خبر شاهد واستهتر -هآرتس

الساعة 09:20 ص|14 مارس 2012

شاهد واستهتر -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: نتنياهو عرف بانه سيتعرض للانتقاد على كتب اوشفتس، ولكنه عرف أيضا بان الاستثمار في الكارثة له مردودات سياسية. سبع سنوات على قرار حكومة شارون اخلاء البؤر الاستيطانية وعلى رأسها ميغرون ولا شيء حصل  - المصدر).

        بنيامين نتنياهو ليس سياسيا محبوبا ولا حتى صاحب قرار متميز. ولكن الرجل الذي انتخب مرتين لمنصب رئيس وزراء اسرائيل، ومن المتوقع أن يفعل ذلك للمرة الثالثة – يعرف شيئا أو اثنين عن العلاقات مع الجمهور. من الصعب التصديق بانه عندما أعد الاسبوع الماضي كتب اوشفتس قبيل خطابه في ايباك لم يشاهد انتقاد رجال اليسار وكتاب الرأي عن التخفيض في قيمة الكارثة وزرع الفزع حول قنبلة ايرانية لم تولد. شاهدها واستهتر بها. من ناحيته – وعن حق؛ حتى بعد 67 سنة، الكارثة تنجح في التأثير على اليهود.

        تداعٍ فكري مع الكارثة يساعد على هضم مظالم الاحتلال ويزيد التأييد لاسرائيل. أفكار عن اوشفتس تشوش صور جثث الاطفال الفلسطينيين الذين قتلوا في قصف سلاح الجو اليهودي على غزة. هذا علمي. مقال نشر في 2010 في مجلة "Personality and Social Psychology"، فحص عينة من مائة يهودي في عمر 17 – 81 من ثلاث جاليات في كندا، يفيد بوجود صلة واضحة بين الاطلاع والوعي بالكارثة وبين شدة القلق لدى اليهود من مغبة الابادة. الباحثون، البروفيسور ميخائيل فاهل، نيلا برنسكومبيا وستيفان رايزن، وجدوا ان الذين خضعوا للبحث وطُلب اليهم ان يكتبوا انشاء عن الكارثة، ابدوا قلقا أعلى وتضامنا جماعيا أكبر من اولئك الذين لم يُطلب اليهم كتابة شيء.

        ويقدر الباحثون بان أحد آثار شدة القلق الجماعي من الابادة يمكن أن يكون تبرير اعمال عنف ضد مجموعة خصم. وهم يستندون ضمن امور اخرى الى بحث فاهل وبرنسكومبيا من العام 2008 والذي وجد بان اليهود الذين كانوا موضع البحث وذكرت الكارثة لهم وحقيقة كون الشعب اليهودي ضحية في ماضيه، مالوا لان يروا في الفلسطينيين جذر النزاع، اكثر من باقي الخاضعين للبحث.

        بتعبير آخر، كما يجمل الباحثون، باسم الحاجة للدفاع عنها ضد الابادة، الجماعة تعطي شرعية للمس بالغير. يمكن الافتراض بان الاستثمار في الكارثة يضمن لنتنياهو مردودا سياسيا في السوق السياسية في اسرائيل ايضا. بالمقابل، اصدقاء في ألمانيا يروون بان هتافات الحرب التي يطلقها بيبي من على كل منصة في واشنطن، تثير هتافات لاسامية ضد قارعي طبول الحرب اليهود في جيل لم يعرف الكارثة ورائحة النفط الذي ترتفع سعره أقوى من رائحة الغاز.

        سبع سنين عجاف

        الانجاز الكبير لمستوطني ميغرون لا يكمن في الاتفاق مع الحكومة، والذي سيجبرهم في يوم من الايام، ربما، على الانتقال الى شقة اخرى في تلة مجاورة. نجاحهم الاكبر هو في تحويل البؤر الاستيطانية من مسألة سياسية مركزية الى خلاف قانوني عادي على ملكية الاراضي في المناطق. فصل آخر باعث على التثاؤب في المعركة ضد محكمة العدل العليا والسلام الان. من يتذكر أن ميغرون هي البؤرة الاستيطانية الاولى في قائمة البؤر التي تعهدت حكومة شارون أمام كل العالم باخلائها، الى جانب 23 بؤرة اخرى نشأت منذ يوم اقامة تلك الحكومة في اذار 2001؟ واليوم تتم سبع سنوات على قرار قضى بان الحكومة "تصادق على مبادىء وسبل العمل التي في أساس التوصيات التي توجد في فتوى المحامية تاليا ساسون، عن البؤر الاستيطانية غير القانونية".

        في حديث أجراه في الغداة مع الامين العام للامم المتحدة في حينه، كوفي عنان، الذي زار اسرائيل، أعلن شارون بان "اخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية هو جزء من الالتزامات التي اخذتها اسرائيل على عاتقها في اطار خريطة الطريق". وشرح شارون بان الاعداد لخطة فك الارتباط عن غزة يجعل من الصعب اخلاء البؤر الاستيطانية، ولكنه وعد بان "اسرائيل ستخليها كما التزمت في الماضي". ولكنه لم يقل متى.

        لكسب الوقت استخدم شارون الابتكار المعروف بتعيين لجنة وزارية، برئاسة وزيرة العدل في حينه، تسيبي لفني. حاييم رامون، الذي احتل لاحقا مكانها، أصدر تقرير بديل لتقرير ساسون واللجنة ماتت ميتة القبلة. نتنياهو، الذي كان في حينه وزير المالية، صوت الى جانب الاغلبية الساحقة من اعضاء الحكومة الذين "صادقوا على التقرير". الوحيدة التي صوتت ضد القرار كانت داليا ايتسيك، في حينه من حزب العمل ولاحقا من كديما. وقالت ان "الف رجل اطفاء لا يمكنهم أن يطفئوا الضرر الذين سيلحقه هذا التقرير باسرائيل". واقترحت التوجه فورا لتفكيك البؤر الاستيطانية بدلا من تشكيل لجنة تسوف المعالجة للنتائج الخطيرة.       

        تنبأت ولم تعرف ما الذي تنبأت به. حكومة كديما، برئاسة ايهود اولمرت، لم تخلي حتى ولا بؤرة استيطانية واحدة وتجاهلت أوامر المستشار القانوني للحكومة للكف عن نقل الميزانيات للبؤر الاستيطانية غير القانونية. بعد سبع سنوات من "تبني التقرير"، ليس فقط بقيت البؤر الاستيطانية على حالها بل انه حسب احصاء "السلام الان" ففي السبع سنوات الماضية منذ قرار الحكومة اضيف في البؤر الاستيطانية غير القانونية 155 منزلا دائما و 570 كرفانا.

        وهذه ليست النهاية. هذه الايام وثق درور أتكس، الملاحق المواظب للمستوطنات، بناء ثماني وحدات سكن جديدة في بؤرة نوفيه نحمايا الاستيطانية وتمهيد التربة لمركز تجاري في بؤرة جفعات اساف التي اقيمت على ارض خاصة وتعرف بانها "مرشحة للاخلاء". ولاحظ أتكس امس اكثر من عشرين منزلا جديدا مقام في مستوطنة عاليه. الامر تم بالتعارض مع التزام الدولة أمام محكمة العدل العليا بتجميد البناء في المكان (رد فعل وزارة العدل والادارة المدنية قبل اسبوع: "الموضوع قيد الاستيضاح").

        "هذه بالتأكيد سبع سنوات عجاف"، أجملت امس الامر ساسون بأسى. "المستوطنون ورجالهم في الحكومة انتصروا عليها". وربما، بعد سبع سنوات اخرى من حكم المستوطنين، يتبين أن هذه كانت – نسبيا – السبع سنوات السِمان.