خبر إبلاغ ما هو مريح- هآرتس

الساعة 11:07 ص|29 فبراير 2012

 

بقلم: اسحق ليئور

لو أن الفلسطينيين أنتجوا فيلما عن أطباء اسرائيليين يطرحون جريحا فلسطينيا خارج المستشفى، ثم يطرحه رجال الشرطة بعد ذلك خارج سيارة الشرطة ليموت في الظلام لندد رئيس الحكومة بالرعايا لتحريضهم على أسيادهم. ولو أن مخرج سينما اسرائيليا أنتج فيلما وثائقيا عن طرح السجين الذي لم يُمول علاجه في شيبا لحظي بمظاهرة من قبل منظمة الرقابة، "اذا شئتم"، ولاقترحت وزيرة الثقافة على المخرج ان يصنع فيلما عن علاج اولاد فلسطينيين في مستشفياتنا.

تعلمون ان هذا الفيلم قد صُنع وهو فيلم "حياة غالية" لشلومي الدار. وحظي الفيلم بجوائز كثيرة منها جائزة الاكاديميا التي تحمست جدا لحساسية المراسل الممتاز. وكان هذا في الأساس فيلم دعاية جيدا. وقد وثق توثيقا جيدا الاخلاص الرائع للاطباء الذين يعالجون الاولاد المرضى من غزة والاولاد من اسرائيل. ولم يذكر الدار كيف منعت اسرائيل بصورة منهجية طوال عشرات السنين بناء نظم طبية في المناطق المحتلة وكيف تمنع نقل معدات طبية الى القطاع كي يستطيع اولاد مرضى الحصول هناك على العلاج، وكيف ان علاج المرضى من المناطق المحتلة هو جزء من صناعة تجلب الى المستشفيات في البلاد مالا جما، بدفع فوري وبغير تخفيض (بخلاف صناديق المرضى التي تدفع أقل من ذلك وفي وقت طويل). من الذي يدفع؟ متبرعون والسلطة، التي تمنع اسرائيل بين الفينة والاخرى، بزعرنة استعمارية اعادة الاموال التي تستحقها.

ما الصلة بين كل هذا والفضيحة التي كشف عنها حاييم لفنسون في صحيفة "هآرتس" في 17/2؟ ان الزعزعة لاستماع القصة محرجة كالقصة نفسها تقريبا. إما طرح المريض في الظلام حدث قبل "الرصاص المصبوب"، حيث فعل شباننا الممتازون اشياء فظيعة بجموع الناس والنساء والاولاد العاجزين. وأصبحت جرائم الطرف المنفذ جزءا من الحروب المنسية. ولم يُحاكم أحد على جرائم حرب ولا داعي ايضا لدخول نقاش في الفرق بين جندي يطلق قذيفة فوسفورية على بيت وبين طيار يسقط قنبلة على حفل تخريج رجال شرطة وبين هذين وطرح سجين جريح من سيارة شرطة. ان السيد ينسى عذاب العبد. والماضي يبتلع الفظائع.

الى جانب "الرصاص المصبوب"، أدى شيبا ايضا دورا ايديولوجيا في تحسين صورة الاسرائيليين. وليس فيلم الدار وحده هو الذي لمع نجمه في هذه المعركة. فقد كتبت البروفيسورة دفنه برينبويم – كرميلي من جامعة حيفا عن مسار عذاب الاولاد من غزة في طريقهم الى شيبا، وعن وسائل الاعلام التي تطمس على سياق الحصار والنفقة الكاملة على العلاج: "يظهر من الوصف تفضل انساني من دولة غنية متقدمة تنقذ حياة اولاد دولة فقيرة ما... يكمن مثل قاسٍ بصورة خاصة في تصريح مدير المركز الطبي شيبا وهو: نريد ان ننشيء هنا مركز سلام، وان نعيد ربط فرقنا الطبية بفرق من غزة، وان نسمي المركز بأسماء بنات الدكتور أبو العيش اللاتي قُتلن في "الرصاص المصبوب"، وان نعلن بصوت مرتفع أنه توجد حياة وأنها يجب ان تستمر وإن لم يشتمل عليها تقرير غولدستون ايضا".

وكان عند المدير العام ايضا ما يقول عن التقرير، ان تصور الاسرائيليين لأنفسهم بُني بواسطة طيبة القلب الخالية من المصالح، وكل ما عدا ذلك "شاذ".

نعود هنا الى طرح الجريح الفلسطيني والى تعلقنا الساذج بقصة مفردة. ان المناطق المحتلة في الشرق والغرب غارقة في عدم العلم. والاحتلال يتحول الى سلسلة طويلة من القصص التي تثير القشعريرة التي لا يبلغ أكثرها ألبتة الى الاسرائيلي على مبعدة صرخة من الظلام. ورويدا رويدا يفقد الاحتلال الاطار السياسي لمعارضيه في اسرائيل ويغرق في ثقافة الخبز والتسلية. ان عدم العلم لا يتصل بمنع تقديم التقارير بل بتقديم تقارير بصورة مُضيقة وهو يتملق تصور المستهلكين لذواتهم. ان استسلاما خالصا لليمين الاستعماري يُحدق بنا. وماذا عن القصة المزعزعة؟ آه، انها تجعلنا مرة اخرى نشعر كم نحن حساسون لا قُساة فقط.