خبر « هتكفا » سليم جبران- هآرتس

الساعة 09:44 ص|01 مارس 2012

 

بقلم: جدعون ليفي

كان مؤثرا جدا أول أمس في دار الرئيس ورسميا جدا: فهذا احتفال آخر بالديمقراطية الاسرائيلية التي تحب كثيرا ان تفرط في مدح نفسها. ان قضاة المحكمة العليا المرفوعي الرؤوس في صورة جماعية؛ والرئيسة التاركة عملها مع دموع الوداع، والرئيس المتولي عمله بخطبة متأثرة؛ أطرى الجميع بعضهم بعضا إطراءا كبيرا، مع ثناء بعضهم على بعض ومدح ديمقراطيتنا الرائعة معا. وآنذاك وقع خلل فجأة. من هو الشخص الذي بقيت شفتاه منطبقتين زمن نشيد "هتكفا"، ولماذا خرست الكلمات في حنجرته؟ وكيف يتجرأ بحق السماء؟ ان سليم جبران، أول قاضي عربي بتعيين دائم في المحكمة العليا، لم ينشد نشيد "هتكفا"، تجرأ على ألا ينشد. وحدث فورا ضجيج عالٍ فقد انتقدت "عناصر قضائية" مجهولة، ودعا دافيد روتم الى عزله، ودعت تسيبي حوطوبلي الى طيِّه، واقترح ميخائيل بن آري قانونا هو ألا يستطيع تولي عمل قاض سوى من خدم في الجيش الاسرائيلي، هكذا سيُفعل بالشخص الذي لا ينشد: سنعلمه الانشاد (أو ليذهب الى غزة).

سقطت ورقة التين دفعة واحدة وأُزيل قناع التضليل وبدت العورة للجميع. أهكذا تفعل يا جبران؟ ليس حسنا يا سيدي القاضي. إنك عُينت لعملك السامي لتغطي فقط العورة فهل تبصق الآن في البئر التي شربت منها؟ أهكذا تفعل بالمحسنين إليك الذين منحوك الكرامة السامية بفضلهم وتكرمهم؟ لكن جبران مستمر في غيِّه. فهو غير مستعد للاستمرار في الانشاد وهو يريد ان يوقف لحن نفاق. فقد منحنا أول أمس درسا آسرا في الديمقراطية لا درسا أصيلا في الانشاد فقط – وهو كيف يكون عدم الانشاد احيانا أعظم دويا من انشاد جهير.

ان جبران امتحن الديمقراطية الاسرائيلية المجيدة أول أمس، ففشلت فشلا ذريعا. كانت كل خطابات مراسم تأدية رئيس المحكمة العليا القسَم سخيفة سخيفة سخيفة، وكان صمت جبران خاصة هو الذي علمنا درسا وهو ان الديمقراطية الاسرائيلية دقيقة وهشة. لأنه يكفي ان يوجد قاض واحد لا ينضم للجوقة كي يضعضعها. أصغوا الى ردود العنف وستفهمون. واستمعوا الى الصمت المجلجل لزملائه القضاة الذين لم يدافع أحد منهم عنه. وقد خرج للدفاع عنه خاصة رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين والوزير موشيه يعلون وهما يستحقان التقدير لهذا. اجل، كان يجب ان يصدر عن المحكمة الاعلان التالي: جبران لم ينشد بحسب أمر ضميره الذي يجب ان يتم تفهمه واحترامه.

كتب جبران آخر هو الشاعر اللبناني جبران خليل جبران مرة: "يفتح الانسان فمه فقط حينما يكف عن كونه راضيا عن أفكاره". وجبران الاسرائيلي لم يفتح فمه بل صمت وكان صمته أشد جلجلة من كل أقضيته.

ان شيئا ما غير حسن يحدث لجبراننا، من المؤكد أن هذا ما يثرثرون به الآن في دهاليز قصر العدل: ففي الاسبوع الماضي لم ينضم الى جوقة القضاة التي استقر رأيها على إمضاء العفو عن مُجلي غوش قطيف ولم ينضم هذا الاسبوع الى جوقة "هتكفا".

يجب على خُمس أبناء البلاد وهم مواطنو الدولة العرب الآن ان يعترفوا لقاضيهم بالفضل، فقد أسمع صوتهم بصمته. ويجب فوق ذلك ان يشكره الآن كل الباحثين عن الديمقراطية، فقد ذكّر الجميع ان امتحانها الأعلى هو معاملتها لمن لا ينضم الى الجوقة.

ربما كان خطأ جبران في حقيقة انضمامه الى هذه المحكمة التي لا ترمي إلا لاظهار مبلغ حُسننا في أن عندنا قاضيا عربيا في العليا – التي تُجيز على نحو آلي أكثر أوامر اجهزة الامن والاحتلال؛ وهي التي يوجد بين أعضائها الآن قاض ينقض القانون الدولي ويسكن في المناطق المحتلة؛ والتي تميز الاجهزة تحتها على نحو منهجي المواطنين العرب الذين يمثلون أمامها.

قد تكون هذه الافكار خطرت بباله في الوقت الذي لم ينشد فيه، وحينما صمت كان يجب على اسرائيليين كثيرين ان ينشدوا في قلوبهم ها هو ذا قد قام آخر الامر قاض شجاع. كلا، انه لا يستطيع ان ينشد "هتكفا" وهو النشيد الوطني لدولة لا تخلص لأبناء شعبه. فهذا ليس نشيده ولا يمكن ان يكون نشيد أي مواطن عربي. وهكذا وبفضل صمت جبران ارتفع أول أمس نشيد عالٍ من المحكمة العليا هو نشيد الاحتجاج.