخلص الدروس ويعاقب المذنبون؛ من جهة اخرى، يوجد لها حوار مع القيادة، التي ظاهرا لا يمكنها أن تتدخل ولكنها عمليا تعرف كيف تجتاز السور الصيني بينها وبين الجهاز القضائي عندما يكون هذا هاما حقا لها. وفي الحقيقة، لم يلمح في هذه القضية ايضا للنيابة العامة بانه من الافضل لها ألا تصل الى المحكمة.

يدورون الزوايا

لقد عرف قادة الجيش دوما انه ينبغي تدوير الزوايا كل يوم والا فانهم لن ينفذوا ما يتوجب عليهم أن ينفذوه. وبالمقابل، فانهم يعرفون بانه اذا ما حصل شيء سيء، فانهم سيدفعون الثمن. قد لا تكون هذه هي الطريقة لادارة جيش مرتب، ولكن الايمان كان بأن هكذا ايضا يصل الجيش الاسرائيلي، وبالتأكيد جيش الاحتياط الى الانجازات التي حسمت الحروب بوسائل قليلة بالنسبة لجيوش اخرى. ولكن عندما يكون رجل الاحتياط هو وحيد تقريبا في الحي، وعندما يبث له الجيش نفسه بان مساهمته هامشية، فان التفكير بانه حتى لو استثمر  جهدا في نظر قادته هو يتجاوز كل حدود، الا ان نهايته ان يقدم الى المحاكمة لانه لم يطلع على بند ما في تعليمات الامان، يصبح متعذرا.

أكثر من خمسين ضابط كبير في الاحتياط وقعوا مؤخرا على كتاب في هذه الشأن الى رئيس الاركان، بادر اليه العقيد موشيه فيشر، ويعمل فيشر منذ زمن بعيد على اقامة هيئة قضائية مهنية تحقق بالحوادث، ومشكوك أن ينجح في ذلك. عنوان الكتاب هو "عدم فهم الميدان العملياتي"، ولكن يخيل لي أنه كان ينبغي أن يكون "ليس لديكم أي فكرة عن الاحتياط وبعد قليل لن تكون لكم لا فكرة ولا احتياط". الموقعون هم هيكل منظومة الاحتياط المقاتل في الجيش، والرسالة الحقيقية خاصتهم هي: اذا واصلتم الفرض علينا لقواعد متعذرة، فاننا – القلائل الذين نقوم بالعمل – سيصعب علينا التواجد هناك.

في ذات الموضوع قال مؤخرا ضابط الاحتياط الرئيس، العميد شوكي بن عنات، انه يعجب من أين سيأتي قادة الاحتياط بعد خمس سنوات. اذا ما حاكمنا الامور حسب قصة المقدم أساف، ليس واضحا ان يكون أحد ما في الجيش يعطي الرأي في ذلك. أسهل على المرء ان يعيش في وهم.