خبر أبْقوا ميغرون- هآرتس

الساعة 09:20 ص|25 يناير 2012

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: يجب ان تسحب المحكمة العليا الاسرائيلية يدها من قضية ميغرون للحفاظ على كرامتها وحُسن رأي المواطنين الاسرائيليين فيها وان تترك شأن ميغرون لتتناوله المحكمة الدولية في لاهاي - المصدر).

        يثور غثيان قوي ويهدد بخنق الحلق بسبب "اقتراح المصالحة" الذي يعرضه رئيس الحكومة على المستولين على ميغرون. ويصعب ان نحدد ما الذي سببه بالضبط. أهو حقيقة ان رئيس الحكومة استسلم مرة اخرى للمستوطنين؟ أهو الاعتراف بضعف الجيش الاسرائيلي – الذي يبدو انه يستطيع ان يهاجم ايران لكنه لا ينجح في ان يفرض سيادته على حفنة من المستوطنين؟ أوربما يكون الغثيان عارض مرض مزمن دام عشرات السنين ويعالج بالأسبرين؟.

        يبدو ان التفسير موجود هذه المرة في مكان آخر. ان اقتراح ان نمول نحن دافعي الضرائب ببنية أساسية جديدة للمستولين على الموقع الذي يبعد بضع مئات الأمتار عن ميدان الجريمة، وآنذاك فقط بعد سنتين أو ثلاث أو خمس يفحص المستوطنون عن خيار الانتقال الى الموقع الجديد – ليس اقتراح مصالحة للمستوطنين. انه تفاوض مع المحكمة العليا. انه نوع مخرج كرامة للمؤسسة القضائية العليا لدولة اسرائيل، يحفظ عليها كرامتها وتفهم أنها غير قادرة على ان تقوم بالعمل الذي تحملته وهو ان تكون المحكمة العليا ايضا لسكان المناطق من اليهود والعرب، ولدولة اسرائيل ايضا.

        تحتوي المصالحة في ظاهر الامر على تهديد للمستوطنين. اذا رفضوها فستهدم البيوت في ميغرون حتى 31 آذار كما أمرت المحكمة العليا. لكن اذا أخذنا في الحسبان سلوك الدولة حتى الآن فهذا تهديد باطل، وعلى كل حال يواجهه المستوطنون ومؤيدوهم في الكنيست بتهديد أهم وهو سن قانون يُحل البؤرة الاستيطانية المخالفة للقانون مضافا اليه انتقام سياسي من نتنياهو.

        وفي الاثناء سواء أجازت المحكمة العليا المصالحة – اذا أُحرزت – أم استعمل اعضاء الكنيست من اليمين سلاح التشريع، فقد أصبحت المحكمة العليا ضحية وسُحقت سلطتها على نحو لا يمكن تقويمه بعد. ان الوهم القضائي الذي يصاحب "سلطة القانون" في المناطق عمره كعمر الاحتلال. وان فتح المحكمة العليا أمام السكان الفلسطينيين لم يستطع ان يغطي على عورة الواقع القانوني الذي يوجد فيه جهازا قضاء مختلفان الاول للفلسطينيين والثاني لليهود.

        سن القانوني امنون روبنشتاين مصطلح "قضاء الجيوب" ليصف الحيلة القضائية التي مكّنت من اجراء القانون الاسرائيلي على اليهود في المناطق لا على السكان جميعا. وكذلك جازت المصطلحات شبه الطبيعية مثل "مصادرة من اجل حاجات الجمهور" و"وضع اليد من اجل الحاجة الامنية" جازت اختبار المحكمة العليا بلا طرفة عين تقريبا اذا استثنينا قرار المحكمة العليا الون موريه. وقد أحسنت المحكمة لعب اللعبة التي يجب عليها في اطارها ان تغطي على سلطة عدم القانون في المناطق بغطاء قانوني وألا تتدخل حيث يمكن ان تنفجر ألغام سياسية في وجه الحكومة.

        وهكذا جعلت المؤسسة القضائية العليا لدولة اسرائيل نفسها – وهي التي تلزم كل مواطن – دمية لعب في أيدي المستوطنين. لكن هذا لم يضايق المجتمع الاسرائيلي اذا استثنينا عددا من رجال القانون ذوي الضمائر. لأن المناطق في كل ما يتعلق بالمستوطنين هي ارض عجائب ممكن فيها كل شيء. والغزو هو مصادرة "قانونية"، والبؤرة الاستيطانية هي ملك من السماء، والمحكمة العليا لا تمس ألبتة بقانونية الاستيطان فهو مسألة تسوية سياسية وهي غير مخولة كما تعلمون ان تمس ذلك حتى بعصا طويلة.

        وفجأة جاءت ميغرون. فجأة رأينا صفعة على الوجه وزعزعة لقواعد اللعب المعروفة كثيرا. ان المحكمة العليا الدمثة الاخلاق أبرزت عضلاتها وأمرت بالهدم. وهذه في الظاهر حالة اخرى من حالات "غير الأوغاد قواعد اللعب ولم يقولوا لي"، كما اشتكى نائب الرئيس ريتشارد نيكسون، سبيرو أغانيو بعد فضيحة ووترغيت. لكن الحقيقة بعيدة عن هذا، فليست المحكمة العليا هي التي غيرت قواعد اللعب بشأن ميغرون لأنها تسير منذ سنين وراء ألاعيب الحكومة وذرائع وزارة الدفاع، في حين تمنحهما في كل مرة مهلة جديدة. ان المستوطنين هم الذين نسوا أنه يجب عليهم للحفاظ على "محكمتهم العليا" ان يسهموا لها اسهاما ما بين الفينة والاخرى.

        لكن من الحيوي الآن الحفاظ على كرامة المحكمة العليا الاسرائيلية على الأقل التي تعرف كيف تفرض سلطتها على مواطني دولة اسرائيل التي أصبحت "جيبا" لدولة المستوطنين. يجب على المحكمة العليا ان ترفض "المصالحة" الجديدة وان تعلن أنها تسحب يدها من قضية ميغرون. يجب وقف الألعوبة كي تبقى المحكمة العليا نزيهة في رأي مواطني دولة اسرائيل على الأقل. لتبق ميغرون على حالها وليُبحث شأنها في المحكمة الدولية. فهي المكان المناسب لهذه المخالفة القانونية.