حذرت بريطانيا التى استقبلت الرئيس الفلسطينى محمود عباس ضمن جولته الأوروبية اليوم الاثنين من أن الوقت ينفد أمام "حل الدولتين" للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين ونددت بالنشاط الاستيطانى الإسرائيلى ووصفته بأنه "تخريب متعمد" لجهود إقامة دولة فلسطينية.
جاء ذلك فى سياق تعليقات لرئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون ونائبه نيك كليج. وتدعم تصريحات كليج بشأن المستوطنات الإسرائيلية وتصريحات كاميرون بشأن عملية السلام الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى الوقت الذى يحاول فيه مفاوضو الجانبين إحياء محادثات السلام المحتضرة.
وتصريحات كليج من أقوى التصريحات التى تصدر عن بريطانيا حتى الآن بشأن أعقد صراع فى الشرق الأوسط، وقال "بمجرد أن تضع وقائع فعلية على الأرض تجعل من المستحيل تحقيق ما اتفق الجميع منذ سنوات على أنه المقصد النهائى فإنك عندئذ تحدث ضرراً بالغاً، فى إشارة إلى المستوطنات التى تعوق الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وأبلغ كليج الصحفيين "أنه عمل من أعمال التخريب المتعمد للافتراض الأساسى الذى جرت بشأنه المفاوضات على مدى سنوات ولهذا السبب عبرنا عن قلقنا كحكومة بتعبيرات قوية بشكل متزايد".
واستهل كليج تصريحاته بقوله، إنه لا يوجد مؤيد قوى لإسرائيل أكثر منه.
ويقوم عباس بجولة فى أوروبا بينما يجرى مفاوضون من الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى مباحثات تمهيدية بشأن استئناف المحادثات الكاملة.
وبدأت المناقشات الاستكشافية فى الثالث من يناير كانون الثانى بعد توقف طويل فى المفاوضات بعد أن علق عباس المحادثات قبل 15 شهراً بسبب توسع إسرائيل فى البناء فى المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية المحتلة، حيث يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم.
وقبلت كل أطراف محادثات السلام بأن يكون الهدف النهائى التوصل إلى حل يقوم على أساس دولتين بما يتيح إنشاء دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، لكن الجانبين مازال مختلفين بشأن حدودها ومصير اللاجئين الفلسطينيين وقضايا أخرى.
وتقول إسرائيل إن القضايا الخلافية مثل الحدود ومصير اللاجئين الفلسطينيين يمكن حلها فقط فى محادثات دون شروط مسبقة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو لأعضاء بالكنيست الإسرائيلى فى القدس أن الفلسطينيين ليسوا جادين بشأن محادثات السلام.
وأضاف قائلاً "أنا مستعد لدخول السيارة الآن والتوجه إلى (مدينة رام الله بالضفة الغربية) لكن الحقيقة يجب أن تقال.. إنه أبو مازن (عباس) الذى ليس مستعداً للاجتماع".
ويقول الفلسطينيون انه يجب على اسرائيل ان توقف اولا البناء فى المستوطنات التى يرون انها تغير قواعد اللعبة اثناء اجراء المحادثات وتعطى اسرائيل حافزا للمماطلة.
وقال كاميرون "نحن نعتقد أن الوقت ينفد.. فى بعض النواحي.. أمام حل الدولتين ما لم نتمكن من ان نتحرك قدما الآن لأنه ما لم نفعل فستزيده الوقائع على الأرض صعوبة على صعوبة ولهذا تبقى لمشكلة المستوطنات هذه الأهمية الكبيرة".
وفى فبراير شباط من العام الماضى أيدت بريطانيا وكل الأعضاء الآخرين تقريبا فى مجلس الأمن الدولى قرارا يندد ببناء المستوطنات على أساس أنها غير مشروعة وتمثل عقبة كبيرة فى طريق السلام.
واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لعرقلة صدور القرار، وهى تقول إنها تريد من إسرائيل وقف البناء الاستيطانى لكنها تعتقد أن التنديد الدولى غير مفيد.
وتقول إسرائيل إنها ستحتفظ ببعض الكتل الاستيطانية بموجب أى اتفاق سلام وذلك تماشيا مع تفاهمات تم التوصل إليها فى 2004 مع الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش.
ورحب عباس الذى من المقرر أن يزور برلين وموسكو بتصريحات نائب رئيس الوزراء البريطانى.
وقال بينما كان يقف الى جوار كليج "هذا بالضبط ما أردنا سماعه رسميا من حكومة المملكة المتحدة." وأضاف أنه لا إمكانية للعودة إلى المفاوضات دون وقف الاستيطان.
وقال كليج إن الربيع العربى فتح الباب على فترة تغيير يمكن أن تجعل المفاوضات مثمرة بشكل أكبر.
"إذا كان هناك أى وقت لتحقيق تقدم حقيقى فإن الآن هو الوقت الذى يحدث فيه الكثير من التغيير والتحول فى أنحاء المنطقة".
وقال عباس انه لم يتلق مقترحات جديدة من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو لكن المفاوضين الفلسطينيين ما زال من المقرر أن يجتمعوا مع نظرائهم الإسرائيليين مرتين أو ثلاث مرات أخرى.
وسعت اللجنة الرباعية لوسطاء السلام الدوليين المكونة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة فى أكتوبر لإحياء محادثات السلام التى انهارت بعد أسابيع من بدايتها فى 2010.
وتريد اللجنة من الجانبين تحديد مواقفهما بشأن الحدود والترتيبات الأمنية بشأن حل الدولتين المنشود بحلول 26 يناير كانون الثانى.