خبر كابوس اوباما- معاريف

الساعة 10:42 ص|21 فبراير 2012

 (المضمون: لا يمكن التقليل من شدة الدراما الجارية الان بين القدس وواشنطن. على جدول الاعمال: الصيف القادم الذي يمكنه ان يشعل الشرق الاوسط بأسره - المصدر).

  يوم الاثنين، 5 اذار سيلتقي في البيت الابيض رجلان لا يطيقان الواحد الاخر، ولكنهما يحتاجان الى بعضهما البعض كالهواء للتنفس.

        الرأي الحقيقي لبراك اوباما في بنيامين نتنياهو ليس مناسبا للطباعة، ولكن الرئيس الامريكي يعرف ان الزعيم الاسرائيلي قادر على أن يشعل الشرق الاوسط في الصيف القريب القادم وان يحرق فرصه لاعادة انتخابه في تشرين الثاني. اوباما ملزم بتهدئة نتنياهو. اوباما، بقدر كبير، متعلق بنتنياهو. اما رئيس الوزراء، من جهته، فيمقت اوباما مقتا عميقا جدا لدرجة أنه كان يفضل حتى ان تنتخب تسيبي لفني بدلا منه في تشرين الثاني القريب القادم، ولكن بيبي يعرف ان في نهاية اليوم المفتاح لوقف المشروع النووي الايراني لا يوجد في جيبه، بل في جيب اوباما، ونتنياهو يرى في وقف ايات الله مهمة حياته. نتنياهو بالتالي متعلق باوباما بحيث أن الصديقين اللذين سيجلسان هناك، في الغرفة البيضوية، يوم الاثنين الخامس من اذار، متعلقان تماما الواحد بالاخر. فضلا عن ذلك، فان بوسعهما ايضا أن يجدا في وقت ما نفسيهما معلقين الواحد الى جانب الاخر.

        لا يمكن التقليل من قوة الدراما الجارية الان بين القدس وواشنطن. على جدول الاعمال: الصيف القادم الذي يمكن ان يشعل الشرق الاوسط كله، بابار النفط التي فيه، ويدفع الى الانهيار الاقتصاد العالمي معه. القاطع المذهل هو أن كل هذا، والذي بشكل عام يجري في الغرف المغلقة للدبلوماسية، يحصل هذه المرة امام الميكروفونات والكاميرات. للحظات يخيل أننا في فيلم حركة هلويدي خيالي، ولكن هذا ليس فيلما، هذا هو الواقع الذي لا يدرك، والذي تجري فيه مداولات حثيثة على احتمالات الهجوم في ايران، نعم أم لا، على التقديرات الاستخبارية المتضاربة، توجد أم لا توجد، وانزال الايدي الدبلوماسية بين القوة العظمى والحليفة العاقة، كل شيء مكشوف، كل شيء علني، كله في زمن البث الذروة، ولا يوجد مخرج يصرخ "قف" فيعيد الجميع الى السكة التي نزلوا عنها.

        كل وكالات الاستخبارات الامريكية، ولديها غير قليل منها، مجندة الان في جهد اعلى لتحقيق كل بارقة معلومة، ذرة تلميح وطرف خيط لنوايا اسرائيل الحقيقية. ينبغي الامل في أن يكون لامريكيا في هذا المجال نجاح أكبر مما كان لها في تشخيص النية الحقيقية لايران في العقد الماضي. التقدير الاستخباري الامريكي القومي الذي نشر في نهايات ولاية جورج بوش يعتبر، حتى الان، خط فصل للقصور الذي سمح لايات الله بالوصول الى هذه النقطة. لاسرائيل، بالتالي، توجد قضية معينة حين ترفض الاكتفاء بالاخطار الامريكي المستقبلي عن "القرار" الذي سيتخذه زعماء ايران "العقلايين"، قبل الانقضاض الاخير على النووي.

        الامريكيون من جهتهم يرون في هجوم اسرائيلي في الصيف القادم كابوسا يمكنه أن يشعل العالم باسره من تحت اقدامهم، يخلق فوضى عالمية ويدفع الى الانهيار ما تبقى من الاقتصاد الغربي. ناهيك عن احتمالات اعادة الانتخاب لبراك اوباما. اسرائيل، بالمقابل، وقعت في حب دور الطفل المجنون في الحي، ذاك الذي يضغط كل الجيران، اللجنة والبلدية باحتمالات الضرر الكامنة فيه، وباستعداده لتحمل النتائج. مسألة المسائل هي كم هي الوقفة الاسرائيلية اصيلة. هل نتنياهو حقا قادر على تنفيذ خطوة كهذه، تعتبر من قبل الكثيرين حوله كانتحار؟ نتنياهو، الذي يعتبر حذرا، ولا نقول متخوفا، ولا نقول الاجبن بين رؤساء وزراء العصر الجديد في اسرائيل؟ وهل ايهود باراك حقا يدفعه الى البئر كي يقفز فيه (فيكتشف انه فارغ) أم أن باراك في وقع الامر يقوم بجولة سياسية ذكية ومميزة له على بيبي، على اوباما وعلى اوروبا ايضا (وفي الطريق ينجح في البقاء وزير دفاع)؟ ليس لاحد جوابا حقيقيا على هذه المسائل.

        الامريكيون هذا يخيفهم. فهم يكرهون المفاجآت، يمقتون الامور غير المخططة، غير معتادين على حصول الامور دون ان يكونوا صادقوا عليها مسبقا، أو على الاقل دون أن يتلقوا بلاغا مسبقا فيها. على هذه الخلفية، نحن نشهد في الاشهر الاخيرة جدولا كبيرا من كبار المسؤولين الامريكيين الذين يسارعون الى القدس، جبلا هائلا من الهذر الامريكي العدواني الذي جاء لارضاء الطمع الاسرائيلي، ورقصة الشياطين الدولية الفزعة التي تصل ذرى جديدة في هذه الايام.

        في السطر الاخير، ينبغي الانتظار للقاء اياه، يوم الاثنين، 5 اذار، في البيت الابيض. اوباما سيستخدم كل ما لديه (وهو لديه) كي ينزل نتنياهو عن المغامرة الفورية. بيبي، من جهته، سيطلب ضمانات. ماذا تعني ضمانات؟ وعد رئاسي في أنه اذا انتظرت اسرائيل "موسما" آخر، الى ما بعد تشرين الثاني (الانتخابات الامريكية)، فان أمريكا تتعهد بان يكون ما سيكون، حتى لو وضع الايرانيون يدهم على القنبلة، ووضعوها على صاروخ، فان الولايات المتحدة ستهاجم كي تدمر، وتشطب التهديد النووي الايراني، فقط مثلما تعرف كيف تفعل.

        هل اوباما قادر على اعطاء مثل هذا الوعد لنتنياهو؟ مشكوك جدا. ماذا سيحصل اذا لم يعطِ؟ لا أحد يعرف حقا.