خبر الأخذ من الضواحي من اجل المركز -هآرتس

الساعة 09:44 ص|11 يناير 2012

الأخذ من الضواحي من اجل المركز -هآرتس

بقلم: ابيرما غولان

 (المضمون: يغازل بنيامين نتنياهو قُبيل الانتخابات المتوقعة قريبا المركز السياسي الاسرائيلي على حساب الضواحي الفقيرة - المصدر).

        مليار و400 ألف شاقل – هذا هو الثمن المعلن للحيلة الانتخابية السابقة التي استلها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحظيت بالتعريف المهتريء "ثورة". ومثل جميع السوبر تانكر السابقة سيتم تنفيذ، كما وُعد، في أقسى سرعة: فقد أعلن نتنياهو ان جميع الاولاد من عمر الثالثة سيتعلمون بالمجان حتى ايلول.

        هل سيحدث هذا حقا؟ ليس هذا مهما. فنتنياهو يعلم ان ايلول بعيد جدا وان الذاكرة الجماهيرية قصيرة جدا وان وسائل الاعلام ستشغلها في اثناء ذلك كل يوم شؤون مهمة أكثر تعجلا أو عصفا مثل استطلاعات رأي تبشر بسخونة قطاع الانتخابات أو من سينضم الى قائمة يئير لبيد فيما بعد.

        آه، أجل، لبيد. يفترض ألا يكون نتنياهو في الظاهر بحسب جميع استطلاعات الرأي والمحللين قلقا: فاما أن يقتطع لبيد من كديما وإما ان يقتطع من كديما والعمل. وعلى كل حال – ستنشق كتلة اليسار – المركز بسببه أكثر وسيقوى نتنياهو على رأس كتلة اليمين الصلبة كالحديد.

        لكن يبدو ان نتنياهو لا يؤمن حقا بهذا التحليل. فحيلته الانتخابية تبرهن على انه يعتقد ان اجراءاته التالية يجب ان تغمز الطبقة الوسطى في المركز. مركز الخريطة السياسية الذي يشمئز من تشريع اليمين المعادي للديمقراطية ويزعزعه "إقصاء النساء"؛ والمركز الجغرافي الذي يقترع على نحو عام للمركز السياسي، والمركز الطبقي بالطبع الذي تنبه اليه الوعي في احتجاج الصيف الاخير تحت اسم "الطبقة الوسطى المسحوقة".

        ان نتنياهو بصفته رجل تسويق خبيرا ربما يكون السياسي ذا المجسات الأكثر حدة في اسرائيل في شؤون الانتخابات، وباعتباره كذلك لاحظ جيدا الرغبة الحقيقية التي أخرجت 400 ألف انسان الى الشوارع في الصيف، وحلل بصورة صحيحة الوجه الجمعي للمتظاهرين. ولذلك لا يهمه حي جيسي كوهين ولا حي هتكفا ولا مدن التطوير، فهي تنتمي كما يعلم الى النواة الصلبة لليكود التي تتحرك الى مناطق اخرى وبصورة هامشية فقط في حالات نادرة. ان مسيرة العجلات تثير اهتمامه وهو يصوب اليها.

        ويعلم نتنياهو باعتباره ليبراليا جديدا واضحا ان هذه الطبقة التي يتجه اليها تتحدث بلغة المال والعبء والنفقات، وتعرف كيف تُقدر التسهيلات والافضالات. ولهذا رتب لها احسانا يراوح بين 800 شاقل الى 1600 شاقل كل شهر، وهذا غير قليل. فاذا أضفنا هذا الاحسان الى الاحسان الرائع وهو الغاء الدفع عن الشراء بالانترنت والى الوعود بخفض أسعار الوقود والماء وعدد من التصريحات الجميلة (لكن الصارمة!) التي تتحفظ من "إقصاء النساء في الفضاء العام" – اتضحت الصورة ورأينا ان نتنياهو يتجه الى المركز حقا.

        لا يمكن ان نتهم نتنياهو. فالجميع اليوم يتجهون الى المركز. والجميع يريدون الاحسان الى الطبقة الوسطى، فلماذا يخسرها هو خاصة. ان المشكلة هي ان نتنياهو هو الوحيد الذي يعتمد على التأييد الآلي للضاحية الجغرافية والاجتماعية في اسرائيل، وهو الوحيد الذي يسبب لهذه الضاحية ضررا حقيقيا بمحاولاته ان يعجب المركز.

        لأن قانون التربية الالزامية المجانية من عمر الثالثة الذي سُن في 1984 ولم يُطبق منذ ذلك الحين لاسباب ميزانية موجود حقا في الضواحي. ففي نحو من 80 سلطة محلية منها شلومي والعفولة وسدروت ومغدال هعيمق ورهط وكريات شمونة وغيرها، يحظى أبناء الثالثة بتربية بالمجان تشتمل في جزء منها على يوم دراسي طويل وغذاء. وقد أُنفقت اموال في عدد من السلطات على تطوير فصول دراسية ذكية، وفترات ظهيرة ودراسات إغناء في رياض الاطفال والصفوف الدنيا.

        برغم هذا التطور المبارك، ما تزال نسبة الاولاد الفقراء في الضواحي أكبر كثيرا من نسبتهم بين السكان عامة (48 في المائة قياسا بـ 34.2 في المائة)، لاسباب كثيرة ومختلفة منها نقص شديد من مراكز العمل والمواصلات العامة الناجعة، وهما مجالان يحتاجان الى تغيير سياسة والى نفقة حكومية كبيرة.

        ان نتنياهو غير متحمس لتقديم موعد الانتخابات، لكنها حينما تُقدم موعدها يمثل "زعامة": فيقتطع اقتطاعا أفقيا من الميزانيات المباشرة وغير المباشرة للسلطات في الضواحي ويغطي باللحاف الذي سلبها إياه التربية المجانية في المركز. ويبدو ان هذا هو البداية فقط.