خبر ذكريات نتنة من الخليل.. هآرتس

الساعة 10:03 ص|03 فبراير 2012

بقلم: يوسي سريد

(المضمون: جولات طلاب الثانويات الى الخليل تُبين مقدار ما للمستوطنين من هيمنة على الرأي العام في اسرائيل وما لهم من نفوذ وتسلط - المصدر).

ما الذي تعلمته هذا اليوم يا بني في المدرسة. آه يا أبوي العزيزين، تعلمت الكثير ويحسن بكما ايضا ان تتعلما. فهذه الجولة فتحت عيني. يجب ان يخجل أحد ما من كل الأكاذيب التي ألقوها علينا. ونحن نعتبر مدرسة جيدة – "قرب الجامعة" – فتخيلا ما الذي يحدث في مدارس اخرى لا تعرف ما نعرفه نحن في هذه البلاد.

علمونا طوال السنين انه ليس صحيحا ان تسمع رأيا واحدا. لكنهم في الخليل لا يسمحون للرأي الآخر بالدخول، والشرطة لا تسمح؛ في الخليل يُصرفون "محكمة التاريخ"، كما ظلت المعلمة تقول في مقام طرف واحد. أنت يا أبي تدرك المغزى لأنك محامٍ.

ما الذي اعتقده كاسرو الصمت هل أن يمر لهم هذا بصمت؟ هل ان يُمكّنوهم من الشتم وتلطيخ السمعة بلا رد؟ تفهم أمي ما الذي أقوله لأنها تُدرس الكتاب المقدس والعبرية. من أصر على الكسر فليفعل هذا في مكان آخر لا قرب مفترق الخزف.

ان ما تعلمناه هناك في يوم واحد لم نتعلمه هنا مدة ثماني سنين. فقد أوضحوا لنا الى اليوم في دروس المدنيات ان الدولة هي السيد وأنها تسيطر على المناطق كلها. جعلونا أضحوكة، فانهم لم يعرضوا علينا قط الصورة كاملة. وهذا ما يحدث حينما لا يوجد قدر كاف من الوقت لدراسة التراث. فهمت الآن فقط أنه توجد مناطق كاملة يحكمها "يقظون"، كما تُسميهم المعلمة، وهم يطهرون البيئة من الجيران بحسب الحاجة كما في سفر إشعياء.

ينبغي ألا يقصوا علينا أقاصيص لأننا لسنا أولادا. فقد رأينا بأعيننا المستوطنين يسلكون سلوك أصحاب البيت ويأمرون الجنود ورجال الشرطة بما يفعلون، فليت هذه الطاعة كانت في صفنا. فلماذا يُسمون المواطنين الذين يحافظون على من يحافظون على القانون مخالفين للقانون؟ انه عالم معكوس حقا.

أبلغت الشرطة الادارة في آخر لحظة ان كاسري الصمت لن يُسمح لهم بلقائنا. وقد تحدثوا هناك شيئا ما عن نشر في صحيفة "هآرتس"، ويجب عليكما ان تكونا أكثر اطلاعا باعتباركما من قراء هذه الصحيفة المناوئة. ان النشر السابق سبب "رقص أشباح" في "المستوطنة اليهودية"، هذا ما قالوه. ولم أفهم بالضبط من هي الأشباح التي ترقص ولماذا وكيف اعتادت شرطة اسرائيل علاج الأشباح. شاهدت ذات مرة فيلما عن طرق لطرد الأشباح لكنهم في الخليل لا يطردونهم بل هم يطردون. عالم معكوس وجديد ظهر لنا، صارت فيه الجيفة فريضة دينية بشرط ان تُفعل بترخيص من التوراة بالطبع؛ وأمي ستُفسر لك يا أبي باعتبارها مُدرسة للكتاب المقدس.

يجب علي ان أفكر في كل شيء من جديد بعد ان علمت عرضا لماذا لم تُحدثاني عن أن الله له من التأييد هنا أكثر مما لنتنياهو – 80 في المائة على الأقل – والأكثرية هي الأكثرية. كما ان القتل هو القتل كما علمونا، وأقول مرة اخرى ان هذا غير دقيق. ليس القتل جميلا في الحقيقة وهذا واضح لكن توجد احيانا ظروف مخففة، وأبي يعلم. من المؤكد أنكما سمعتما بباروخ غولدشتاين الذي كان قاتلا لكنه كان طبيبا ايضا، والطبيب لا يطلق النار عبثا بلا سبب؛ وأنتما تتفقان معي.

يجب علينا أيها الوالدان العزيزان ان نفكر في كل شيء من البدء، ومن الجيد انه يوجد وزير تربية يهتم بالتربية من جديد، ومن الجيد انه يستنتج استنتاجات ايضا من نتائج الانتخابات التمهيدية في الليكود ويعلن توسيع الجولات لتشمل الطلاب جميعا. ان جدعون هذا فتى جدي وسيصبح هنا رئيس حكومة قبل فايغلين.

نظرت هذا الاسبوع في صحيفتكما – فأنتما شخصان تفكران – وقرأت اعلانا مهما: تبرهن الابحاث على ان حاسة الشم أقوى من حواس اخرى، والروائح تثير ذكريات غير لذيذة أكثر من الاصوات. أنا أعتمد على وزير تربيتنا ليفحص ذكرياتنا، وما فعلته بنا الخليل باعتبارها مدينة نتنة بصورة فظيعة.