خبر عبد الله الشاعر يكتب : بين الموت والحياة..

الساعة 07:42 ص|27 يناير 2012

عبد الله الشاعر

هو ذا واق ٌ ف بين الحياة والموت، بل للدقة قل: هو ذا شامخ بين الموت والحياة، وحين تكون حياتك مك ّ بلة بالقهر وتكون حريتك رهن جنون الآخرين فلا فرق حينئذ بينها وبين الموت، بل سيغدو الموت أمنية وحلم حياة؛ لذلك لا غرابة أن يمتشق الشيخ خضر عدنان إرادته القوية وعزيمته الصادقة ليمضي نحو حتفه باسما غير آسف على هذه الحياة.

يمضي أبو عبد الرحمن ليفتح بأمعائه في جدران السجن نافذة تطل على الحرية، وفي جدار الموت نافذة تطل على الحياة.. يبلغ به الكبرياء أن يترك لأمعائه أن تأكل نفسها، ولجسده النحيل أن يفدي بما لديه من لحم قليل أمة عجزت أن تكسر القيد وتنهي ليل آلاف من المظلومين طويل.

يقف الشيخ اليوم بكل ما أوتي من عزيمة وبما تبقى من جسده لينوب عن حركة أسيرة كسرت أضلاعها وتركها التنازع على المحاصصة في عراء المحنة الدامية ونزف الحياة الذي يقترب شيئا فشيئا من الفناء!!.. يقول كلمته الفصل: أنا أرفض الاعتقال الإداري حتى لو أدى هذا الرفض إلى الشهادة.. هي كلمة لا لبس فيها ولا غموض لكنها باهظة الثمن وكثيرة العناء؛ فأي نفس هذه التي بين جنبيك يا خضر؟.. أي يقين هذا الذي سيهزم إرثا بريطانيا وعقودا من استبداد قوانين الطوارئ التي تمسكت بها عنجهية المحتل لتفرض على الشعوب إرادتها وتصادر من الشعوب إرادتهم وحقوقهم؟!..

وفي تسعينيات القرن الماضي وبعد أن تنزل علينا "أوسلو" جحيما ووبالا كنا بضع مئات من المعتقلين الإداريين نخوض نضالا ضد الاعتقال الإداري تم ّ خض عن إحداث هزات قوية في هذا الحصار الظالم، وكذلك فعلنا منذ بضع سنين، ولكن الشيخ "خضر" يقود المعركة الآن وحده.. يحارب بأمعائه على كل الجبهات دون أن يستثني جبهة الوعي الرسمي التي تتعامل مع الاعتقال الإداري كقدر لا فرار منه ولا فكاك.. يهز الوعي الفلسطيني بعصا إرادته ولا بأس إن كانت بعد أيام بكفنه؛ فلعلهم يستيقظون من غ ّ يهم السياسي ومن هزيمتهم في صراع الإرادات مع عدو لو صدقنا في صراعنا سنلقاه في ساحة الوغى أوهن من بيت العنكبوت.

بعد شهر ويزيد من الجوع والقتل ليس لدي شك في زحف الشيخ خضر نحو غايته، فالذي يعرف أبا عبد الرحمن عن قرب يدرك صلابته ويقينه، وكأني به الآن يقول لكل محاوريه: لا عليكم فوالذي محمد بيده لو وضعوا الموت في جنبي وصعدت روحي نفسا نفسا ما أسقطت من يدي راية الحرية حتى أنعم في ظلالها أو ألقى ربي راضيا مرضيا .. فالله الله يا أبا عبد الرحمن .. الله الله يا خضر وأنت تنوب عن أمة أثقلها القيد وأدمى قلبها وجوارحها.

تُرى هل الاحتلال وحده من يتحمل مأساتك التي تتفاقم كل يوم ولا نسمع من بعضهم صوتا حتى ولو خجولا؟.

واأسفاه على ثورة فلسطينية تترك ثوارها يُسامون سوء العذاب وتتقنع بالصبر والعجز الذليل.

أبا عبد الرحمن: لقد بلغت من الإرادة ما يفوق قدرة مؤسسات حقوقية تمارس عملها كوظيفة خالية من الجوهر ومن سلطة بائسة ومن فصائل دون قامتك .. لذلك الله يا أبا عبد الرحمن: لك الله لك الله.. فالله خير حافظا وهو أرحم الرحمين.