بقلم: أسرة التحرير
اسطورة الجيش الاسرائيلي كـ "جيش الشعب"، كل شاب وطيب الى السلاح، آخذة في التبدد مع السنين ومع تغير مهام الجيش: من حماية خطوط الهدنة والتدريب للحرب – الى جيش يحافظ أساسا على مناطق محتلة وفي داخلها، وفقط اضافة الى ذلك يتدرب الى الحروب الكبرى التي تبتعد عنه.
عندما ينظر المجتمع الاسرائيلي الى المرآة تطل عليه صورة مختلفة عن تلك التي رآها قبل 50، 35 و 20 سنة؛ وهكذا ايضا عندما ينظر الجيش الاسرائيلي في المرآة العسكرية. مصادر القوى البشرية للجيش الالزامي تغيرت، الاصول السكانية للضباط الدائمين لا تشبه اصول ابائهم، والخدمة في الاحتياط اصبحت عمليا تطوعية. واحد فقط من كل اسرائيليين يتجند الى الخدمة الالزامية، وواحد فقط من كل ثلاثة ممن ينهون الخدمة الالزامية يواصل في العقدين التاليين – وأكثر، اذا كان يريد ذلك، كقادة، طيارين وما شابه – في الاحتياط. تطلع مؤسسي الجيش الاسرائيلي للانتقال من الحياة العادية الى الطوارىء قبل ستة عقود، وعلى رأسهم وزير الدفاع دافيد بن غوريون ورئيس الاركان يغئال يدين، لانشاء ميليشيا "جنود في اجازة 11 شهر في السنة"، ممن يستدعون الى خدمة العلم ويعودون الى الحقول والمصانع، مرة اخرى لم يعد يناسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية للقرن الـ 21.
حسب تقرير غيلي كوهين في "هآرتس" اول أمس فان الصيغة الجديدة لخدمة الاحتياط تغير طبيعة المستعدين للمشاركة الفاعلية فيها – قدر أكبر من البلدات البعيدة والصغيرة، وقدر أكبر من الطلاب، وممن يحتاجون الى استكمال دخل. أيام الاحتياط تعتبر مصدرا شحيحا، يتعين على الوحدات ان توزعه بين رجالها. والاعتبار الاساس هو بالتالي اقتصادي، نوع من العدالة الاجتماعية في البزات. وتنقص مراعاة الجيش الاسرائيلي لاولئك الطلاب، مثلا عندما تتقرر مناورة كبيرة بالضبط في وقت تكون فيه امتحانات الفصل في الجامعات.
ومع أنه يمكن للاحصاءات ان تخطيء، إذ أن تعبير "البلدات الصغيرة" كان ينطبق ايضا على الكيبوتسات والموشافات التي زودت الجيش الاسرائيلي القديم بقوى القيادة والاحتياط لديه، الا ان الميل واضح بل ولعله طبيعي. الاعتبارات للخدمة في الجيش الاسرائيلي – اين، كم ولماذا – باتت تصبح أكثر فأكثر انانية، مثل اعتبارات قادة الجيش والسياسيين فوقهم.