بقلم: سافي راخلفسكي

خبر العدو الذي في الداخل- هآرتس

الساعة 09:52 ص|24 يناير 2012

حينما جاء ذلك النظام ليخلق صورة العدو وجده على هيئة اليهودي المثقف الليبرالي الاشتراكي الشيوعي الحداثي اللوطي الذي يستعين بأشباه له من يهود العالم، والذي تغرق نساؤه بالمؤامرة ويخون بلاده ويلوث العِرق.

بعد سنين وصفت صورة الشر ايضا الدوائر التي جاء منها قاتل رئيس الحكومة اسحق رابين. كان الحديث عن صورة عدو مشابه بجميع خصائصه يلوث مرة اخرى العِرق ويخون بلاده. وبعد خمسين سنة من ازالة الأختام الستة واندلاق الرؤيا الاخروية خارجا أُزيل الختم السابع من الداخل. وقد استعمل محمود احمدي نجاد وجوزيف مكارثي ايضا صورة العدو نفسها. ويضاف الآن تساؤل وجودي الى التساؤل الذي وجده الجميع عن المثقف اليهودي اليساري غير الخطير والمبعثر في العالم.

ان روح الكلام الذي جاء به المحرر الثقة لصحيفة "جيروزاليم بوست" من فم بنيامين نتنياهو موجود في فضاء العيش نفسه. ان كون صحيفة "هآرتس" و"نيويورك تايمز" العدوين الأشد خطرا على اسرائيل يضاف الى "نسي اليسار ما معنى ان يكونوا يهودا" وأخطر من ذلك أنه يضاف الى حقيقة ان نظام الشعب الذي هرب من رعب العِرق يتناول الامور العِرقية بصورة وسواسية.

ان مُدعي البلاهة بازاء من يرفضون ايجار الاثيوبيين شققا وبيعها هم الاشخاص أنفسهم الذين داسوا تحذير شلومو مولا وأجازوا "قانون لجان التمييز" الذي يدعو المواطنين الى منع "من لا يلائمون النسيج الاجتماعي – الثقافي" من ان يصبحوا جيرانهم. وهو النظام الذي ما يزال ينفق على حاخامي المدن ويدعمهم، وهم الذين حظروا بيع العرب شققا وايجارها. وهو نظام شعب اللاجئين الذي أجاز تحت جنح الظلام باشراف نتنياهو قانون انشاء معسكرات اعتقال للاجئين أفارقة ثلاث سنين بلا محاكمة.

وليس هذا في الداخل فقط. يزعم نتنياهو أنه يُجل ونستون تشرتشل. لكن تشرتشل أدرك واجب ان يوحد مواطنيه وان ينشيء أحلافا في مواجهة الخطر الوجودي حتى مع عدوه ستالين. وسار دافيد بن غوريون في الطريق نفسها حينما لاحظ ان قاعدة أمن اسرائيل هي الوحدة الاخلاقية والحلف الحقيقي مع قوة عظمى واحدة على الأقل. وحينما اعتمد اهود باراك هذا الاسبوع في صحيفة "معاريف" على ايام "مشمار هشارون" (حرس الشارون) – والقوة التي استُمدت من عدل الروح – وطلب "إبعاد الريح السيئة"، نسي انه الآن مصدر الريح.

تميزت نظم فاشية باختيار الطريق المعاكسة. طريق العنصرية والعنف الداخلي مع المقامرة الخارجية التآمرية نحو الخارج. ان العيون الدهشة ترى نظام نتنياهو يتبنى الرزمة كلها.

ليس شلدون ادلسون مجرد مقرب وممول لنتنياهو. لا يوجد أقرب منه. أُجري مع ادلسون لقاء صحفي مع صحيفة يهودية وقال ان افعال براك اوباما المضادة لاسرائيل تفضي الى خرابها. وحينما يكون ادلسون هو الممول الرئيس لحملة دعائية عنيفة لنيوت غينغريتش، والتزم بأن ينفق على حملة دعائية على اوباما 25 مليون دولار فان النظام الاسرائيلي يُرى هو الذي يفعل هذا، وفي الايام التي يوزن فيها الهجوم على ايران.

ان كلام باراك خاصة على "فضاء الحصانة" الايراني، الذي تمنحها إياه المنشأة في الجبل في قُم، يُبين كم تحتاج اسرائيل الى الشراكة مع الولايات المتحدة. وليس الحديث "فقط" عن طائرات وقنابل امريكية، ووقف الحرب الاقليمية بواسطة حاملات الطائرات وإحداث استقرار بعدها – بل عن العلاج الامريكي المتواصل بلب المشروع الايراني المدفون في الارض.

في هذه الحال يحتاج الى كل قدرة بن غوريون على الاعتدال السياسي واستعماله الوزن الاخلاقي التأليبي للاجئي "أكسودس". بدل ذلك نجد النظام الاسرائيلي المتطرف الذي يصر على المقامرة وعلى محاربة النظام الليبرالي في الولايات المتحدة علنا وعلى وطء ذكر ضحايا المحرقة بتنكيله العنصري بالمواطنين واللاجئين.

ان انحراف الربان الايطالي يفترض ان يُذكر باراك الذي يحب تشبيه السفينة والحيد الصخري بواجبه لحرس الشارون، حينما يتحدث عن وقوع 5 آلاف قتيل أو 50 ألفا أو 500 من الأبرياء يحسن ان يتذكر أنه في 1948 صمدت اسرائيل لعدد أعلى نسبيا من الضحايا بفضل روح التكافل والاعتدال السياسي. ان سفينة الكازينو التي تبحر في الريح الهوجاء المعاكسة يجب ان تقف قبل الخراب وهو يملك فعل ذلك.