بقلم: يعقوب احيمئير
(المضمون: دعوة الى الاجتهاد في ضم الحريديين الى الخدمة في الجيش الاسرائيلي بأن تؤخذ مطالبهم وتصوراتهم في الحسبان فتُفرد لهم وحدات خاصة لا تعارض معتقداتهم - المصدر).
تبين أمس ان المقدم موشيه رباد الذي استقال من ادارة مشروع لادماج الحريديين في الجيش لن يُعزل عن السلاح – كما استقر الرأي بعد لقاء مع قائد سلاح الجو. فرحوا في محيط رباد برفض توصية الحاخام العسكري الرئيس بابعاده، أما في الحاخامية العسكرية فأكدوا ان الشيء الأساسي هو ألا يكون حاخام سلاح الجو.
أرى انه ينبغي ان نأسى لاستقالته لأنه ينبغي التوصل الى مصالحة تشجع الحريديين على ان يُجندوا للجيش. هذا الوضع يُذكرني باليوم الذي كنت فيه في المركز الطبي شعاري تصيدق من اجل لقاء مع طبيبين مختصين أرادا علاجي: الدكتور ج. وهو عربي مسلم، والدكتور و. وهو يهودي حريدي انسدل شعر صدغيه من تحت غطاء رأسه الاخضر. لم يلتقيا قرب سريري فقط بل قرب سائر المرضى من اليهود والعرب والحريديين والعلمانيين.
هذا هو الواقع في المراكز الطبية في القدس على الأقل حيث ثلث سكانها ليسوا يهودا. انضم الاثنان مرتين في اليوم تقريبا الى مجموعة الاطباء التي انتقلت من مريض الى مريض في زيارة الاطباء في الجولة المعتادة اليومية. وهذا اللقاء بقرب أسرة المعالجين نقض ولو بصورة رمزية جدا اثنتين من المفاسد المريضة التي تُسمع بصوت عال في الخطاب الاسرائيلي.
الاولى هي الدعوى الآثمة على دولة اسرائيل لكونها "دولة تمييز عنصري"، والثانية زعم ان اليهود الحريديين لا يندمجون باختيارهم في المجتمع. وكأنهم يستغلون فقط الحقوق والاحسانات من غير ان يفوا بواجباتهم.
من المفهوم ان هذا اللقاء في المستشفى ليس برهانا ساطعا على المساواة المدنية الكاملة التي سيتم احرازها ان شاء الله، لكنه لقاء يومي يجري في اسرائيل. وفي عالم آخر هو العالم العسكري ايضا تلاحظ رغبة الحريديين في الاندماج بصورة صغيرة في الحقيقة لكنها ملحوظة. فرويدا رويدا يُجند شباب حريديون للجيش الاسرائيلي ويتم انشاء من اجلهم وحدات خاصة. في بداية ايام الجيش الاسرائيلي وضع الجنود المحافظون على الفرائض الدينية في سرايا دينية خاصة، وقضى بن غوريون، وزير الدفاع الاول، بأن تكون كل مطابخ الجيش الاسرائيلي حلالا للمحافظين على الفرائض الدينية ولغير المحافظين عليها.
وعلى ذلك لا يمكن سوى ان نأسف جدا للاختلاف الشديد الذي وقع بين الحاخام العسكري الرئيس العميد بيرتس وبين الحاخام الرئيس لسلاح الجو المقدم رباد، المسؤول عن مشروع "شاحر" الذي يُدمج جنودا حريديين في الجيش. لأنه ما هي الدعوى المركزية لدوائر علمانية على الجمهور الحريدي؟ أن الحريديين يتهربون من الخدمة العسكرية! وها هي ذي قد أُنشئت في السنين الاخيرة وحدة الشباب الطلائعيين الحريديين، وعلى أثر الاختلاف الشديد في سلاح الجو تم الكشف عن مشروع "شاحر" المخصص لحريديين مجندين. أي أن التهرب من الخدمة وقع على أذن صاغية عند فريق من الجمهور الحريدي، قطرة قطرة كما قلنا آنفا.
أليس من المناسب ان يتبنى قادة الجيش الاسرائيلي طريقة بيت هيلل ليسهلوا على اولئك المجندين الحريديين وإن يكونوا قلة، الخدمة العسكرية وألا يتصرفوا كما في بيت شماي؟ أليس الحديث عن قلة صغيرة تحرص على الصغير كالكبير ومع ذلك تُجند حتى بالرغم من جماعتها.
اذا تم تبني توجه بيت هيلل وأُحرزت مصالحة ما في الاختلاف الذي وقع في سلاح الجو، فسيكون ذلك اسهاما صغيرا لكنه نوعي ومشجع على اندماج الحريديين في الجيش الاسرائيلي. ليس أمن دولة اسرائيل معلقا بوحدة الشباب الطلائعيين الحريديين أو بوجود مشروع "شاحر". بهذا المعنى قد يُتم الجيش الاسرائيلي هدفا اجتماعيا آخر كبيرا كما فعل الجيش في سني وجوده الاولى حينما ساعدت جنديات – معلمات على اندماج المهاجرين الجدد، وسكان المساكن المؤقتة في الدولة الجديدة. اذا كان الجمهور العلماني يصر وبحق على مساواة تامة في تحمل الواجبات الذي ينبغي تطبيقه على الجميع، فيحسن ان تؤخذ في الحسبان مجموعات سكانية خاصة. على سبيل المثال يصعب ان نفترض ان يفرضوا في ايام صوم شهر رمضان على قليل من الجنود العرب المسلمين أشد مهام التدريب. أليس كذلك؟ ألا ينبغي ان نسايرهم وان نشجعهم؟.