بقلم: أمير أورن
(المضمون: يريد الغرب أو الجهة التي نفذت عملية اغتيال العالم الذري في طهران ان تنقل الى السلطات الايرانية رسالة فحواها ان كل عالم ذري يعمل في تحويل المشروع الى مشروع عسكري هو مستهدف للاغتيال - المصدر).
يقوم المشروع الذري على ثلاثة اشياء – على المادة وعلى المعدات وعلى الناس. ويحتاج السلاح الذري الى كمية ونوعية كافيتين من اليورانيوم أو البلوتونيوم؛ والى منشآت لتخصيب المادة ووسائل لنقلها الى الهدف (قنابل جوية وطائرات، ورؤوس حربية وصواريخ والى الجهاز التكتيكي – بل الى قذائف وألغام)؛ والى علماء ومهندسين ومُشغلين. الى اولئك الذين يضغطون الزر واولئك الذين يبنون ما سيطير في اللحظة التي يُضغط فيها ذلك الزر.
سيصعب على الشيعة الأشد ورعا من اولئك الذين يؤمنون بالله وأنبيائه الثلاثة، ان يؤمنوا بأن الصدفة هي التي تجعل ناس البنية التحتية الذرية يُفجَرون. هم خاصة لا غيرهم مرة كل شهرين. انهم يرتابون ان هناك تدخلا بشريا وأن لكل شحنة ناسفة تأتي فوق دراجة نارية لها عنوان هو اسرائيل.
برغم ان تصريحات كتصريح رئيس هيئة الاركان بني غانتس أول أمس بشأن ما يحدث في ايران على غير سنة الطبيعة، تميل الى تعزيز تخمين المؤامرة، فليس من المهم في الواقع هل الارتياب صحيح تماما أو أقل صحة من ذلك – وهل عمليات الاغتيال هي من انتاج اسرائيل أم أن المجاهيل الذين ينفذونها يشاركون اسرائيل في أن لهم عدوا مشتركا هو النظام الاسلامي المتطرف في طهران. ان الغموض الذي هو شقيق الغموض الذي يلف المشروع الذري الاسرائيلي هو الهدف: ففرض العمل ان اسرائيل تعلم من النشيط في المشروع الذري في ايران، وتعلم أين ومتى تعثر عليه وتعلم كيف تقتلعه من بين العلماء. وبعبارة اخرى ليعلم كل عالم ذري ايراني أنه مستهدف.
ان التسلل الى قلب عاصمة ايران أو الى المدن الساحلية أو الى شوارع نائية قرب منشآت أمنية؛ والاغتيال والهرب بغير إبقاء علامات تدل على المنفذين – كل ذلك يدل على منهجية وحرفية. لم تميز هذه الخصائص العملية التي نسبتها شرطة دبي قبل سنتين الى الموساد على محمود المبحوح، لكن قبل ذلك بسنتين نجح في دمشق اغتيال أهم لعماد مغنية بحيث بقي ميزان الارتياب على حاله.
ان المعركة الغربية على البرنامج الذري الايراني، بقيادة امريكية وشراكة دول اخرى هي ليست حربا عنها مناص. فمن غيرها سيزداد التوتر في منطقة الشرق الاوسط الى مستوى لا يُطاق. لكن اذا أردنا ان نحكم بحسب النتائج المدوية قلنا انها حرب انتقائية جدا. تُختار أهدافها في حرص. فهم ليسوا من رموز النظام بل ولا من متخذي القرارات وليسوا من المستوى الديني أو السياسي أو العسكري. ولا يعني أن هؤلاء لهم حصانة – يمكن ان يكونوا مؤمنين بصورة أفضل – لكن يبدو أنه لم يُنفق عليهم جهد شخصي منقطع النظير. قد يكون العامل في هذا غريزة البقاء عند وزراء وقادة في عواصم الغرب يخشون ردا ايرانيا على اغتيال مسؤولين كبار بصورة أكثر إحكاما من جمع المعلومات الاستخبارية تمهيدا لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، وهو قضية غير محكمة كشفت عنها نميمة؛ انه قد يكون ايضا تقديرا لمضاءلة حدود المعركة.
ان حصر عمليات الاغتيال في علماء الذرة فيه رسالة مزدوجة الى النظام في طهران هي أولا ان مُرسلي المُغتالين لن يُسلموا بحصول ايران على القدرة الذرية العسكرية. فهم مصممون على المس بها بجميع جوانبها، وهم يدركون ايضا أنه تمكن اعادة بناء كل نظام يتضرر أو يُباد – اذا وجد ناس ملائمون لاحيائه. ومن المؤكد ان يكون لهؤلاء الناس الذين يُفجَرون الآن حساب في المصرف المركزي للأهداف الغربية في فترة جهود اعادة البناء بعد مهاجمة المنشآت الذرية اذا تمت هذه من اجل تأخير البناء من جديد لما سيُهدم بضع سنين.
والثانية ان هذا ليس هجوما عاما على السلطة بل على ذراعها الذرية فقط. يُطلب الى القيادة الايرانية ان تبت أمرها، بصورة غير قوية الآن وبصورة أقوى بعد الهجوم، أتجعل عملية محصورة حربا واسعة. اذا هاجم الغرب ايران على طول الجبهة كلها فان الرد المطلوب في المقابل سيكون ردا كبيرا. في المقابل اذا كان الهجوم على النظام الذري وحده فسيبقى في يد ايران ممتلكات كثيرة ستحجم عن خسارتها في ردها على الرد مثل منشآت النفط وقواعد حرس الثورة والنظام وقادته فوق الجميع.
ان احمدي روشان قد أوصى بموته أمس قادته بأن يحاسبوا أنفسهم. كانت الدراجات النارية مع المواد المتفجرة على هيئة مبعوثين: فقد نقلت مع الحكم على العالِم الذري رسالة الى سلطات طهران ايضا.