خبر ليحفظنا الله من اسرائيل- هآرتس

الساعة 10:57 ص|29 يناير 2012

ليحفظنا الله من اسرائيل- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: الشعب الاسرائيلي في اكثره مؤمن بإلاهه ومؤمن بانه الشعب المختار ومن هنا تنبع ظواهر العنصرية وكراهية الغير والاستهانة بالعالم أجمع والتنكيل بالفلسطينيين وغيره المصدر).

     الله موجود. ان 80 في المائة من الاسرائيليين اليهود غير مخطئين. ومن أجل هذا خاصة ينبغي أن نقول: ليحفظنا الله من نتائج استطلاع الرأي الذي قام به مركز غوتمان من قبل المعهد الاسرائيلي للديمقراطية ونشر أول من أمس في صحيفة "هآرتس". يمكن ان نرتب امورنا على نحو ما مع هذا الايمان المتقد الشامل لله. لكن ماذا نفعل مع كِبر "انت اخترتنا": 70 في المائة من الاسرائيليين اليهود يؤمنون بحسب استطلاع الرأي اهم أبناء الشعب المختار وهذا المعطى المخيف في ارتفاع فقط.

          يجب أن نشكر لمجري استطلاع الرأي فقد ازالوا القناع. فليست اسرائيل ما اعتقدتم ولا ما اعتقد العالم ولا ما يتوهم الاسرائيليون  اعتقاده. فليس ههنا مجتمع علماني ولا ليبرالي ولا متنور. لو أن الايرانيين استطاعوا أن يجيبوا بحرية لوقع شك في ان يجيب 80 في المائة من الايرانيين بانهم يؤمنون بالله، ونشك في أن يوجد ابناء شعب حر آخر في العالم ربما سوى الامريكيين يجيبون هذا الجواب. لكن من المؤكد انه لا يوجد شعب آخر في العالم مشحون بشعور استكبار كهذا كونه شعبا مختارا من بين جميع الشعوب الاخرى كلها.

          ان معطيات هذا الاستطلاع المدوي هي أن مفتاح لفهم المجتمع الاسرائيلي وسلوك حكوماته. فبهذا فقط يمكن ان نفهم الاحتلال والعنصرية والتحول الى الحريدية والخضوع للمستوطنين. فنحن في اعماق قلوبنا نقول لهذا اعددنا. لو أنهم في كل مجتمع مستنير آخر كانوا يعاملون المستوطنين والحريديين على أنهم مجموعات هامشية غامضة ومسيحانية فان معاملتهم في اسرائيل تنبع من مكان عميق جدا في المجتمع "العلماني".

          ولو أن الاحتلال كان يثير في كل مجتمع مستنير احتجاجا وامتعاضا فان النظرة اليه ههنا تنبع من ايمان ديني يسوغ كل افاعيله. ان هذا الاستطلاع يبرهن على أننا جميعا "شباب التلال". ويمكن ان نفسر ايضا ظواهر العنصرية في المجتمع نحو العرب والاجانب والنظرة المستكبرة ازاء موقف العالم بواسطة الايمان الغامض الظلامي لاكثر الاسرائيليين (70 في المائة)، الذي يقول انه يحل لنا كل شيء لانك اخترتنا.

          حتى ان الصبغة الدينية للدولة وهي أقل علمانية بكثير مما يخيل اليها، من غير حافلات في السبت، ومن غير زواج مدني ومن  غير فنادق ليست حلا، ومع العال التي تعطل في السبت وصلاة داخل البيت في كل شقة تقريبا يزيد عدد مقبليها على الدوام – يمكن ان نفسرها بواسطة معطيات استطلاع الرأي. فانه يوجد قدر اقل كثيرا من الارغام الديني مما يخيل الينا وقدر اكبر كثيرا من الاستسلام طوعا بحماقات الاصولية اليهودية. لا يمكن منذ الان ان نشكو من أن الاكثرية العلمانية رضخت للاقلية الدينية بانه ليست هنالك البتة اكثرية علمانية بل اقلية لا شأن لها فقط. وبخلاف أكثر دول اوروبا اليوم، فان الحديث عن دولة يعد فيها الملحد كلمة عيب لا يجرؤ احد تقريبا على التلفظ بها فضلا عن ان يعرف نفسه بها. ولا يمكن في دولة كهذه الحديث بجدية عن العلمانية.

          يحسن أن نعترف بالحقيقة وهي اننا مجتمع متدين تقريبا ودولة شريعة تقريبا. ولا توجد أي حاجة الى احصاء عدد معتمري القبعات الدينية والطيلسانات وما أشبه. فالرؤوس المكشوفة مؤيدة ايضا. ومن الحقائق انهم يقبلون صبغة دولتهم، حيث الدين هو الدولة والدولة هي الدين مختلطين معا. ولا توجد أي حاجة الى الشعور في الزعزعة من التطرف الديني. فالتدين هو التدين سواء أكان متطرفا أم معتدلا وهو من نصيب الاكثرية هنا. فمن جنين الى الخليل، نحن هناك قبل كل شيء لان اكثر الاسرائيليين يؤمنون ان هذه ليست أرض الاباء فقط بل ان هذه الحقيقة تمنحهم حق الاباء ايضا في السيادة والتنكيل والاحتلال – وليمضِ الى الجحيم موقف العالم ومبادىء القانون الدولي باننا أبناء الشعب المختار من بين جميع الشعوب. ومن بني براك الى مئة شعاريم، يعد هؤلاء الحريديون بقدر كبير مثلنا لكن مع لباس ولغة مختلفين وظواهر اكثر تطرفا من الايمان نفسه.

          فربما يكون كل ذلك غير ممتنع. ان دولة نشأت في ارض ما فاحتلت ارض اخرى وهي باقية فيها الى الابد تقريبا وكل ذلك على اساس قصص الكتاب المقدس؛ وجمهور لم يقرر قط أهو شعب أم ديانة؛ ودولة تدعي أنها "دولة يهودية" حتى من غير ان يعلم احد ما معنى هذا المصطلح – كل ذلك لا يمكن ان يوجد من غير قاعدة شعب مختار يؤمن بإلاهه. هذه هي اسرائيل في 2012 وليرحمن الله.