خبر صباح الخير يا إسرائيل- معاريف

الساعة 09:00 ص|08 فبراير 2012

بقلم: أرال سيغال

 (المضمون: لست أنا من يعيش الهستيريا، بل العالم هو الذي جن جنونه. من حول الكون العاصف، ثورة في كل زاوية، فوضى في الشرق الاوسط. هل سيكون الامر على ما يرام؟ ليس أكيدا - المصدر).

        في رواية الحرب والسلم الاسطورية يحاول الكاتب الروسي العظيم ليف تولستوي  التساؤل عن جوهر الحرب، غايتها ومعناها. وضمن أمور اخرى يقترح تولستوي مفاهيم عن الطريقة التي يستعد فيها الانسان للخطر. وحسب تولستوي، فانه عندما يقترب الخطر يكون هناك صوتان يتحدثان بوزن متساوٍ في قلب الانسان. أحد الصوتين يتحدث ويحلل بمنطق، يأمر الانسان بالاعتراف وبالفهم لطبيعة الخطر ووسائل التصدي له ومنعه. اما الصوت الثاني، وان كان هو ايضا منطقيا، الا انه يسعى الى حرف التفكير عن الخطر. كبت وجوده، وذلك لان الانشغال المسبق للخطر أليم ومقلق وذلك لان الانسان لا يمكنه أن يمتنع عن الخطر وعن سياق الاحداث الفتاك. ولهذا، يخيل أن الكبت هو طبيعي بالنسبة لطبيعة الانسان. عندما يكون في عزلة، كما يدعي تولستوي، فان الانسان يتوجه بشكل عام الى الصوت الاول – ويعترف بالخطر. ولكن عندما يكون الانسان جزءا من جماعة، فان الميل الجماعي هو بالذات للانصات الى الصوت الثاني.

        لا حاجة لتفصيل المخاطر التي تربض امامنا. يخيل أن الكون بكامله نزل عن السكة، والكوارث تقف في الطابور: حرب نووية، تسونامي اقتصادي، عصر جليدي جديد، والانسان الصغير، أنتم وأنا، يتلقى وابل نبوءات الغضب، يطوف على بحيرة مريرة سوداء وينتظر الامر العظيم. ولعل المنجمون كانوا محقين حين قالوا انه في العام 2012 ستحل نهاية الكرة الجميلة. لا، أنا لا أتحدث انطلاقا من الفزع. فأنا هاديء كالراهب التبتي. لست أنا من تملكته الهستيريا بل العالم هو الذي جن جنونه. ففي الكون بأشمله تعصف الثورة في كل زاوية، وأحد لا يمكنه أن يتنبأ بالمستقبل.

        يبدو أن الربيع العربي تحول نهائيا الى كليشيه عن الشتاء الاسلامي. مصر، الفقيرة والجائعة، تعيش دوامة الفوضى بنهاية بعيدة. سوريا مضرجة بالدماء – والعالم عديم الوسيلة. الويل يا فوكوياما، اين نهاية تاريخك، الهدوء، السكينة والتنور الديمقراطي الذي وعدت به؟ بعد عشرين سنة من انحلال الاتحاد السوفييتي، تنتظم القوى العظمى بالنظام القديم مع اختلاف أن هذه المرة يدس الروس والصينيون أيديهم فيما هم عديمي الذريعة الايديولوجية الماركسية. الان تسود المصالح العارية، المكشوفة، عديمة الخجل.

        وأمريكا اوباما، أمريكا التي ارادت استبدال دور الشرطي بدور المربية الفاضلة، تغمز مرة اخرى نحو شارة الشرطي والمسدس. ومثلما في الغرب القديم، فان الشرطي ملزم بان يعود لانقاذ البلدة المحترقة. النهج الاصلي لاوباما، ذاك الذي رغب في التوفيق بلطف، الاحتواء والمصالحة، فشل فشلا ذريعا في محاولة ادارة سياسة تعطي نتائج معقولة. الان على أمريكا أن تنتج تشرتشل، وليس عامل مركز جماهيري نشيط ومتعاطف.

        الشرق الاوسط مزود بترسانة فاخرة وهائلة من السلاح، مشحون بالطاقة الدينية الاصولية. اذا اضفتم الى هذه الطبخة أحاديثي عن الحرب فان نتيجة المعادلة كفيلة بان تكون أكياس سوداء. لا يؤدي الاعتراف بالتهديدات الى الرغبة في فرض الرعب والاكتئاب بل هو فقط تذكير بالنسبة لنا عن التوازن وكم هي الوحدة ضرورية في هذا الزمان. وان لم تكن الوحدة فعلى الاقل صورة وحدة. احتجاج الصيف، الاصوليين – العلمانيين، استبعاد النساء، على رأسنا جميعا تهدد الصواريخ.

        المتهكمون المهنيون وشبه المهنيين يدعون من مقاهي تل أبيب بان الحكومة تستخدم ايران وسوريا للتملص من معالجة المشاكل الداخلية. هذا ترف بائس لاناس بعيدين عن المسؤولية على مستقبل هذه الدولة. كما أنه ينبغي أن نأخذ بشكل محدود الضمان مقالات المحللين المتأكدين جدا، من على جانبي المتراس. فليس على اعتاقهم المسؤولية وليس في رقابهم دماء المقاتلين.

        ولكن الاهم، اخرجوا من الكبت. مثلما في القاعدة القديمة: يوجد شك؟ لا يوجد شك! يوجد شك.